النظرة الاجتماعية لثقافة الجسد في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


يتضمن البدن البشري بالنسبة للأشخاص في جميع المجتمعات أكثر من مجرد عضو فيريقي يتأرجح بين الصحة والمرض، حيث يعد كذلك محو المعتقدات بشأن أهميته الاجتماعية والنفسية وتركيبه وبنائه وأدائه لوظائفه، وقد استخدم مصطلح صورة الجسد لوصف جميع الوسائل التي يتشكل بها الشخص مفهوماً عن بدنه ويحس به سواء بإدراك أو بدون إدراك.

النظرة الاجتماعية لثقافة الجسد في علم الاجتماع الطبي

ويتمثل ذلك في تعريف إيرفينغ فيشر مواقفه الجمعية والأحاسيس والتخيلات عن بدنه بالإضافة إلى الأسلوب الذي يتعلم الشخص من خلاله تنظيم وتكامل خبراته البدنية، ومن ثم فإن صورة البدن هي شيء يمتلك من خلاله الشخص في عائلة أو في مجتمع محدد، وذلك على الرغم من وجود اختلافات في هذه الصورة داخل المجتمع الواحد.

كما تعد دراسة البدن من الموضوعات المناسبة للتحليلات الأنثروبولوجية حيث تنتمي إلى المحاور التي تعين هوية الإنسان، فلن يكون الإنسان على ما هو عليه بدون هذا البدن الذي يعطيه وجهه وستكون حياته اختزالاً متواصلاً للعالم في بدنه عبر الرمز الذي يجسده، فوجود الإنسان هو وجود بدني، كما أن المعالجات الاجتماعية والثقافية والأشكال التي تعبر عن العمق البشري الكامن فيه، والقيم التي تفوقه تدور جميعها حول الفرد وحول التحولاّت التي يمر بها تعريفه وأنماط وجوده وبنيته الاجتماعية.

مستويات لفهم الثقافات والمجتمعات في الجسد

ونظراً ﻷن البدن يوجد في العمل الفردي والجماعي وفي الرمزية الاجتماعية، الأمر الذي يمثل في دراسة الارتباط بين هذه المستويات الثلاثة للبدن لفهم الثقافات والمجتمعات ومعنى الصحة والمرض.

1- المستوى الأول والأكثر بداهة وهو البدن الفردي والذي يعي بالشعور الظاهري الفينومينولوجي للتجربة الحية للجسد نفسه، حيث يعتقد منطقياً أن جميع أفراد المجتمع يشتركون على الاقل في الشعور البديهي بالذات المجسدة كوجودها منفردة عن الأجساد الفردية الأخرى، وذلك على الرغم من وجود تباين شديد بين الأعضاء التي تشكل البدن، مثل النفس والروح والعقل والمادة والذات وارتباطاتهم ببعضهم البعض وكذلك الطرق التي يحس عن طريقها البدن بالصحة والمرض.

2- المستوى الثاني هو البدن الاجتماعي والذي يدل إلى الاستخدامات التصورية للبدن كرمز طبيعي تدرس عن طريقه ثقافة وطبيعة المجتمع، وهنا يعرض البدن نموذج للتكامل العضوي في حالة الصحة، أما في حالة المرض فهو يعرض نموذج للتنافر والتنازع والتفكك الاجتماعي، وبالمقابل يعرض المجتمع في حالة الصحة وفي حالة المرض نموذج لفهم البدن.

3- المستوى الثالث وهو البدن السياسي الذي يدل إلى الانضباط والرقابة وإدارة البدن الفردي والجماعي في التكاثر والجنسانية والعمل والفراغ والمرض وهناك أنماط عديدة من أشكال الحكم تتراوح من التجمعات التي ليس لها زعيم في المجتمعات البسيطة للبحث عن الطعام والتي يتم فيها اهمال المنحرفين أو معاقبتهم بأسلوب أخرى بنبذهم من المجتمع الكلي والذي يؤدي إلى الموت.

المصدر: حسين عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والأمراض، 1983.سامية محمد جابر، علم الاجتماع العام، 2004.إقبال ابراهيم، العمل الاجتماعي في مجال الرعاية الطبية، 1991.فوزية رمضان، دراسات في علم الاجتماع الطبي، 1985.


شارك المقالة: