النظرية الطوعية عند تالكوت بارسونز

اقرأ في هذا المقال


النظرية الطوعية عند تالكوت بارسونز:

كوّن بارسونز النظرية الطوعية للفعل الاجتماعي، من خلال مراجعة تحليلية لأفكار مارشال وفيبر وباريتو ودور كايم، من حيث تفسيراتهم للرأسمالية، والأسلوب التي حلل كل منهم فيها، العلاقات بين النشاط الاقتصادي والسياق الاجتماعي الأكبر، ولذلك فقد بدى للبعض، جي روشيه مثلاً، أن بارسونز يتابع أطروحة الدكتوراة، التي كانت حول مفهوم الرأسماية في كتابات ماركس وزمبارت وفيبر.
وفي ضوء مراجعته ﻷفكار المفكرين الأربعة، تبنى بارسونز وجهة النظر التالية حول الرأسمالية: “إن الرأسمالية ينبغي أن تحلل كنظام اقتصادي وكبناء للملكية والإنتاج، يستند بشكل كلي على الأبنية الاجتماعية، والقيم والاتجاهات والسلوك غير الاقتصادي”.
ومن المسائل الهامة التي أظهرها بارسونز في مراجعته: أن المفكرين الأربعة التقوا على عكس ما كان معتقداً حول الخلاف الفكري بينهم، في مقولات النظرية الطوعية للفعل الاجتماعي، حيث رفض كل منهم الوضعية، كما أثبت كل منهم على دور الذاتية، بالتركيز على حافزية الأفراد والأهداف التي يختارونها ويسعون إلى تحقيقها، والقيم التي يلتزمون بها، علاوة على أن كل منهم قد تجاوز النفعية المتطرفة كحافزية للسلوك، مؤكدين على القيم والمعايير كقواعد سلوكية.
بمعنى آخر، فإن طوعية بارسونز تعتبر أطروحة توليفية على المستوى المنهجي، كما على مستوى أنماط الفكر بين الاتجاهات والتيارات غير المتصالحة حتى الآن، فقد ساهم بارسونز إلى تجسير الثغرة بين الأفكار المتعارضة لتقاليد الوضعية والمثالية (الموضوعية والذاتية) أو الفرد والمجتمع في الفكر السوسيولوجي.
لذلك فقد ميز بارسونز بين بُعدين:

البُعد الأول: هو البُعد الذي يهتم بالتساؤل عن ما هو نوع العوامل التي تقع في جذر الفعل؟ ومن ثم ما هو المجتمع الذي ينتج عنه ذلك الفعل؟ فهل هي عوامل تتصل بالبيئة الطبيعية الموضوعية للفاعل؟ أم هي توجيهات ذاتية تصدر عن الفاعل نفسه؟
أما البعد الثاني: فهو يطرح الفكرة المتضادة بين الاسميّة الاجتماعية والواقعية الاجتماعية، وهنا يتصل التساؤل بمنطلق تحليل الفعل هل الفرد أم المجتمع؟ وكيف يمكن لعلم الاجتماع حل هذه المشكلة على المستوى المنهجي؟ فهل يجب دراسة الفعل البشري من وجهة النظر التي تؤكد على البناءات المؤسسية، التي تنتمي إليها الفرد؟ أم من وجهة التي تؤكد على أفعال الأفراد أنفسهم.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: