النظرية الوظيفية الاجتماعية الجديدة

اقرأ في هذا المقال


النظرية الوظيفية الجديدة:

تتمثل النظرية الجديدة، كما يريد أصحابها التعبير عنها، ميلاً نظرياً، وليس نظرية مطورة، فهي تتمثل في واقعيتها مسارات وطرق متنوعة للعمل النظري انطلاقاً من طروحات تالكوت بارسونز، لقد ظهرت الوظيفية الجديدة في الثمانينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة وألمانيا، ومن أبرز روادها جفري الكسندر في الولايات المتحدة.
يثبت الكسندر في كتابه الوظيفية الجديدة، أن المعركة ضد البارسونية، قد حسمت في عام 1980، فنظريات الصراع، والتبادل، التفاعل، الإثنوميثودولوجي، والنظرية الماركسية، أبرزت أمور في غاية الأهمية بينت عن طريقها ضعف نظرية بارسونز في جوانب متعددة، وتمثل وجهة نظر الكسندر في أننا نعيش اليوم حالة ما بعد بارسونية في التنظير السوسيولوجي، وهي تمثل حركة توليفية، تريد بصورة رئيسية، الوصل بين النظريات طويلة الأجل، والنظريات قصيرة الأجل.
يتابع ألكسندر وبول كولومي، في مقالهما نحو وظيفة جديدة، والانفتاحات التي أجراها ايزنشتات في وظيفية بارسونز، وبصورة خاصة إمكانية احتواء نظرية الصراع، والتفاضل الاجتماعي، والتغير، لقد أدرك آيزنشتات أن تمديد وتوسيع طروحات بارسونز، لتتضمن مسائل القوة وتفاضلاتها وما ينشأ عنها من تغيرات، واحتواء الاتجاهات السوسيولوجية المتنوعة يعتبر أمراً مفيداً وينطوي على ثراء عظيم، ومثال على ذلك أن النظم السياسية لا تدرك فقط باعتبارها منتجة للتكامل، ولكنها تمثل قوة مؤسسية مهيمينة على المجتمع.
ولذلك معنى (اللاعدالة) قد يظهر عن طريق انتهاك هذه القوة لمصالح المجتمع العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار إدراك الأفراد وإحساسهم بهذه الانتهاكات وتطويرهم ﻷدوات رمزية مشتركة توضح الواقع الإشكالي وتفسره.
لقد اعترف بارسونز بتفاضلات القوة، ولكنها قائمة بتدرجها من أجل إنجاز المصالح العامة والعدالة الاجتماعية، وما فعله آيزنشتات، كما يوضح الكسندر وكولومي، هو أنه غير اتجاه نظرية بارسونز مستخدماً مقولات نظرية الصراع والتفاعلية الرمزية، ولكن كما هو واضح فإن آيزنشتات لم يحتفظ إلا بنقطة الانطلاق التي طرحها بارسونز، وعمل بدوره على تغيير محتواها.
لقد كانت طريقة جفري الكسندر في التصرف مع الانتقادات الموجهة لبارسونز هي التسليم بها، وقد أفضى هذا إلى بعض الأعمال القيمة، فقد عمل الكسندر على تخفيف حدة النظرية الوظيفية من خلال إلغاء حتمية التفسير السببي الذي تحتمه فكرة التراتب السبرنطيقي، ولذلك فإن التطور الاجتماعي قابلاً لكل الاجتماعات، ويستخدم الكسندر فكرة التوازن بكونها نقطة مرجعية، حيث أن التوازن دائماً هو توازن متحرك، كما تُقر الوظيفية الجديدة بفكرة التمايز أو التفاضل، التي تمثل صيغة من صيغ التغير الاجتماعي.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: