الهيكل الأساسي للعلامات

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من أن هناك صورة عامة لأفكار مؤسس علم العلامات والدلالة والرموز تشارلز ساندرز بيرس حول الهيكل الأساسي للعلامات، إلا أن بعض العلماء وجدوا الميزات موجودة بشكل أو بآخر أو تم التركيز بشكل أكبر أو أقل في نقاط مختلفة في تطوير نظرية عن علم العلامات، فإن هذا الهيكل الأساسي والعلاقة بين العناصر هي بيانات لتطوير هذه النظرية.

الهيكل الأساسي للعلامات

كتب مؤسس علم العلامات والدلالة والرموز تشارلز ساندرز بيرس في أحد تعريفاته العديدة للعلامة على أنها أي شيء يتم تحديده من خلال شيء آخر، ويسمى موضوعها، وبالتالي تحدد تأثيرًا على الشخص، وهو التأثير الذي يسميه مفسرها، وبالتالي يتم تحديد اللاحقة من خلال الأول، وما يتم رؤيته هنا هو ادعاء تشارلز ساندرز بيرس الأساسي بأن الإشارات تتكون من ثلاثة أجزاء مترابطة: علامة وكائن ومفسر، ومن أجل البساطة يمكن التفكير في العلامة على أنها الدال، على سبيل المثال كلمة مكتوبة كعلامة أن الدخان علامة للنار وما إلى ذلك.

والكائن هو الشيء الذي ترتبط به الكلمة المكتوبة أو المنطوقة، أو على سبيل المثال النار التي دلَ عليها الدخان، ويُنظر إلى المفسر وهو السمة الأكثر ابتكارًا وتميزًا في وصف تشارلز ساندرز بيرس، على إنه الفهم الذي لدى المرء لعلاقة الإشارة أو الكائن.

وتكمن أهمية المفسر لتشارلز ساندرز بيرس في أن الدلالة ليست علاقة ثنائية بسيطة بين الإشارة والموضوع، فالعلامة تعني فقط في التفسير، وهذا يجعل المترجم الفوري مركزيًا لمحتوى العلامة، حيث أن معنى العلامة واضح في التفسير الذي تولده في مستخدمي الإشارة، ومع ذلك فإن الأمور أكثر تعقيدًا قليلاً من هذا.

عنصر الدلالة للعلامات

أول شيء يجب ملاحظته هو أن هناك بعض الصعوبات الاصطلاحية المحتملة هنا، ويبدو كقول أن هناك ثلاثة عناصر للعلامة أحدها هو العلامة، وهذا محير ولا يعكس فكرة تشارلز ساندرز بيرس بالكامل، وبالمعنى الدقيق للكلمة بالنسبة لتشارلز ساندرز بيرس الكل مهتمون بالعنصر الدلالي، وليست الإشارة ككل هي التي تدل.

وعند الحديث عن العلامة كعنصر دلالة فإنه يتحدث بشكل أكثر ملاءمة عن الإشارة المصقولة إلى تلك العناصر الأكثر أهمية لعملها كدالة، ويستخدم تشارلز ساندرز بيرس مصطلحات عديدة للعنصر الدال، بما في ذلك علامة وممثل وتمثيل وأرضية، وهنا يتم الأشارة إلى عنصر الإشارة المسؤول عن الدلالة على إنه مركبة الإشارة.

وربما يكون من الأفضل توضيح فكرة تشارلز ساندرز بيرس القائلة بأن العلامة لا تعني من جميع النواحي ولديها عنصر دلالة معينة، على سبيل المثال الخلد الموجود في الحديقة كدليل على وجود حيوانات الخلد، ولا تلعب كل سمة من سمات الخلد دورًا في الإشارة إلى وجود حيوانات الخلد، ويلعب لون التلال دورًا ثانويًا لأنه سيختلف وفقًا للتربة التي يتكون منها، وبالمثل تختلف أحجام التلال وفقًا لحجم الخلد الذي يصنعها، لذا مرة أخرى هذه الميزة ليست أساسية في قدرة العلامة على الدلالة.

وما هو مركزي هنا هو العلاقة السببية الموجودة بين الكومة في الحديقة وحيوانات الخلد، وبما أن حيوانات الخلد تصنع التلال فإن التلال تشير إلى وجود الخلد، وبالتالي القدرة على الإشارة إلى الخلد هو الاتصال المادي الغاشم بينها وبين الخلد، وهذه هي العلامة اللافتة، وبالنسبة لتشارلز ساندرز بيرس إذن فإن عنصرًا ما من الإشارة فقط هو الذي يمكّنها من الإشارة إلى موضوعها، وعندما يتحدث عن العنصر الدلالي للإشارة أو بالأحرى علامة الإشارة فإن هذه العلامة المؤهلة هي التي يقصدها.

الكائن

تمامًا كما هو الحال مع العلامة ليست كل سمة من سمات الكائن ذات صلة بالدلالة، فقط ميزات معينة للكائن هي التي تمكن الإشارة للدلالة عليها، وبالنسبة إلى تشارلز ساندرز بيرس، فإن العلاقة بين كائن الإشارة والعلامة التي تمثلها هي علاقة تحديد، أي الكائن هو الذي يحدد العلامة، وإن مفهوم تشارلز ساندرز بيرس عن التحديد ليس واضحًا بأي حال من الأحوال وهو مفتوح للتفسير، ولكن لربما يكون من الأفضل فهمه على إنه وضع قيود أو شروط على الدلالة الناجحة بواسطة الكائن، بدلاً من الكائن المسبب أو المولّد للإشارة.

والفكرة هي أن الكائن يفرض معلمات معينة يجب أن تقع ضمنها العلامة إذا كانت ستمثل هذا الكائن، ومع ذلك فإن خصائص معينة فقط للكائن هي ذات الصلة بعملية التحديد هذه، ولرؤية هذا من منظور مثال الخلد الموجود في الحديقة كدليل على وجود حيوانات الخلد فالعلامة هي الخلد، والهدف من هذه العلامة هو الخلد، ويحدد الخلد العلامة بقدر ما إذا كان الخلد ينجح كعلامة على وجوده، ويجب أن يُظهر الوجود المادي للتلال أو الكومة، وإذا فشل في القيام بذلك فإنه يفشل في أن يكون علامة على ذلك الكائن.

وقد تتضمن العلامات الأخرى لهذا الكائن بصرف النظر عن التلال وجود فضلات الخلد أو نمط معين من هبوط الأرض على الحشائش، لكن كل هذه العلامات مقيدة بالحاجة إلى إظهار الوجود المادي، ومن الواضح إنه ليس كل شيء عن الخلد وثيق الصلة بعملية التقييد هذه، ومع ذلك لا تعتبر أي من هذه الميزات ضرورية للقيود المفروضة على الكائن.

المترجم الفوري

على الرغم من وجود العديد من الميزات للمترجم الفوري التي تحمل المزيد من التعليقات، إلا أن علماء الاجتماع قد ذكروا هنا اثنين فقط، هما:

أولاً، على الرغم من إنه تم وصف المترجم الفوري على إنه الفهم الذي نصل إليه لعلاقة إشارة كائن إلا إنه ربما يكون من الأنسب التفكير فيه على إنه ترجمة أو تطوير للإشارة الأصلية، والفكرة هي أن المترجم الفوري يقدم ترجمة للعلامة، مما يسمح لنا بفهم أكثر تعقيدًا لموضوع الإشارة، وفي الواقع يؤكد علماء الاجتماع على الحاجة لمعاملة المترجمين الفوريين على أنهم ترجمات، حتى أنهم اقترحوا إنه كان ينبغي على تشارلز ساندرز بيرس أن يطلق عليها المترجم.

ثانيًا، تمامًا كما هو الحال مع علاقة إشارة الكائن، يعتقد تشارلز ساندرز بيرس أن علاقة إشارة المفسر هي علاقة تحديد، أي تحدد الإشارة المفسر، بالإضافة إلى ذلك هذا التحديد ليس تحديدًا بأي معنى سببي، بدلاً من ذلك تحدد العلامة المفسر باستخدام ميزات معينة للطريقة التي تشير بها الإشارة إلى موضوعها لتوليد الفهم وتشكيله، لذا فإن الطريقة التي يولد بها الدخان أو يحدد علامة مفسرة لشيء هي من خلال تركيز الانتباه على العلاقة المادية بين الدخان والنار.

وبالنسبة لتشارلز ساندرز بيرس إذن فإن أي مثال للدلالة يحتوي على إشارة مركبة وموضوع ومترجم، علاوة على ذلك يحدد الكائن العلامة عن طريق وضع قيود يجب أن تفي بها أي علامة إذا كانت للدلالة على الكائن، وبالتالي فإن الإشارة لا تدل على موضوعها إلا بحكم بعض سماتها، بالإضافة إلى ذلك، تحدد العلامة المفسر من خلال تركيز الفهم على سمات معينة لعلاقة الدلالة بين الإشارة والموضوع، وهذا يُمكن من فهم موضوع العلامة بشكل كامل.

المصدر: السيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملسيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: