تصورات خاطئة عن معنى التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


إن التغير الاجتماعي هو تتابع الاختلافات خلال الزمن في وحدة مستمرة، فإذا لم يتوفر في المكان وحدة مستمرة بغض النظر عن هذه الوحدة كانت شجرة أو كائن حي أو دولة أو نسق قرابي أو نسق اجتماعي أو دور اجتماعي أو معيار فلن يكون هناك شيء يتحدث به العلماء عن تغييره.

الصراع والتوتر ودوره في حدوث التغير الاجتماعي:

إن الصراعات والنزاعات ومظاهر عدم الانسجام متضمنة بشكل دائم في السلوك الاجتماعي بغض النظر عما قد يظهر على البناء الاجتماعي من ثبات أو مرونة، ويعبر علماء الاجتماع عن ذلك بعدد من المصطلحات مثل: توترات الأدوار أو صراعات الأدوار أو التناقضات المعيارية، وبالتالي فهذا يدل على وجود علامات أولية للانحراف والاغتراب واللامعيارية موجودة بصفة دائمة في داخل البناء الاجتماعي.

ولكن هذه المسائل جميعها بغض النظر عن صفتها الدينامية ليست تغير على الرغم من أنها قد تكون مرتبطة بالتغير وهذه النقطة غاية في الاهمية من أجل دراسة السلوك الاجتماعي، حيث يعتقد أحياناً أنه نظراً لوجود التوترات والصراعات الداخلية بصفة دائمة ومستمرة في التنظيم الاجتماعي أو الجماعة فلا بد للتغير أن يحدث.

الدوام والتغير الاجتماعي:

في أي شكل من أشكال السلوك تشغل مسألة الدوام مكان مرموق على الرغم من أن كثير من مظاهر الصراع والتوتر والعدوان كامنة، ولكن إذا ما تم تحديد هذا فيما يستطيع الأفراد أن يلاحظوا فإنهم لا يستطيعون إيجاد التغير الذاتي في أي بناء اجتماعي، وأن ما يتم ملاحظته وما يتوقع إيجاده هو الدوام والاتصال.

وإذا كان التغير دائم ومظهر داخلي للحياة الاجتماعية فيجب أن يكون أكثر وضوحاً في هذه الأيام، وبشكل خاص في ميدان الثقافة الإنسانية التي هي بطبيعتها أكثر عرضة من خلال معاييرها للتغير ويكفي الإشارة إلى العلم والمعرفة الإنسانية وتتبعها فإنه سيتم ملاحظة التغير على مر السنين.

تغير النموذج وتغير البناء:

إن فهم الخطوة الأولى في فهم التغير هي فهم ظواهر الدوام والاتصال، وتكون الخطوة الثانية هي التمييز بين نموذجين مختلفين جداً في التغير الاجتماعي وفي هذا الموضوع نجد العديد من العلماء الاجتماع يستعيرون ما ذره راد كيلف براون حيث يرى أن التغير الاجتماعي هي كلمة غامضة في علاقتها بالمجتمع.

حاول رادكليف التمييز بين نوعين من التغير وهما الأول يمتد إلى المجتمع البدائي حيث يكشف عن بعض المسائل المبدئية الخاصة بحفل الزواج ونتائجه فهناك فردان ليست لهما روابط رسمية سابقة هما الآن يرتبطان بعلاقة مختلفة علاقة الزوج والزوجة ومعنى هذا تنظيم جماعة جديدة تنمو لتصبح أسرة وهناك شيء من الممكن أن يطلق عليه تغير اجتماعي أي أنه يوجد تغير في البناء الاجتماعي.

النموذج الثاني من التغير هو الذي يحدث عندما يغير المجتمع شكله البنائي نتيجة لاضطرابات قد ترجع إلى نمو داخلي أو تحت وطأة من الخارج.

الأزمة والتغير الاجتماعي:

إن التغير الاجتماعي عندما يحدث بدرجة كبيرة يرتبط بنوع من الأزمة، ويتم ملاحظة أنه تحت تأثير أفكار النمو التي ترتبط بالتغير مثل التغير كنمو أو التغير التدريجي أو التغير كعملية مستمرة أو التغير كتقدم وبالتالي قد أهمل العديد من علماء الاجتماع الأزمة في التغير وذلك إذا كان المقصود دراسة التغير على العكس من مجرد الفعل او التفاعل أو أي توافق فإنه لا بد من حذف عامل الأزمة، وقد أكد توماس كن في دراسته عن التغير الاجتماعي أو الأزمة هي علاقة بين الإنسان والبيئة تسبب عدم قدرة الإنسان أو الجماعة الاجتماعية أو التنظيم فإنه يستمر لمدة أطول من خلال طريقة معتادة للسلوك.

الأحداث والتغير الاجتماعي:

هناك علاقة بين التغير والأحداث، فالحدث ليس تغير على الرغم من أنه يكون شديد الارتباط بالتغير وذلك لأنه شيء يحدث في زمان ومكان ومن الناحية النظرية البحتة كل حدث يمكن تأريخه؛ لأنه من غير الممكن تجريده من الزمان والمكان ولهذا فإن دراسة التغير لا يمكن فصلها عن دراسة الاحداث، في الثورة الفرنسية مثلاً كانت حدث فريد حدث في زمان ومكان محددين وقد تأثر كل شيء داخل فرنسا وخارجها.

المعرفة بالبناء الاجتماعي:

إن المعرفة بالبناء الاجتماعي ليست شيئاً بلا قيمة في فهم التغير الاجتماعي؛ لأن التغير تغير في كل شيء وتحليل التغير يحتاج إلى معرفة طبيعة الشيء الذي تغير؛ وذلك لأن طابع التغير وشدته سوف يتأثر بشكل دائم بطابع الوحدة التي تتغير كما أن حدث معين قد يكون كارثة بالنسبة لنموذج معين في البناء الاجتماعي ولكنه لا يترك تأثير طفيف في نموذج آخر.

المصدر: مدخل الى علم الاجتماع،محمد عبدالهادي،2002مقدمة في دراسة علم الاجتماع،ابراهيم عثمان،2010التغير الاجتماعي والثقافي،دلال ملحس،2012التغير الاجتماعي والتحديث،سناء خولي،1993


شارك المقالة: