تطبيقات نظريات التعلم في التربية الفكرية لذوي الإعاقة

اقرأ في هذا المقال


يلاحظ أن كل نظرية من نظريات التعلم تركز على السلوك البشري منشأة وكيف يتعلم  وكيف يمكن تعديله ولكل نظرية طريقتها الخاصة بها، وقد رأى أغلب علماء النفس وعلماء التربية أن النظرية السلوكية لسكينر تعد أقرب النظريات إلى تقوم بتبسيط إجراءات التعلم وتقوم بتعديل السلوك وأكثرها تأثيراً، ولذلك كانت هي الأساس الذي طبق عليه ذلك البرنامج.

تطبيقات نظريات التعلم في مجال التربية الفكرية

1- النظرية الارتقائية المعرفية- لجان بياجيه

ركز أصحاب تلك النظرية على أن التعلم يتم عن طريق العمليات، التي يؤديها الشخص في بيئته التي يعيش فيها وامكانياته على القيام بتعميمات والقيام باستدلالات وإكتشافات وتحويلات لأطراف سلوكه المكتسب، ويقصد بذلك أن أصحاب تلك النظرية يضعون ضرورة على البيئة في تكوين وفي توجيه السلوك، كما تقول النظرية السلوكية، إلا أنهم يركزون أكثر على أن النمو العقلي هو المؤثر الأكبر في حصول السلوك.

وطالما أن النمو العقلي له مراحل معينة وله مراحل إجبارية فإن الذكاء في رأي (بياجيه)، عملية تكيفية يكون فيها الفرد مجبرة على التكيف مع الواقع البيئي الذي يعيش فيه، في المقابل تكون البيئة في الوقت ذاته حالة من التعديل السلوكي الذي يعتمد بشكل أساسي على الخبرة وعلى الممارسة، وقد رأى مجموعة من الباحثون أن مراحل النمو التي اقترحها العالم (بياجيه) تنطبق على الأفراد المعاقين عقلياً.

حيث يمرون بنفس المراحل ولكن بدرجات أبطأ، وبذلك فإن معايير أعمار كل مرحلة بحاجة إلى تعديل بناءاً على درجة الإعاقة، مع الاهتمام بإعداد بيئة تسمح للفرد المعاق بتفاعلات اجتماعية إيجابية وبالتفاعل مع الأشياء الملائمة للمرحلة التي يمر بها، أي المواقف التي يتعرض لها الفرد.

2- نظرية التعلم بالتقليد- النمذجة

ترى تلك النظرية أن قيام الشخص بملاحظة، والقيام بتقليد سلوك الأفراد الأخرين يعتبر أمراً ضرورياً في تعلم بعض السلوكيات التي لا يمكن تعلمها، إلا من خلال الملاحظة والتقليد، مثال على ذلك تعلم الجراحة في المجال الطبي، فيفترض أن يلاحظ الطبيب وأن يراقب طريقة إجراء العملية الجراحية من جراحين محترفين، وبعد ذلك يقلدهم في أدائها، ويطلق على هذا الأسلوب بالتقليد أو يطلق عليه الملاحظة أو النمذجة.

أي تقليد نموذج محدد في السلوك، وعليه فإن تلك النظرية تركز على ضرورة التفاعل الاجتماعي بين الشخص وبين مجتمعه، ونظرية التعلم بالتقليد أو بالنمذجة تعد من النظريات التي شاع استعمالها في ميدان الإعاقة العقلية، إذ لوحظ أن أغلب سلوك الأفراد المعاقين عقلياً ناتج عن تعلمهم من خلال التقليد، سواء كان هذا السلوك مرغوب فيه أو كان غير سوي.

لذلك يجب على المدرسين والمدرسات أن يكونوا النموذج الجيد، ويكون القدوة الحسنة لطلابهم المعاقين عقلياً، كما يمكن لهم ضرب الأمثلة بطلاب يتحلون بأخلاق ملائمة عند تدريسهم للأفراد المعاقين عقلياً، مثل أن يقول مثلاً وأنا أحب اسلوب فلان في العمل بهدوء.

3- نظرية التعلم الاجتماعي لروتر

تعد تلك النظرية امتداد لنظرية التعلم بالتقليد، إذ تشترك معها في التركيز على ضرورة التفاعل الاجتماعي ما بين الشخص وبين مجتمعه، مما يعني أن التعلم حسب هذه النظرية يتم عن طريق التفاعل الاجتماعي بين الفرد المعاق وبين بيئته، إذ يعمل المجتمع بجميع مؤسساته على تعزيز السلوك الإيجابي أو في عقاب السلوك الغير سوي الناتج عن الفرد.

وبناء على تلك النظرية يفترض على المؤسسة التعليمية القيام بتوفير البيئة الاجتماعية، التي يمكن للفرد المعاق فيها أن يتعلم أشكال السلوك المقبولة اجتماعياً، وأن يتعلم الابتعاد عن أشكال السلوك غير مقبولة اجتماعية، وكذلك أن يضعوا أمامه فرص النجاح؛ بهدف القيام بمهام محددة وتجنب جميع الفرص التي تؤدي إلى الفشل.

4-  النظرية السلوكية الإجرائية لسكينر

ويطلق عليها أيضاً نظرية الاشتراط الإجرائي، والاشتراط يعد نمط من أنماط التعلم يشمل على التعزيز والعقاب، ويعتقد العالم (سكينر) على أن الاشتراط الإجرائي يتلاءم ويفسر أكثر سلوك الإنسان تعقيد، لذلك استعمل هذا الأسلوب في تعديل السلوك التعليم، وفي تدريب الأفراد المعاقين في المدارس، ولمعالجة الأفراد البالغين في المصحات العقلية.

وفي الإشراط في تلك النظرية هو علاقة ما بين مثير واستجابة، والمثير ممكن أن يكون طبيعي أو أن يكون مصطنع، وترى النظرية أن السلوك في أغلبه متعلم، ويمكن تغييره ونتيجة لذلك فإن أنماط السلوك السوية وأنماط السلوك غير السوية في الشخصية تعتبر سلوكيات متعلمة، إلا أن الأنماط غير السوية تم تعلمها بصورة خاطئة أو أنها عززت بصورة خاطئة.

وأن الأنماط الصحيحة للشخصية قد تعلمها أو قد تم تعزيزها أو الاثنين معاً، قد تم تعلمها بصورة صحيحة، ركز العالم في تلك النظرية على قيمة التعزيز، وقال أن تعلم أي سلوك يفترض أن يقسم إلى خطوات صغيرة متتابعة وخطوات مرتبة، بحيث تؤدي كل خطوة إلى الخطوة التالية، وتعزز كل خطوة تتم بصورة ناجحة وكل خطوة يفترض أن يتم تعلمها بصورة صحيحة وتعزز قبل الإنتقال إلى الخطوة التالية.

ويؤكد العالم أنه من الأفضل أن الأكثر فعالية تعزيز التعلم الصحيح، من خلال إثباته أكثر من العقاب على التعلم غير الصحيح، كما أنه يلاحظ هنا أن التعزيز يمكن أن يكون للاستجابة، باعتبار أن تعزيز الاستجابة للمثير ممكن أن يؤدي إلى تحسن الاستجابة للمثير، وسوف يتكرر السلوك السوي، ويعني أن الاستجابة السوية عند كل مثير آخر مشابه؛ لأن الشخص يميل إلى تكرار الاستجابات السليمة.

وإن القيام باستجابات مشابهة في المستقبل وأنه بالإصغاء وكذلك التقبل وتجنب التهديد يعزز المدرس محاولات الطالب أداء السلوك بهدف التعلم، ومن مميزات النظرية السلوكية أنها تتبع مجموعة من الخطوات الواضحة والمحددة تتبين في تحديد السلوك المراد تعديله، وكذلك تحديد الظروف التي يحصل فيها السلوك المضطرب، إضافة إلى أن العوامل المراد تعديلها أو المراد تغييرها وإعداد جدول لإعادة التعلم وإعادة تقوم النظرية على مبادئ واضحة ومبادئ محددة، مثل تحليل السلوك المطلوب تعلمه.

وتعزيز الاستجابات نتيجة السلوك المطلوب تعلمه حسب جداول التعزيز الموضوعة، ولا نستطيع إطفاء السلوك غير السوي ولا نستطيع محوه عن طريق تعزيز السلوك الإيجابي، وليس عن طريق عقاب السلوك غير سوي، وهذه النظرية تتلاءم بصورة كبيرة مع برامج تعليم وتدريب الأفراد المعاقين عقلياً في المدارس وفي المؤسسات التعليمية، وطرق التعزيز هي طرق تسعى إلى زيادة نسبة تكرار السلوك المرغوب فيه ولها أشكال مختلفة منها التعزيز الإيجابي.

بهدف تكوين السلوك السليم ومن أنواعه والمعززات الأولية والمعززات الاجتماعية وكذلك التغذية الراجعة، أي تعريف الفرد بدرجة التقدم الذي أحرزه حتى يكون له حافزة على الاستمرار، والتعزيز السلبي وهو عبارة عن تقوية سلوك من خلال إزالة مثير سلبي، وذلك بعد حصول السلوك المرغوب فيه، فعلى سبيل المثال يمكن منع الطلاب من مشاهدة التلفاز لفترة معينة وبعدها يسمح لهم بالمشاهدة بعد تطبيقهم للسلوك المرغوب فيه، والنمذجة ويقصد بذلك إعطاء النموذج السوي للأفراد ومطالبتهم بتقليده وغيرها.

المصدر: 1- عبد الفتاح الشريف. التربية الخاصة وبرامجها العلاجية. مكتبة الانجلوا المصرية: القاهرة. 2- عبدالله الكيلاني وفاروق الروسان.القياس والتشخيص في التربية الخاصة.3- فكري متولي.استراتيجيات التدريس لذوي اضطراب الأوتيزم. مكتبة الرشد. 4- أمل سويدان ومنى الجزار. تكنولوجيا التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة. دار الفكر: عمان.


شارك المقالة: