تطور علم العلامات والدلالة والرموز

اقرأ في هذا المقال


أحد العوامل المترتبة على تطور علم العلامات والدلالة والرموز هو إنه على الرغم من أن القدرات المعرفية لهذا العلم يمكن أن تكون من المتطلبات الأساسية في اكتساب العلامات والرموز ومعالجتها، إلا أن هناك حاجة إلى بعض القدرات الأخرى أي اللغة وذلك لتفسير ظهور هذه الأنواع من الإشارات في الاتصال اللغوي.

تطور علم العلامات والدلالة والرموز

كان يُعتقد أن علم العلامات والدلالة والرموز تطور فقط من خلال قدرة البشر على التقليد، وبينما تحاكي السلوكيات على سبيل المثال تم وصف المحاكاة بإنها تنطوي على تعلم تأثيرات الأفعال بدلاً من نسخ الحركات الجسدية، وكان يُعتقد أن القدرة المحدودة على التقليد تعيق النقل الثقافي للإشارات التواصلية واستخدام الأدوات، فقد أظهرت بعض الدراسات أن علم العلامات والدلالة والرموز يمكنه وصف الأفعال بأنواعها المحددة وأيضًا تعلم كيفية إصدار دلالاتها ورموزها، وأوضحت الأبحاث الحديثة أن علم العلامات والدلالة والرموز يمكن أن يطبق بشكل انتقائي مجموعة من عمليات التعلم الاجتماعي.

ويتضمن ذلك التقليد المؤجل بالإضافة إلى القدرة على متابعة نظرة العين والاهتمام المباشر بنظرة العين والإشارة، وتم التشكيك في ادعاءات أخرى ذات صلة بتأثير أن علم العلامات والدلالة والرموز فقط لديه القصد المشترك ونظرية العقل المتقدمة، على سبيل المثال في الدراسات التي أجريت على الاهتمام بحركة العين والإشارة.

باختصار كشفت الأبحاث التي أجريت في العقود الماضية إنه على عكس الافتراضات السائدة يقدم علم العلامات والدلالة والرموز قدرات عقلية تعمل على تعلم الرموز ومعالجتها، لكن تظل الحقيقة أن علماء علم العلامات والدلالة والرموز لا يطورون ذخيرة من العلامات الرمزية من النوع المستخدم في اللغة المنطوقة على سبيل المثال، لتوضيح أنواع العلامات التي تظهر في البرية، حيث يمكن للمرء أن يأخذ بعين الاعتبار الحالة التي يُستشهد بها كثيرًا من قبل الناس التي تستخدم إشارات مميزة للتعبير عن وجود مفترسات مختلفة.

ولقد قيل أن هذه العلامات هي رموز تستند إلى تعسفها الظاهري، على الرغم من أن بعض النقاد يرفضون هذا التفسير، وفي الواقع يبدو أن العلامات الصوتية مؤشر إلى حد كبير من حيث إنها تعكس ردود الفعل على المراجع في سياق الإشارة، وهكذا تثبت الأبحاث إنه في حين أن العلامات والرموز يتشاركون في القدرات المعرفية المطلوبة لتعلم واستخدام العلامات.

فإن البشر فقط هم من يطورون أنظمة واسعة من الرموز، وهم يفعلون ذلك أساسًا في وسط صوتي، وأحد الآثار المترتبة على هذه النتائج هو إنه على الرغم من أن القدرات المعرفية يمكن أن تكون من المتطلبات الأساسية في اكتساب الرموز ومعالجتها، إلا أن هناك حاجة إلى بعض القدرات الأخرى لتفسير ظهور هذه الأنواع من الإشارات في الاتصال الصوتي.

دور اللغة في صعود وتطور علم العلامات والدلالة والرموز

بالمقارنة مع المهارات المعرفية فإن القدرة على التعبير عن الأنماط الصوتية هي سمة واضحة خاصة بالإنسان، وإنه في الأدبيات المتعلقة بأصل اللغة يسترشد العديد من الباحثين بالاعتقاد بأن اللغة ظهرت في وسط إيمائي، ولقد حفزت العديد من النتائج هذا الرأي، مما يعني ضمناً تصور اللغة كوظيفة أمودية، ويتعلق أحد الاكتشافات المحورية بعدم وجود سيطرة طوعية على النطق في الرئيسيات البشرية.

على وجه الخصوص أظهرت الدراسات التي أجراها علماء الاجتماع أن أدمغة البشر تحتوي على الألياف أحادية المشبك التي تربط القشرة الحركية بالعصبونات الحركية العضلية الحنجرية في النواة الغامضة.

وتتفق هذه النتائج مع قوة التحكم في النطق التفاعلي في هذه الأنواع، فإن الأنظمة العصبية للبشر تقدم إسقاطات أحادية المشبك مباشرة للعصبونات الحركية المرتبطة بالتحكم في عضلات الأصابع، والعصبونات الحركية لعضلات الفك والشفتين في نواة مثلث التوائم والوجه، وبالمقارنة مع غير البشر هناك عدد أقل من الروابط المباشرة مع العصبونات الحركية لللسان والعضلات في نواة تحت اللسان والتي تتوافق مع ندرة التجزئة الشفوية أو الأنماط الشبيهة بالمقطع في نداءات غير البشر.

وقد تكون هذه الملاحظات قد دفعت الكثيرين إلى الاعتقاد إنه نظرًا لأن البشر تنتج إشارات صوتية كردود فعل غير مرنة، فإن اللغة الرمزية تطورت بدلاً من ذلك من إيماءات اليد التي يمكن التحكم فيها، فإن هذا الاعتقاد السائد يتعارض مع الملاحظة العامة بأن العلامات الإيمائية غير البشرية لا تعمل بشكل رمزي وهي في الغالب أيقونية أو مؤشرية، وبالتالي فإن نظريات أصل اللغة لا تدعمها ملاحظات الأنواع الموجودة، بدلاً من ذلك نظريات تشير إلى أدلة غير مباشرة.

ويتعلق أحد الاعتراضات بالأهمية النظرية المعطاة لعلم العلامات والدلالة والرموز، وكثيرًا ما يشير مؤيدو نظريات الإيماءات إلى لغات الإشارة على إنها توضح إمكانية حدوث مرحلة إيمائية في تطور علم العلامات والدلالة والرموز، وعلى هذا النحو يلتزم هذا التفسير بوجهة نظر للغة على إنها مشتقة من هيئة تدريس نموذجية.

على سبيل المثال يُنظر إلى الإشارات الإيمائية والعلامات على إنها تدعم فكرة أن اللغة ليست مرتبطة بأساليب حسية محددة، وأن الاكتشافات حول لغات الإشارة تقدم دليلاً جوهريًا على أن التخارج هو طريقة مستقلة وإنه يتجاهل مثل هذه الادعاءات بشكل متكرر.

حقيقة إنه لا توجد حالة معروفة حيث يطور مجتمع من المستمعين العاديين لغة إشارة كوسيلة أساسية للاتصال، ويُقال بشكل مختلف تظهر الإشارات الإيمائية والعلامات كنظام أساسي للاتصال عمومًا حيث يشترك الناس في علم الأمراض الذي يؤثر على طريقة السمع والتي بالكاد تدعم فكرة قدرة اللغة الأمودية، وعلى العكس من ذلك فإنه يشير إلى ذلك نظرًا لقدرة الإنسان الطبيعية على التحكم في كليهما النطق وإيماءات اليد، من خلال وصلات اتصال رمزية إلى طريقة صوتية سمعية مع إيماءات بصرية لها دور تخيلي إضافي.

ويترتب على ذلك أن حساب صعود اللغة المنطوقة يتطلب شرحًا لكيفية ولماذا ترتبط الإشارات الرمزية بالوسط الصوتي، لكن افتراض الأصل الإيمائي للغة يؤدي بدلاً من ذلك إلى فرض تحول تطوري من الإشارات الإيمائية إلى الإشارات الصوتية، مما يمثل لغزًا لأنصار التطور.

دور نظريات دو سوسور وتشارلز بيرس في تطور علم العلامات والدلالة والرموز

لشرح ذلك بإيجاز يمكن للمرء الرجوع إلى نظريات دو سوسور وتشارلز بيرس، حيث هناك ادعاء حاسم لهذه المقترحات هو أن التحكم في الإيماءات تطورت إلى سيطرة جانب اللغة، والتي حددها علماء علم العلامات والدلالة والرموز، ويشير أيضًا إلى الأبحاث التي تظهر أن هذه الاستجابات آلية لفهم العمل، ويخمن أنها لعبت دورًا في التحول من طريقة إيمائية إلى طريقة صوتية للتواصل، مما سمح بتطوير إشارات يدوية معبرة، وفي البداية أدى ذلك إلى التمثيل الإيمائي الأيقوني المفترض الذي أصبح تقليديًا ورمزيًا في مرحلة التصميم الأولي.

وقبل تطور الخطاب الأولي، إنه من الصعب أن يتم إيجاد في هذا السرد آلية عمل تحول الإيماءات إلى إشارات صوتية، على سبيل المثال أوضح دو سوسور وتشارلز بيرس مؤخرًا أن البشر خلقت دلالات مفتوحة النهاية والتي توفر ضغطًا تكيفيًا لزيادة التحكم في الجهاز الصوتي، ومن خلال هذا الحساب فإن دلالات العلامات الأولية تنشئ الآلية التي يمكن أن تبدأ بعد ذلك في تطوير الخطاب الأولي، ربما في البداية من خلال فائدة إنشاء أصوات جديدة لمطابقة درجات حرية الإيماءات اليدوية.

ويمكن أن يمثل ارتفاع درجة الصوت حركة تصاعدية لليد، وبالتالي فإن التفسير الأساسي في هذا الرأي إن الدلالات هي التي أدت إلى تطور النطق، ويقر علماء العلامات والدلالة والرموز ان المعلمات الفسيولوجية للتحكم في اليد مع تلك الخاصة بأنظمة النطق والحنجرة والجهاز التنفسي للكلام البدائي في هذا الحساب.

فإن مثال العلامات الأيقونية لزيادة درجة الصوت ورفع اليد بالكاد يساعد في فهم مدى اتساع أنظمة الرموز وظهور العلامات، وتساءل النقاد أيضًا عما إذا كان يمكن ابتكار أي نموذج واقعي لترجمة حركات اليد إلى تسلسلات من الأصوات المنطوقة.

المصدر: السيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملسيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: