تقييم الأثر الأخلاقي على المشاكل الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


بالتأكيد هناك العديد من الدراسات التي تناولت وأكدت على وجود صلة بين الأخلاق وحدوث المشاكل الاجتماعية، فمن وجهة نظر علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي تحدث معظم المشاكل الاجتماعية نتيجة غياب الأخلاق والقيم الأخلاقية.

تقييم الأثر الأخلاقي على المشاكل الاجتماعية

من وجهة نظر علماء الاجتماع القضايا الاجتماعية والأخلاقية موجودة في كل ما يتم القيام به، فبغض النظر عن حجم العمل الكبير أو الصغير، أو مدى تأثيره الكبير أو الصغير، سيكون لدى الأشخاص الذين يتم التفاعل معهم وجهات نظر حول المشاكل الاجتماعية وأثر الأخلاق والقيم الأخلاقية في حدوثها، والتي تؤثر على الحياة الاجتماعية، ومن المحتمل أن العديد من هذه الآراء ستختلف بشكل كبير عن وجهات النظر.

ففي بعض الحالات قد تثير عملية التفاعل مع الجمهور، وكذلك محتوى الأثر الأخلاقي الخاص، فعند تطوير أي نشاط للمشاركة العامة من المهم أن يكون المرء على دراية بأي قضايا قد تؤثر على حياته، وأن يعد نفسه للتعامل معها بحساسية، وقد يكون مهتمًا أيضًا بمعالجة هذه القضايا بشكل مباشر واستكشاف القيم والآراء التي تقيم الأثر الأخلاقي على المشاكل الاجتماعية.

تتمثل إحدى الطرق المباشرة لتحديد الأثر الأخلاقي على المشاكل الاجتماعية في تحديد أي القضايا الأخلاقية أو الاجتماعية قد تنشأ عن إشراك الجمهور في هذه البحوث والدراسات، فما هي التغيرات المجتمعية التي قد تحدث نتيجة المشاكل الاجتماعية وما هو الأثر الأخلاقي لها؟ وما هي طرق تأثير هذه التغييرات؟

وما هو التأثير المحتمل لهذه المشاكل الاجتماعية على مختلف أفراد المجتمع؟ ومن الذي قد يكون حساسًا تجاه هذه القضايا؟ حيث إذا كانت هناك تأثيرات إيجابية على أفراد معينين في المجتمع فهل هناك أيضًا تأثيرات سلبية على مجموعات أخرى نتيجة لذلك؟ وهل يثير تساؤلات مرتبطة بالأثر الأخلاق والشرعية والمساواة والإنصاف؟ وهل هناك أي قضايا دينية أو سياسية أو ثقافية أو قائمة على النوع الاجتماعي أو متعلقة بالطبقة الاجتماعية؟

قد يبدو هذا كموضوع خالٍ إلى حد ما من القضايا الأخلاقية ولكن إذا تم القيام بتطبيق الأسئلة أعلاه فسيتم رؤية أن هناك عددًا من التقييمات للأثر الأخلاقي  للمشاكل الاجتماعية المختلفة التي ستستثمر في هذه القضايا، وتشمل هذه:

1- الأشخاص ذوو وجهات النظر القوية بشأن النظام الغذائي والتغذية بما في ذلك النباتيون والأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

2- الأشخاص الذين يعانون من مشاكل السمنة بما في ذلك أولئك الذين لديهم حالات طبية تساهم في مشاكلهم.

3- المسؤولون عن إعداد الميزانية لتوفير النشاط البدني في المدارس والمجتمعات.

4- الآباء بدءًا من الآباء الذين يشجعون المشاركة النشطة في الرياضة، إلى آباء المراهقين وأولياء أمور الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة.

5- وقد يكون الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في التنقل حساسين أيضًا لهذا الموضوع.

لذا يرى علماء الاجتماع إنه يجب أن يتم البدأ في الإشارة إلى مجموعة من التجارب الشخصية العميقة التي يمكن أن ترتبط بأي موضوع وتسليط الضوء عليها، ومن المهم أن يتم تقدير تمامًا وجهات النظر المختلفة التي قد تكون لكل مجموعة.

ويمكن أن تكون المناقشات التي تتناول القضايا الأخلاقية والاجتماعية بشكل مباشر جذابة للغاية لكافة العلماء، حيث يمكن أن يساعد هذا النهج الأشخاص على رؤية الأثر الأخلاقي للمشاكل الاجتماعية التي تؤثر على حياتهم، بالإضافة إلى التشاور أو استكشاف القيم التي تمتلكها المجموعات والأفراد المختلفون، فحتى إذا لم يختر المرء إجراء تقييم حول الأثر الأخلاق للمشاكل الاجتماعية فمن المحتمل أن تظهر هذه الأنواع من القضايا بشكل ما.

دراسة دوافع الأفراد في تقييم الأثر الأخلاقي على المشاكل الاجتماعية

يعلم علماء الاجتماع أن هناك بعض الأفراد قد يكون لديهم استثمارات كبيرة في الموضوع، ذلك لأن لديهم خبرة شخصية ومعرفة خلفية بموضوع كيف تؤثر الأخلاق على حدوث وعدم حدوث المشاكل الاجتماعية، مثل معرفة أن غياب الاخلاق يؤدي إلى مشاكل العنف والجريمة والاستغلال والسرقة والمشاكل النصب والاحتيال، وهذه المشاكل تجذب تفكير علماء الاجتماع فهم حساسون لهذه المواضيع ويحاولون التفكير في القضايا أو الأسئلة التي قد تطرأ مسبقًا، لذا يكونون مستعدين لمواجهة هذه القضايا وغيرها التي لم يفكروا فيها.

من المفيد قضاء بعض الوقت في التفكير في دوافع الأفراد في المشاكل الاجتماعية والموقف الأخلاقي لها، والدراسة هذه الدوافع يجب على عالم الاجتماع أن يفكر في ما شكل هذه الدوافع وكيف يمكن أن تختلف دوافع الأفراد عن أولئك الذين يتم التعامل معهم، كما يجب أن يكون حذرًا من تقديم آرائه كحقيقة، واحترم جميع الآراء، ويحتفظ بعنصر الموضوعية حتى يشعر الآخرون إنهم قادرون على مشاركة آرائهم بحرية، حيث يمكن أن تكون المشاركة فرصة للحوار والتعلم بين الناس من جميع مناحي الحياة لتكوين تقييم للأثر الأخلاقي على حدوث المشاكل الاجتماعية، فمن المهم الاستفادة من هذه الفرص بغض النظر عن مدى صعوبة آراء بعض الناس.

كما عليه استخدام تقنيات لقيادة المناقشات الاجتماعية والأخلاقية، وذلك بتشجيع عينة الدراسة على فحص آرائهم والنظر في وجهات النظر المتعارضة واستكشاف أسباب دوافعهم للقيام بالمشاكل الاجتماعية وتصديقهم لما يفعلونه، ومن أحد هذه التقنيات هو القيام بإجراء مناقشات أعمق من خلال تقديم أسئلة لهؤلاء الأفراد، على سبيل المثال:

1- لماذا يعتقد ذلك؟

2- ما هو السبب في ذلك؟

3- كيف علم بذلك؟

4- هل يمكن التفكير في حجة أخرى ضد وجهة نظر؟

5- هل هناك حجة أخرى لما تؤمن به؟

6- ما هو تأثير ذلك على الآخرين؟

المصدر: علم المشكلات الاجتماعية، الدكتور معن خليل، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 1998المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مداخل نظرية، أساليب المواجهة، الدكتور عصام توفيق قمر،2000علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري، دار المعرفة الجامعية، القاهرة،1998الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم، طالب عبد الكريم،2012


شارك المقالة: