خرافة بحرينية - خرافة أم حمار

اقرأ في هذا المقال


جرت العادة أن تقوم الأمهات والجدات في البحرين وكل الدول العربية فيما مضى على تخويف أطفالهن بمخلوقات خرافية مرعبة؛ وذلك للحد من ضجيجهم ومشاغباتهم، أو لمنعهم من الخروج في حين تشتدّ الحرارة في الظهيرة للحفاظ على صحتهم أو لمنع اختطافهم من ذوي النفوس الضعيفة والمنحرفين، أو بهدف دفعهم إلى الخلود إلى النوم المبكر، أو بهدف إسكات من كان يلح منهم في طلباته أويكثر من أسئلته.
ولعل من أهم الأمور التي ساعدت على شيوع تلك الخرافات أن الناس كانوا يعيشون على الفطرة والبساطة، فكانوا مستعدين لتصديق الأساطير والخرافات، بل وتأليفها وترويجها.
مع مرور الزمن أصبحت تلك القصص الخرافية تتردد على ألسنة الناس وتنتشر بين فئات المجتمع والأمكنة كالخرائب والآبار والمزارع والبيوت المهجورة وللأزمنة حظها من تلك الخرافات كالظهيرة والليل، فلليل أنواع معينة من الجن والعفاريت المؤذية التي تستغل الظلام لتخرج وتؤذي الناس وتسحرهم، وكانوا يخصصون للظهيرة أنواعا أخرى من العفاريت التي تستغل اشتداد الحرارة وخلو الشوارع لاختطاف الأطفال.
يقول العلماء أن الذين يؤلفون الحكايات الخرافية حول الجن والعفاريت ويرددونها ويروجونها أو ينجذبون إليها، إنما يفعلون ذلك لتخفيف ما بداخلهم من انفعالات واحتدامات نفسية، وبعبارة أخرى فإن الخوف الداخلي يخرج على هيئة رموز وتصورات وتخيلات يتم إسقاطها على الخارج.

خرافة أم حمار:


من الخرافات التي تم تنتشر في البحرين: “خرافة أم حمار” وتُعدّ من أقدم الخرافات التي ترتبط بذاكرة البحرينيين، وهي من أكثر الخرافات التي تشيع جوًّا من الرهبة والخوف. ومضمونها أن حيوانًا خرافيًّا ممسوخًا نصفه الأعلى رأس إنسان، ونصفه السفلي هو رجلا حمار، وقد شاع أن هذا الحيوان لايخرج إلا في الليل أي حينما يخيم الظلام وتخلو الأحياء من الحركة ويغط الناس في سبات عميق، عندها تخرج أم حمار وتجري خلفها مجموعة من الكلاب لإخافة الناس أو تسحرهم أو تقتص منهم أو تدوس عليهم وتأكلهم.
من الجدير بالذكربأن “خرافة أم حمار” نتج عنها خرافات أخرى فرعية كثيرة، كما وأتاحت الفرصة للبعض لإضافات البهارات لشخصية أم حمار، فنجد مسميات لمخلوقات خرافية أخرى كداعوس” أم حمار”.
في زمننا الحاضر ما عاد هناك شيء يرعب الأطفال، فمعظمهم يعصون الأوامر دون أن يزجرهم زاجر، فهم يخرجون متى أرادوا ويتسكعون متى شاؤوا ولا يدخلون غرف نومهم إلا في ساعات متأخرة من الليل، بل ويتحدون الرعب بمشاهدة أفلامه في جلسات استرخاء، وهذه بطبيعة الحال إحدى ثمار ونتائج التربية الحديثة التي يقف وراءها المنظرون ممن يرون في إخضاع الطفل بالتخويف والترهيب سببا في تشوه واهتزاز شخصيته، وإصابته بعقد نفسية حينما يكبر، فهل يا ترى جيلنا الذي عاش طفولته مع “أم حمار”و “أم الخضر والليف” جيل مصاب بعقد نفسية وأبناؤه من ذوي الشخصيات المهتزة؟

المصدر: الإنسان والخرافة،أحمد علي موسى،2003معجم اعلام الاساطير و الخرافات في المعتقدات القديمة، جورج اليسون، 1999سيكولوچية الخرافة والتفكير العلمي، عبدالرحمن الصاوي، 1982الخرافات هل تؤمن بها؟ سمير شيخانى، 2011


شارك المقالة: