كيف تكون رعاية الشباب دينيا من منظور الخدمة الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


اهتمّت مؤسَّسات رعاية الشباب بالنَّاحية الدينية وتربية الشباب على الأخلاق والقِيَم الصالحة، وإذا نجحت الخدمة الاجتماعية في رعاية الشباب دينيّاً، فإنَّها سَتُنشِىء جيلاً من الشباب المؤمن المُتَمسِّك بدينه المُعتَزِّ بكرامتهِ، ويتوكَّلون على الله ــ سبحانهُ وتعالى ــ في كُلِّ حركاتهم وسَكناتِهم.

مفهوم الرعاية الدينية للشباب

المقصود بالرعاية الدينية للشباب هي: تلك الجهود العلاجية والوقائية والإنمائية التي يُمكن أنّ تُقدِّمها مؤسَّسات رعاية الشباب، بهدف غرس القِيَم الدينية والخُلُقِيَّة في نفوس الشباب حتى يَقوى الإيمان، وينتشر التمسك بمبادىء الدين، وبذلك نُرَبي الشباب على أساس من الدين الصحيح والأخلاق الإسلاميَّة القويمة.

الجهود المهنية للخدمة الاجتماعية لرعاية الشباب دينيا

1- الجهود العلاجية: وهي تلك الجهود والخدمات التي تُقَدِّمها مؤسَّسات رعاية الشباب لعلاج الأفراد الذين واجهتهم مشكلات عميقة أثَّرَت في شخصياتهم وعَوَّقتهم عن النمو، مثل: مشكلات الشّك الديني والانحراف العقائدي الذي تدعو إليه الجماعات الدينيَّة المُتَطرِّفة، والتي يَسهل عليها التأثير على الشباب وإيقاعهم في مشاكلهم، مُسَغلين في ذلك فترة المُراهقة التي تَهتَزُّ فيها الشخصية وتضطرب من جميع جوانِبِها، وعندما تُقَدِّم مؤسّسات رعاية الشباب لهم الخدمات العلاجية فإنها تستعين بكُلّ الخبراء والمُختَصين الذين يُكَوِنون الفريق العلاجي المُناسب، والذي يتكوّن من الأخصائي الاجتماعي، والأخصائي النفسي، والطبي، ورجال الدين، وغيرهم من القادرين على المساهمةِ في العلاجِ.

2- الجهود الوقائية: تُقَدَّم هذه الجهود للشباب قبل وقوعِهم في تلك المشكلات؛ لحمايتِهم من مشكلات الانحراف العقائِدي، والشَّك الديني والإلحاد، والانحلال الأخلاقي، ودائماً الوقاية خيرٌ من العِلاج، وتَتِمُّ الجهود الوقائية من خلال البرامج والأنشطة الدينية التي تُصَمَّم لهذا الهدف ومن أمثلتها: المحاضرات والندوات وبرامج التوعية التي تُبَصِّر الشباب بدينهم في تلك المرحلة التي يَسودها التشكيك في كلّ شيء بِما في ذلك الدين، فيعرفون الدين على حقيقته، على أيدي رجال دين قادرين على التوعية والإقناع، وبعد ذلك تكوين علاقات اجتماعية قوية بين الشباب وبينهم، وتلك العلاقات القائمة على الثقة والاحترام مُستَعينين في ذلك على جهود الأخصائي الاجتماعي القادر على تكوين تلك العلاقات، وإذا وَثِقَ الشباب في القائمين بتلك الأنشطة الدينية فَسَيُعجَبون بهم، ويَقَعون تحت تأثيرهم وعندئذٍ يَسهُل توعيتهم وتوجيه سلوكهم على أساس من الدين الصحيح والأخلاق الإسلامية القوية، وبذلك تُقَدّم الوقاية والحماية للشباب.

3- الجهود الإنمائية: تُقَدَّم الخدمات الإنمائية للشباب؛ حيث تُنَمّي الشخصية السليمة المُسلمة وتُنَمّي القِيَم الدينية والخُلُقِية ، وتُنمّي المعارف الإسلامية المُختلفة، كما تُنَمّي المهارات، وتستثمر القدرات وتعمّ العادات والتقاليد الإسلامية التي تُسهِم في نُضج الشباب ونُموّهِم، ويشترك في تقويم تلك الجهود كلّ المُختَصين الذين يتكون منهم فريق العمل بالمؤسَّسة كلٌّ حسب اختصاصه.

تحديات الشباب في العصر الحديث


يعتبر الشباب عماد المستقبل، وهم ركيزة المجتمعات الناجحة. في سياق هذا، يلعب الدين دورًا حيويًا في توجيه الشباب نحو حياة مستدامة وموجهة نحو القيم الأخلاقية. تعتبر رعاية الشباب دينياً من منظور الخدمة الاجتماعية أمرًا ذا أهمية خاصة، حيث يتعامل هذا النهج مع الفرد ككيان ديني واجتماعي يحتاج إلى الدعم والتوجيه ليتطور ويسهم بفعالية في بناء مجتمعه.

يواجه الشباب اليوم تحديات متنوعة تتطلب تدخلات فعّالة وشاملة. من بين هذه التحديات، نجد التأثيرات السلبية للتكنولوجيا، انعدام الهوية الدينية، والضغوط الاجتماعية والاقتصادية. في هذا السياق، تأتي رعاية الشباب دينيًا كمفتاح لفهم أصول القيم والأخلاق التي تساعد الشباب على التغلب على هذه التحديات.

دور الخدمة الاجتماعية الدينية

بناء الهوية الدينية: يقدم الدين إطارًا قيميًا يساعد الشباب في بناء هويتهم الدينية. يقدم الخدمة الاجتماعية الدينية ورش العمل والأنشطة التوجيهية التي تعزز فهم الشباب لقيمهم ومبادئ دينهم، مما يسهم في تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي.

تعزيز التواصل الاجتماعي: تشجع الخدمة الاجتماعية الدينية على التواصل الفعّال والبناء على العلاقات الإيجابية داخل المجتمع. يتيح هذا للشباب الاستفادة من تجارب الآخرين والمشاركة في أنشطة تعزز التكافل والتفاعل الاجتماعي.

تنمية المهارات الحياتية: يُعزز المنظور الديني للخدمة الاجتماعية تطوير المهارات الحياتية الضرورية مثل العدالة، والصدق، والتسامح. يتيح هذا للشباب تحقيق التوازن بين حياتهم الدينية والحياة اليومية.

أهمية التعاون المجتمعي

تحقيق رعاية الشباب الدينية يتطلب تضافر الجهود بين مختلف مكونات المجتمع. يمكن للمساجد، والمؤسسات الدينية، والمدارس أن تلعب دوراً حيويًا في توفير الدعم الاجتماعي والروحي، علاوة على ذلك، يمكن للعائلة أن تكون نواةً مهمة في تنمية القيم والمبادئ الدينية للشباب.

يظهر واضحًا أن رعاية الشباب دينيًا من منظور الخدمة الاجتماعية تمثل جزءًا أساسيًا من بناء مجتمع مستدام. يساعد هذا النهج في تشكيل أجيال قادرة على التعايش والمساهمة الإيجابية في المجتمعات، مستفيدة من التوجيه الروحي والقيم الأخلاقية التي تقدمها الخدمة الاجتماعية الدينية.


شارك المقالة: