عادات وتقاليد الزواج في جزر القمر

اقرأ في هذا المقال


عادات وتقاليد الزواج في جزر القمر:

تتعدد االعادات والتقاليد في جزر القمر وأهمها ما يطلق عليه الزواج الكبير، فما هو الزواج الكبير؟

قد يتزوج الشعوب في جزر القمر الزواج الشرعي بأقل المصاريف، وبأقل اللوازم المهمة لإقامة حفل الزواج ولا يكلفه ذلك مبلغ كبير، ويسمى ذلك في عرفهم “زواج العفة“، لكن لا يحق لهذا الشخص أمور معينة منها:

1- لا يسمح له في إبداء الرأي إن لم يكن من طلبة العلم، فطلبة العلم قد يحق لهم طرح رأيهم فقط.

2- لا يحق له الصلاة في الصفوف الأولى يوم الجمعة.

3- لا يذهب إلى المجالس في المناسبات التالية: “الزواج والولادة وحتى مناسبات الوفاة”.

4- يجب عليه الاحترام والسمع والطاعة لمشائخ بلده، اللذين تزوجوا زواج العادة “الزواج الكبير” وإذا عصى أمرهم أصدروا في حقه أمراً بالمقاطعة.

5- لا يحق له ارتداء الجبة “الجوخ” أو الشال وبالأخص ذو اللون الأخضر.

6- إذا توفر في القرية أية مساعدات فلا يمكن أن يكون له سهم في ذلك، وفي المقابل يجب عليه الاشتراك في المغرم “دفع مبالغ نقدية للمساعادات الخارجية”.
فيعمل الشاب جاهداً على جمع أكبر قدر من المال حتى يستطيع القيام بالزواج الكبير، والذي قد يكلف الشخص ما بين  خمسين ألف ريال وأربعمائة ألف ريال أو قد يزيد حسب قدرة الشخص والمكانة التي يطمح الوصل لها.

الزواج الكبير لدى الشعوب في دولة جزر القمر يعتبر تحقيق الذات، إضافة إلى إثبات لهوية الشخص في مجتمعه، وغالباً ما يكون الزواج الكبير مع زوجته نفسها و يحق له أن يتزوج بأخرى.

فعندما يتوفر المبلغ لدى الرجل الذي يرغب في الزواج يقوم بالاتفاق مع زوجته وأهلها على الزواج الكبير فيتم الاتفاق على المهر والذي يتحمله الرجل وعلى البيت والذي تتحمله الزوجة وغالباً يكون بحسب المهر الذي سيدفعه الرجل ويكون كذلك على الزوج تكاليف الحفل والولائم.

بعد ذلك يقوم الرجل بشراء الأغنام والأبقار التي قد تصل عددها إلى 50 من كل صنف منها، والأرز الذي يصل إلى 150 كيس أو يزيد عن ذلك، والمواد الغذائية الأخرى. ويقوم بتوزيع الأرز مع المواد الغذائية على أهالي قريته أقربائه وجميع أصدقائه، يكون ذلك بحيث أن كل بيت سيقوم بطبخ هذه المواد وتجهيزها للولائم في الأيام المقبلة ويدفع لهم كذلك مبلغ من المال حيث أن كل بيت سيقوم باستضافة مجموعة من المدعويين. 

بعد الانتهاء من جميع المراسم تبدأ التحظيرات لإتمام الزواج الكبير، والذي قد تصل أيامه إلى 15 يوم أو أكثر، غالباً يبدأ ييوم الخميس بمجلس ذِكر، وتبدأ الوفود التي تحضر هذا المجلس بالتوافد من القرى المجاورة والقرى البعيدة، وذلك بعد انقضاء وقت صلاة العصر، إذ يقوم أهل العريس بتوزيعهم على بيوت القرية بحيث يتم ضيافتهم وتقديم وجبة الغداء لهم، والذي يكون وقتها قريب المغرب.

ثم يصلّون المغرب وينتظرون الوفود التي تأخرت عن الموعد، حتى  يكتملون جميعاً قبل أذان العشاء، فيقيمون صلاة العشاء بعد الأذان مباشرة؛ حتى يحين لهم وقت الذهاب للمجلس مبكرين، وهذا المجلس عبارة عن مجلس ذكر يبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم كلمة تهنئة ومدح للعريسين، وأهم هذه المواضيع تدور حول مشروعية وفضل الزواج.

بعد ذلك تقدم كلمة لمفتي الدولة، ثم يختتم المجلس بأناشيد على إيقاع الطبول، وأحياناً يصاحبها المزمار، تنشدها فرقة خاصة بذلك، ويقوم الحاضرون بالرقص على إيقاع تلك القصائد، وعند انتهاء المجلس يتم توزيع مبالغ مالية تبرع لصندوق القرية ولبعض المشاريع الأخرى في القرية، ودفع مبالغ مالية لجميع الوفود التي حضرت عن تكاليف قدومهم للمجلس.
وفي اليوم التالي، تبدأ الاحتفالات من الصباح الباكر بتشغيل الأغاني المحلية الخاصة بهذه المناسبة، وتكون على مكبرات الصوت، حتى يقترب وقت الصلاة، فيذهب الجميع لتأدية صلاة الظهر، لكن ما زال لا يحق له لبس الجبة والصلاة في الصف الأول.

وفي اليوم التالي تبدأ مراسم الاحتفالات بإذاعة الأغاني، تكون عبر مكبرات الصوت، ما يسمى “الديسكو أو الطرب” ويكون خاصاً بالنساء فقط، وفيه يتم دفع مبالغ نقدية من حاضرات الحفل للعروس، ويتم قيد جميع المبالغ التي تم دفعها من الحاضرات كل باسمها والمبلغ الذي دفعته بحيث يعاد لها نفس المبلغ في حفلتها.

وبعد مرور وقت صلاة العشاء يكون هناك مكان طرب للرجال على مثال ما تم في العصر بعد ذلك يكون هناك عزيمة العشاء للمدعويين جميعاً وتكون عادةَ ً في استراحة القرية.

بعد ذلك يبدأ الحفل كذلك من صباح اليوم الثاني، ويتم فيه زفة العريس إلى منزل أهل العروس، يزف من منزله ماراً بأحياء القرية كلها، ويُحمل معه الذهب في ألواح من الخشب تعلق فيها الذهب وترفع هذه الألواح عالياً حتى يرى الناس الذهب وأنوعه وكميته والتي قد تتراوح بين نصف كيلو جرام و3 كيلو جرام أو يزيد، وعند وصوله بيت الزوجة يؤذن له أذان الصلاة ثم الإقامة وبعد ذلك يدخل البيت وينثر على رأسه الأرز دفعاً للحسد، حسب تقاليدهم، ويقوم بالإعلان عن المهر أمام الناس ودفع المبلغ لوالد الزوجة، والذي عادة يأخذه لسداد الديون التي استدانها، لبناء وتجهيز بيت ابنته وإقامة الحفل الذي يكون عليهم، وما تبقى من المهر يذهب للزوجة.

وفي وقت الظهر تكون هناك وليمة يطهى فيها الأرز واللحم والإدام بالموز واللحم والمدابة والمهوقو والفريبا، وهذه جميعها أكلات شعبية مشهورة في جزر القمر، وتكون موجودة بكميات كبيرة جداً.

وفي يوم الإثنين تكون هناك دعوة لأهل القرية والقرى القريبة والبعيدة، يأتون إليها من كل القرى تقريباً وتكون دعوة كبيرة تقام مراسمها في استراحة القرية التي تجهز منذ الصباح الباكر بالكراسي والطاولات، ويتم إعداد العزيمة بالتعاون مع جميع بيوت القرية تقريبا، بحيث أن الزوج يوزع عليهم المواد الغذائية واللحم ومبالغ من المال لشراء الحطب ومستلزمات الطبخ وتكون بعد صلاة الظهر وتسمى “ديني”.

يوم الثلاثاء تكون هناك عزيمة للشيوخ الكبار فقط، هم من عملوا الزواج الكبير، وعادة ما تكون العزيمة مكلفة وقد يقدم فيها لحم الأغنام بجانب لحم البقر.

أما يوم الأربعاء يقام حفل للشيوخ والشباب يوزع فيه البسكويت والكيك المحلى ومن ذلك كيكة الأرز، وهي مصنوعة من الأرز والسكر فقط تسمى “القودوقودو“.

وفي يوم الخميس تكون هناك عزيمة خاصة بأهل القرية، إذّ يقدم فيها كل أنواع الأطعمة تقريباً، يبدأ أولاً الشيوخ وبعد فراغهم يتم وضع الأطعمة من جديد، ويأتي دور الشباب وبعد فراغهم يأتي دور الصبيان. وتسمى هذه العزيمة “دعوا”.

ويوم الجمعة الثانية من اقامة حفل الزواج يقوم الزوج بالذهاب إلى جامع القرية، لابساً في هذه المرة جبة الشيوخ والشال، كما يحق له الصلاة في الصف الأول وبعد انتهاء الصلاة  يخرج من المسجد بصحبة عائلته وأقاربه وأهل زوجته، وعند خروجه من باب الجامع  يكون في استقباله النساء من أهله وأهل زوجته، كذلك وينثرون عليه الأرز؛ دفعا للحسد ويلبس طوق من الورود ويمرون به في بيوت الحي، وبدوره يدفع لكل بيت يدخله من بيوت الحي مبلغ من المال، ثم بعد هذه الجولة يذهبون كاملاً للبيت لحضور وليمة الغداء.

أما في يوم السبت فتكون هناك حفلة في ساعات المساء، كما يتم فيها توزيع الحلويات وكيكة الأرز والتي يطلق عليها اسم “القودوقودو” وفي هذا اليوم تكون وليمة خاصة للنساء يقدم فيها جميع الأطعمة ويضاف إليها أيضاً السمك.

ثم يوم الأحد يكون هناك عزيمة لكنها تكون عند عائلة الزوجة والزوج هو من يدعو الناس بعدد محدد من طرف عائلة الزوجة زلعائلة الزوجة كذلك الحق في دعوة أناس آخرين.
 

ثم في يوم الثلاثاء يكون هذا اليوم وهو مخصص للهدايا التي سيحضرها الزوج لزوجته حيث يقوم بحملها من منزل أهل الزوج في موكب من النساء أقارب الزوج قد يصل الموكب إلى أكثر من مئة امرأة يمرون في الحي كاملا حتى يمكن للناس مشاهدة هذه الهدايا والتي تُحمل  إلى بيت الزوجة والذي أصبح بيتهما وتتكون هذه الهدايا غالباً من الأتي:

1- 100 قطعة من القماش الذي يطلق عليه “سالوفا” وشكله شبيه بالشال لكنه نسائي يوضع عادة على الكتفين أو الرأس.

2- 100 قطعة جاكيت “البالطو الأسود”.

3- ثوب يطلق عليه اسم “سهاري” وهو فستان لونه ذهبي به خطوط سوداء.

4- 100 زوج نعال من جميع الأنواع “أحذية، صنادل بالكعب وبدون الكعب”.

إنما هذه الطقوس تختلف بنسب متقاربة إما في الترتيب وإما في بعض العادات والتقاليد من قرية إلى قرية ومن مكان لآخر. وبهذه العادات والتقاليد المعروفة تكون قد تمت عادات وطقوس الزواج الكبير في جزر القمر.

المصدر: آثار البلاد وأخبار العباد، أبو يحيى القزويني، 2016تاريخ واسط، أسلم بن سهل الرازيموجز تاريخ العالم، هربورت جورج ويلز، 2006دول العالم حقائق وأرقام، محمد الجابري


شارك المقالة: