علاقة التسلط والقهر في التخلف الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يأخذ نظام التسلط والقهر على المستوى اللاشعوري شكل العلاقة الوثيقه، وهناك من جانب طرف مستبد وظالم وقاسي، ينزل العذاب والأذى بضحيته، لا يقدر أن يشعر بالوجود إلا عن طريق تقليلها، وتسبب الآلام لها، لا يشعر بالقوة إلا عن طريق التحقق من قلة الضحية الذي كان هو سببه، هذا الطرف المهيمن لا يلبث له توازن إلا حين يدفع بذلك المقهور إلى مكان استجابة العاجز الخاضع.

علاقة التسلط والقهر في التخلف الاجتماعي

معرفة التعذيب الجسدي وصاحبه هما علاقة سطوة، لا يقدر المسيطر المقهور أن يكون إلا عن طريق التعزيز المستمر لسطوته، وهذه لا تتعزز إلا بمقدار إضعاف الطرف الآخر في العلاقة، تحطيمه والاستحواذ الكامل عليه، وتبلغ أهدافها عندما يعترف هذا الشخص المتعذب بسطوة المقهور، ويقر بعجزه إزاءه، إن الرباط الإنساني يأخذ في هذه الحالة منحنى سيادة الأنوية بدل توازن التعاطف والاعتراف المتبادل.

يعتبر الشخص المقهور في الأساس عدوان قبل أن يكون قهراً، فهو إلحاق الأذى الجسدي سواء مادي أو وجسدي أو معنوي قبل أن تكون تلذذاً بالألم، كما كان يشيع من آراء، وأهم من الشخص المقهور المادي والمعنوي، كيفية الخضوع والاستسلام للمهانة والتسليم بالضعف الذاتي.

ويتصل الشخص المتخلف المقهور في علاقة موقعية، تعيّن له مكانته، وتأخذ كل من المعاناة الجسدية والأذى الجسدي زخمهما الحيويين من نزوة الموت، بما تتخذه من صور القسوة والشدّة، فمصدرهما النزوي واحداً دائماً، القسوة والشدّة يتوجهان إلى الخارج، منزلين الألم والمعاناة بالضحية عند الشخص المتخلف، بينما يرتدان إلى الذات التي تستسلم للأذى.

وكل هذا دفاع عن الذات، فالشخص المعذب جسدياً  يعنف ويقسو هرباً من آلامه الداخلية، من مشاعر الذنب التي تقضّ أعماق وجوده، وكلما زادت قسوته أشار ذلك على شدة ارتعابه من أن ترتد عدوانيته إلى ذاته فتقضي عليها، الشخص المقهور يتنكر لمعاناته عن طريق إلحاق الضرر بضحيته التي تجسد ما يخشاه من نفسه، وما يتنكر له عن طريق هذا التجسيد بالتعين، فهو يستسلم ويستنزل الضرر بنفسه دفاعاً ضد آلامه التي يخشى توجهها إلى الخارج، وإفلاتها من حكمه بصورة تدمر الآخر، وبالتالي تدمر الذات معه، حيث أن الشخص يعجز عن تحمل معاناته وتعذيبه الجسدي.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: