علاقة علم الاجتماع بالفلسفة

اقرأ في هذا المقال


علاقة علم الاجتماع بالفلسفة:

لعل من البديهات أن كل العلوم، الطبيعي منها والاجتماعي، قد تنشأ في أحضان الفلسفة، وكثيراً ما يتردد القول بأن الفلسفة هي أم العلوم، ومع ذلك فقد راحت العلوم الطبيعية والإنسانية تبحث عن مجالاتها الخاصة وتطور البحث والدراسة في هذه المجالات، حتى بدأ كل منها يشكل لنفسه ميداناً خاصاً، ويطور أساليب خاصة في البحث والتحليل، وكلما تبلور موضوع ومنهج ونظرية، نشأ علم جديد، وأخذ في الاستقلال عن الفلسفة، واتخذ لنفسه صفات خاصة ومنظورات متميزة.

ولقد كان هذا هو حال علم الاجتماع، نشأ كغيره من العلوم في إطار الفلسفة، أو في أحضانها إن صح التعبير، واهتم بدراسة تارسخ الإنسانية، وتاريخ المجتمعات في نشوتها وارتقائها، وتدهورها وظهر في هذا النطاق ما يعرف بإسم فلسفة التاريخ التي شكلت مرحلة متميزة عن طريق نمو علم الاجتماع، واكتمال ملامحه.

ومع أن علم الاجتماع قد وجد في سبيله للتطور الابتعاد عن الدراسات الفلسفية، إلا أنه لا تزال هناك علاقات واضحة بينه وبين الفلسفة، فإذا كانت الفلسفة هي الدراسة المنسقة للفكر والمعارف الإنسانية، فإذا علم الاجتماع يدرس الإنسان نظرة شمولية في إطار واقع اجتماعي له ملامحه الخاصة.

كما أن هناك نقاط التقاء بين الفلسفة وعلم الاجتماع تتمثل في التصورات التي تتشكل لدينا عن كل ما يحيط بنا، كما تتمثل في العلاقة بين المادة والوعي، أو العلاقة بين الأمور الذاتية والأمور الموضوعية.

ومعنى ذلك أن علم الاجتماع إذا كان قد شكل لنفسه مجالاً ومنهجاً خاصاً، واتخذ شكل العلم المستقل، إلا أنه ليس في غنى عما تمده به الفلسفة من قواعد للاستقراء، والاستنباط، ومنابع الأخلاق والدين وجذور المعرفة، وغيرها من الأمور التي تحظى باهتمام مستمر من هذين العلمين.

كذلك فإن علم الاجتماع بدأ يقدم تفسيرات علمية لكثير من القضايا الفلسفية، فاجتماعية المعرفة والأخلاق والوظيفة الاجتماعية للدين كل هذه من المسائل التي يسهم علم الاجتماع في دراستها دراسة علمية منظمة تضيف أبعاداً جديدة لدراستها من المنظور الفلسفي.

ولقد يفسر تأكيدنا على هذه الرابطة، أن دراسي الفلسفة ينطلقون في كثير من دراساتهم من تيارات الفكر اليوناني، كذلك يفعل علماء الاجتماع في دراسة النظرية والفروع المختلفة مثل علم الاجتماع السياسي، والاقتصادي وغيرها، فمنابع الفكر في العلمين واحدة، وإن العوامل التي تجمعهما أكثر من العوامل التي تفرق بينهما، بحيث يمكن القول أنه لا غنى لعلم الاجتماع عن الفلسفة أو العكس.

المصدر: مناهج البحث العلمي، محمد الجوهري.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط محمد حسن.


شارك المقالة: