نسق الشخصية في علم الاجتماع عند تالكوت بارسونز

اقرأ في هذا المقال


نسق الشخصية في علم الاجتماع عند تالكوت بارسونز:

ركز تالكوت بارسونز على نسق الشخصية، وهو من أنساق البناء الاجتماعي الكلي، وهو يقول أن جميع أفراد المجتمع الواحد يشتركون في عدد كبير من التوقعات والمعايير والقيم العامة، ويتم ذلك من خلال دمج الأفراد لهذه العناصر الثقافية، مما يخلق نمطاً عاماً للشخصية في المجتمع.
وتتميز الشخصية لديه بسعيها العقلاني والبراجماتي، لتحقيق أهدافها في إطار ثقافي محدد، ومن خلال ترتيبات اجتماعية تعمل على توفيرها النظم الاجتماعية، بالتعاون مع القوة البيولوجية التي يمنحها النظم البيولوجي، فالشخصية بالنسبة له فاعلة اجتماعياً فهي تكتسب المقومات الأربعة التالية التي تعطيها القدرة على الفعل الاجتماعي.

مقومات نسق الشخصية عند تالكوت بارسونز:

  • العمل لإنجاز الأهداف الشخصية والاجتماعية.
  • التفاعل عاطفياً وشعورياً مع الفئات الاجتماعية، والعلاقات الاجتماعية.
  • بيان المتغيرات التي تحتوي على المواقف الاجتماعية، سواء أكانت متغيرات بشكل ظاهري أم بشكل خفي.
  • التفاعل مع المواقف المختلفة بجانب من جوانب الشخصية فقط وليس بجميع جوانب الشخصية.

يتضح من ذلك أن الشخص الاجتماعي، أو الفرد في سعيه الدؤوب لتعظيم إشباعه لحاجاته، وتحقيق ﻷهدافه، إنما هو شخص براجماتي يوجه سلوكه حسب توقعاته للربح أو الخسارة، وفي إطار عام من القيم الثقافية المشتركة والبراجماتية بوصفها أيديلوجياً، جزء من النظام الثقافي للمجتمع بشكل عام، وهي تقوم على مبادئ فلسفية راسخة في المجتمع الأمريكي بشكل خاص، تتضمن التحرر من التقاليد والإيمان بالعلم للسيطرة على الطبيعة، وقياس السلوك في ضوء نتائجه.
فالروح البراجماتية لا تؤمن بالجبر، بل تؤمن أن ظروف الحياة يمكن تحسينها بالإصرار على العمل العقلاني الدؤوب، وأن النظريات والمذاهب إنما هي فروض للعمل يتم امتحانها بما ينتج عنها في المواقف الفعلية للحياة.
وأن المثل الأخلاقية ليست لها وجود إذا انفصلت عن وسائل تحقيقها، وأن الحقيقة ليست متغيرة وليست ثابتة، وليست نظاماً كاملاً، بل هي عملية مستمرة وفي تغير مستمر، فما يعتبر اليوم حقيقة قد لا يكون كذلك في المستقبل القريب، وأن الإنسان ليس عبداً مقيداً، بل هو إنسان حرّ يملك عقلاً وإرادة حرة، قادر على الاختيار، ويمارس حقه في الاختيار باستمرار، وأن الناس يطورون نشاطاتهم، مؤسساتهم، ومبادئهم التي تنظم سلوكهم في الحياة اليومية.
بالرغم من هذه البراجماتية الواضحة التي تميز الشخص الاجتماعي عند بارسونز، فإن هذا الشخص أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، فهو وحدة سيكولوجية عاطفية كذلك، تمتلك القدرة على إعطاء معنى شخصي للمثيرات والمواقف الاجتماعية التي يتفاعل معها وداخلها.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: