علم الجريمة واستمرار السمات والخصائص البشرية

اقرأ في هذا المقال


كان الفلاسفة اليونانيون القدماء بالإضافة إلى كونهم المصدر المحتمل لعلم الفراسة من بين أول من أدرك ومحاولة شرح استمرار السمات والخصائص من جيل إلى آخر، فاستخدم أفلاطون وأرسطو مفهوم الارتباط لشرح كيف تولد العمليات العقلية الحالية (خاصة الذكريات) من العمليات العقلية السابقة، واتسعت هذه المعتقدات لتشمل جميع العمليات العقلية في أيدي الفلاسفة مثل ديفيد هيوم وميل وجون لوك.

النمط البشري عبر الأجيال

بالنظر إلى أنّ الذكريات والخصائص والسمات الأخرى التي قد تكون غير مرغوب فيها يمكن أن تستمر عبر الأجيال، ودعا أفلاطون إلى سيطرة الدولة (الحكومة) على التكاثر، ويُمارس قتل الأطفال كشكل من أشكال السيطرة على السكان في روما القديمة وأثينا وسبارتا، كما انخرط العديد من المجتمعات القديمة في ممارسات لاستبعاد الأعضاء الضعفاء والمرضى والمشوهين أو غير المناسبين مثل تعريض الأطفال الصغار للعناصر لمعرفة أي منها لديه القوة والذكاء والذكاء للبقاء على قيد الحياة.

بدأ العلماء بدراسة طبيعة السمات الثابتة في النباتات والحيوانات قبل تطبيق هذه المُثُل على البشر، ومع ذلك بمجرد التأسيس استغرق الأمر القليل من الوقت نسبيًا والجهد القليل نسبيًا لشرح الأنماط البشرية بهذه المبادئ، وكما هو ملاحظ هو تميز منتصف القرن الثامن عشر إلى أواخره بالتقدم السريع في العلوم الطبيعية مما أثر بشكل إيجابي على البحث الموجه بيولوجيًا في العلوم الاجتماعية.

نظريات وآراء حول علاقة علم الجريمة بالسمات البشرية

بيير لويس مورو دي موبرتوس

في عام 1745 نشر الفيلسوف وعالم الرياضيات الفرنسي موبرتوس 1698–1759 فينوس المادية (Maupertuis Venus Physique – Physical Venus)، حيث اقترح نظرية التكاثر التي تحتوي فيها المواد العضوية على آليات للتنظيم بشكل طبيعي، وناقش بعد ذلك وجهات نظره حول الوراثة وفحص مساهمات كلا الجنسين في الإنجاب ودرس الاختلافات من خلال الإحصائيات، وما إذا كان يمكن أن يُنسب الفضل إلى موبرتوس في كونه من بين أول من حاول توضيح نظرية التطور أم لا، ويعود الفضل إليه عمومًا في تحديد المبادئ الأساسية للفكر التطوري جنبًا إلى جنب مع معاصره جيمس بورنيت.

ديفيد هارتلي والمدرسة النقابية

نشر هارتلي 1705-1757 (مقتبسًا إلى حد ما من الفيلسوف جون لوك) أكثر أعماله تأثيرًا بملاحظات حول الإنسان وإطاره وواجبه وتوقعاته في عام 1749، وحاول فيه شرح الذاكرة والفكر بشكل عام من خلال عقيدة جمعية، وكان هذا مهمًا لأنّه حاول ربط عمليات الجسم بعمليات الدماغ، وأوضح أنّ الأفعال والأفكار التي لا تنتج مباشرة عن منبه خارجي تتأثر بالنشاط المستمر للدماغ بسبب تجارب الإنسان السابقة وبوساطة الظروف الحالية، مما يجعل الإنسان يتصرف بطريقة أو بأخرى.

غالبًا ما ترتبط أنشطة الدماغ التي أطلق عليها هارتلي الأحاسيس معًا وتصبح مرتبطة بأفكار وأحاسيس أخرى وتشكل أفكارًا جديدة، وكان عمل هارتلي مهمًا لأنّه جلب التركيز العلمي إلى عملية التفكير وأصل العواطف وتأثير المشاعر على خلق العمل التطوعي، وهذه فلسفة وضعية لا يُنظر إليها على أنّها نتيجة مباشرة للإرادة الحرة الصارمة.

توماس روبرت مالتوس

في عام 1798 نشر مالتوس 1766-1834 وهو عالم سكاني إنجليزي وخبير اقتصادي سياسي مقالًا عن مبدأ السكان، الذي اقترح فيه أنّ السكان يكافحون من أجل الوجود في التنافس على الموارد، وكانت فرضيته الرئيسية هي أنّ الزيادات في عدد السكان تؤدي إلى زيادة المنافسة على الموارد الشحيحة وخاصة الغذاء، وعندما يصبح المجتمع مكتظًا بالسكان فإنّ أولئك الذين هم في أسفل الطبقات الاجتماعية والاقتصادية يعانون أكثر من غيرهم (ويموتون غالبًا)، وأوضح أنّ بعض الأحداث والظروف الطبيعية تعمل على التحكم في النمو السكاني (على سبيل المثال الحرب والمرض والمجاعة) وأنّ ضبط النفس الأخلاقي (مثل الامتناع عن ممارسة الجنس والزواج المتأخر) يمكن أن يؤدي نفس الوظيفة.

على عكس العديد من الاقتصاديين في ذلك الوقت الذين اعتقدوا أنّ زيادة معدلات الخصوبة والسكان ستوفر المزيد من العمال وستزيد من إنتاجية المجتمع، فجادل مالتوس بأنّ توفير الموارد لا يمكن في كثير من الأحيان مواكبة النمو السكاني وسيؤدي إلى مزيد من الفقر بين الطبقات الدنيا، وطبق العلماء اللاحقون هذا التصوير للنضال من أجل الوجود على النباتات والحيوانات وكان مفيدًا لتشارلز داروين (وآخرين) في الحجج حول الانتقاء الطبيعي والبقاء للأصلح (وهي عبارة صاغها هربرت سبنسر).

جان باتيست لامارك

يعتبر لامارك أول من صاغ نظرية متماسكة للتطور على الرغم من أنّه يعتقد أنّ الكائنات الحية نشأت من خلال التوليد التلقائي بدلاً من مشاركة مصدر مشترك، وتميزت نظريته بحجتين رئيسيتين وهم:

1- أنّ الكائنات الحية تتطور من أبسط إلى أكثر تعقيدًا عبر الأجيال.

2- أنّ الكائنات الحية تطور تكيفات بسبب بيئاتها أو بسبب ضرورة (أو عدم وجود) خصائص معينة (الاستخدام -أو خسرتها).

المصدر: رؤوف عبيد، أصول علمي الإجرام والعقاب (دار النهضة العربية، القاهرة 1985(.إيناس محمد راضي (19-9-2015)، "الجريمة"، University of Babylon ، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017. أ. د. محمد جبر الألفي (20-10-2016)، "ماهية الجريمة الجنائية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017.سعد الراشد (27-1-2015)، "أسباب الجريمة وطرق مكافحتها"، الجماهير، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.


شارك المقالة: