عمر بن عبد العزيز

اقرأ في هذا المقال


التعريف بعمر بن عبد العزيز:

هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي، أمه ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولد في المدينة المنورة وتلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان، ثم زوَّجه عمه عبد الملك بابنته فاطمة وعيَّنه أميراً على دير سمعان وهي إمارة صغيرة بالقرب من حلب، ولُقِّب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خلافة سيرة الخلفاء الراشدين.
وتولَّى الخلافة في دمشق بعد سليمان بن عبد الملك سنة 99هـ، ولٌقِّب بالخليفة العادل؛ لعدله ومكانته في الحكم، وفي سنة 87هـ ولَّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على المدينة المنورة ثم ضمَّ إليه الطائف سنة 91هـ وبذلك أصبح والياً على الحجاز كلها، ومن أبرز أعماله في المدينة المنورة هو عمل مجلس الشورى، حيث يتكون من من عشرة فقهاء من المدينة المنورة، ثُمَّ عيَّنه الخليفة سليمان بن عبد الملك وزيراً في عهده.
وفي عصر عمر دخلنا بعصر رائع من عصور الإسلام، حيث تجلَّت مظاهر العدل والحكمه والتقى الفهم والإدراك وحسن السياسة، وكان ناجحاً في أعماله ولا يلقى أي معارضه بل تسير معه الأمور كما تسير المياه في النهر الجاري.

الولايات في عهد عمر بن عبد العزيز:

كانت الولايات هادئه لم يحدث فيها شيء كبير، وأهم ما حدث فيها أنه عزل الولاة الذي رأى أنهم ظلموا وتجبَّروا.

الشام:

وقف عمر بن عبد العزيز في وجه الأمراء وما كانوا يأخذوه من أُعطيات، وطلب منهم أن يقوموا بما عليهم من حقوق، فوقفوا مع بعضهم ضده وحرَّضوا عليه أصحابه وأقربائه، لكن لم يلقى ذلك نفعاً، وبقي معه ابن عمه مسلمة بن عبد الملك فقط.

الحجاز:

كان أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عامل عمر في المدينة المنورة، حيث كان منذ عهد سليمان بن عبد الملك وأبقاه عليها، أما في مكة المكرمة فقد ولَّى عليها عبد العزيز بن عبدلله بن خالد بن أسيد.

العراق:

قام عمر بن عبد العزيز بعزل يزيد بن المهلب وصالح بن عبد الرحمن عن العراق وخراسان، وولَّى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب على الكوفة، وولَّى عدي بن أرطأه الفزازي على البصرة، والجراح بن عبدلله الحكمي على خراسان، وقام بالقبض على يزيد بن المهلب وأرسله إلى دمشق وسجنه عمر حتى يرجع الأموال التي أخذها بدون حق.

خراسان:

كان مخلد بن يزيد بن المهلب والياً عليها، فعزل عنها بعزل أبيه عن العراق، وتولَّى الجراح بن عبدلله الحكمي خراسان من بعده، وبقي والياً لسنة ونصف تقريباً، ثُمَّ عزله عمر؛ لأن الجزية لم ترجع لمن أسلم من جرجان.

مصر:

قام عمر بن عبد العزيز بعزل عبد الملك بن رفاعه وولَّى مكانه أيوب بن شرحبيل، وعزل أيضاً أسامة بن زيد التنوخي عن صدقات مصر.

أفريقيا:

قام بعزل محمد بن يزيد بن مسلم عن صدقات أفريقيا، وكان إسماعيل بن عبيدالله بن أبي المهاجر والياً على أفريقيا، وقام عمر بإرسال عشرة من الفقهاء للدعوة إلى الإسلام، واستجاب حينها البربر لذلك، ثُمَّ تولَّى الخلافة في إفريقيا يزيد بن أبي مسلم. وولَّى السمح بن مالك الخولاني أمر الأندلس لما عرف عنه دينه وتقاه، وعزل الحر بن بن عبد الرحمن الثقفي عن الأندلس، وأخاه عبد الرحمن الثقفي عن صدقات الأندلس.

سياسة عمر بن عبد العزيز العامة:

كان عمر بن عبد العزيز يتميز بنظرة عميقة للأمور، سواء إن كانت في السياسة الداخلية والخارجية أو في الأمور الإدارية أو المالية، وكان أول خليفة شاذاً عن النهج التقليدي المتبع في السياسة الأموية، وكانت حياته تتسم بالبساطة والابتعاد عن أي مظاهر ملكية، وتناول في إصلاحاته جميع الجوانب الحياتيه وأعاد النظر في الإسلوب والنهج.
ففي السياسة الخارجية يعتبر أمرة بانسحاب مسلمة بن عبد الملك عن محاصرة القسطنطينية تحديداً لموقفه للفتوحات، حيث كان مهتماً بتجميد العمليات العسكرية، والحفاظ على مكتسبات الفتوحات والدفاع عنها من أي خطر يمكن المساس بها، وأيضاّ كانت مواقفه سلميه مع الديانات الأخرى وكان يقوم بدعوتها للإسلام.
أما السياسة الداخلية كانت تقتضي بإصلاحات في جميع جوانب المجتمع الإسلامي، إذ كان منفتحاً على جميع الأحزاب المعارضة، وخلق طبقة إدارية متأثرة بالإصلاحات، وكانت لديه القدره على استيعاب المشاكل السياسية والاقتصادية الناتجة عن الفتوحات.
أما فيما يتعلق بالتسامح مع الديانات الأخرى، نظَّم حملة حماسية للدعوة إلى الإسلام، وقام بتقديم إغراءات مادية للدخول للدين الإسلامي، ودخل حينها الكثير من سكان بلاد ما وراء النهر والكثير من أمراء السند، وأرسل الفقهاء للمغرب؛ ليفقِّهوا مسلمي البربر، وكان لعامله إسماعيل بن عبدلله نشاطاً واضحاً لدعوة ما تبقى من البربر للدين الإسلامي.
أما من الناحية الإدارية كان لدى عمر بن عبد العزيز نظرةً ثاقبة ومستوى عالي من التفكير، حيث كان متمرساً بالأمور اللإدارية منذ كان والياً على المدينة المنورة وخناصرة، وقربه من الخليفة سليمان زاد من خبرته في الأعمال الإدارية، وعمل على تحقيق العدالة في أعماله، واتخذ منهجاً ليحافظ على المال والوقت والجهد، وأحسن اختيار ولاته من حيث الكفاءة والإيمان والقبول.
أما قدرته على استيعاب المشاكل التي نتجت عن الفتوحات، فقد عمل على إزالة الجزية من الذين أسلموا حديثاً؛ لتحقيق المساواة بين المسلمين بغض النظر عن طبقاتهم وأصولهم، ونتيجة لهذه السياسة أقبل الكثير من الناس للدخول إلى الدين الإسلامي.

وفاة عمر بن عبد العزيز:

توفي عمر بن عبد العزيز سنة (101هـ/ 720م) في دير سمعان وكان عمره حينها تسعة وثلاثون عاماً، وكانت مدة خلافته سنتين ونصف تقريباً، وكان عهده من أفضل العهود.

المصدر: كتاب تاريخ الدولة الأموية، محمد سهيل طقوشكتاب أطلس تاريخ الدولة الأموية، سامي بن عبدلله بن أحمد المغلوثكتاب الدولة الأموية والأحداث التي سبقتها ومهدت لها ابتداء من فتنة عثمان، يوسف العشالتاريخ الإسلامي الدولة الأموية، محمود شاكر


شارك المقالة: