فلفريدو باريتو ونظريته في التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يؤكد فلفريدو باريتو في نظريته لتفسير التغير الاجتماعي على ضرورة تفسير هذا التغير من خلال الواقع السيكولوجي البيولوجي للأفراد.

فالبنية السيكولوجية البيولوجية للأفراد هي التي تُحدد طبيعة الظواهر الاجتماعية، وهي التي تُحدد بالتالي خصائص ومميزات المجتمع، كما أنها مسؤولة عن التقسيم الطبقي في المجتمع، إذ أنها تتحكم في قدرة الأفراد على امتلاك الموارد، وامتلاك القدرة على اتخاذ القرارات.

المفاهيم التي استخدمها باريتو في تفسير التغير الاجتماعي

استخدم فلفريدو باريتو في نظريته حول التغير الاجتماعي عددا من المفاهيم النفسية والاجتماعية والبيولوجية، أهمها:

  • مفهوم الصفوة.
  • مفهوم البنية السيكولوجية للفرد.
  • مفهوم النَسَق.
  • مفهوم التوازن داخل النَسَق.

ويُوضح في مؤلَفه الضخم ( مقدمة في علم الاجتماع) الذي نُشِرَ عام ١٩١٦م رفضَه للتفسيرات المادية للظواهر الاجتماعية.

وما المجتمع بالنسبة له إلا نَسَق يتكون من مجموعة من الأفراد اللذين يتمايزون في قدراتهم، ويتمايزون بالتالي في امتيازاتهم، بالرغم من أنهم مُرتبطون سوياً داخل النَسَق، وهي فكرة تقترب إلى حدّ كبير من فكرة تالكوت بارسونز حول التغير داخل النَسَق. بل إن مفهوم النسق نفسه الذي قدمه باريتو أُستُخدِم من قِبَل بارسونز بصفته مفهوماً جوهرياً من مفاهيم النظرية البنائية الوظيفية.

أقسام المجتمع عند باريتو

ينقسم المجتمع عند باريتو إلى جماعتين أساسيتين هما:

  • الجماهير: اللذين يتميزون بالجهل وقلة الدافعية وعدم القدرة على التأثير على مجريات الأمور والحاجة باستمرار إلى القمع والعنف.
  • الصفوة: التي تتميز بالتفوق السيكولوجي، والامتيازات الاجتماعية والقدرة على الحكم، والتغيير والتطوير. فالتغيير في المجتمع هو من صُنع الصفوة، بينما تتلقى الجماهير هذا التغير وتتبعه دون تفكير ودون أن يكون لها رأي فيه.

تحليل باريتو للصفوة

تحليل باريتو للصفوة ودورها في التغير شديد التعقيد، فهو يُوَضح أن الصفوة فئات كبيرتان هما: |

  • الصفوة الحاكمة: التي تُمارس السلطة السياسية.
  • الصفوة غير الحاكمة: التي تتمتع بالامتيازات، والمكانة لكنها لا تُمارس السلطة السياسية بالرغم من أنها مؤهلة لذلك، وعليها أن تنتظر دورها حين يتسرب عدد من أعضائها عبر قنوات محدودة ليصبحوا أجزاءً في الصفوة الحاكمة.

الصفوة الحاكمة بدورها تنقسم إلى فئتين:

  • فئة المغامرين أو الثعالب: اللذين يتميزون بالمراوغة والاندفاع نحو أهداف جديدة تُحَقق لهم مزيداً من المكاسب.
  • فئة الُمحافظين أو الأسود: اللذين يتميزون بالوضوح والاتزان وعدم الرغبة في التجديد.

وتتداول هاتان الفئتان السلطة وتؤثر كل منهما على طبيعة المجتمع تأثيراً متفاوتاً، فحين تحكم فئة المغامرين فإن المجتمع يشهد تغيرات عديدة، وبإيقاع سريع.

أما حين تحكم الفئة المُحافظة فإن المجتمع يشهد تغيرات أقل، وبإيقاع بطيء.

وقدّ اعتُبرت أفكار باريتو نقداً موجهاً ضدّ الماركسية التي تَعتَبر الجماهير أداة التغير في المجتمع. كما يُعتَبر باريتو مُدافعاً مُتحمساً عن الرأسمالية، ومكانة الصفوة في المجتمع، مُعارضاً لتدخل الحكومة في شؤون الاقتصاد.

العلماء اللذين أثرت فيهم نظرية فلفريدو باريتو

أثرت بعض المفاهيم التي طورها باريتو على تالكوت بارسونز الذي تبنى مفهومي النَسَق وتوازن النَسَق وصاغ منها مقولة أساسية من مقولات البنائية الوظيفية وهي تلك التي تقول: (أن جميع الأبنية الاجتماعية أنساق اجتماعية يمكن أن تُحَلل من خلال مفهوم النَسَق ). وأن قيام أجزاء النَسَق بوظائفها المختلفة يحافظ على توازن النَسَق واستمراره في الوجود.

أي أن مقولة البنائية الوظيفية التي تشير إلى أن “جميع الأبنية الاجتماعية هي أنساق اجتماعية يمكن أن تُحَلل من خلال مفهوم النَسَق” تتعلق بفهم العلم الاجتماعي للمجتمع والتركيب الاجتماعي. هذه المقولة تعكس فلسفة البنائية الوظيفية ومنهجها في فحص كيفية تنظيم ووظيفة المؤسسات والهياكل في المجتمع.

كما أثرت أفكاره أيضاً على روبرت ميشلز الذي استخدم مفهوم الصفوة ليوضح تحول المؤسسات إلى الصفوة المُتَحكِمة.


شارك المقالة: