كيف يعمل علماء الأنثروبولوجيا الطبية؟

اقرأ في هذا المقال


نظرًا لأن الأنثروبولوجيا الطبية هي مجال واسع يستمد من مجموعة متنوعة من التخصصات ومجالات الخبرة، يترتب على ذلك أن النهج المتبع يأتي من الأبحاث والبيانات التي تم جمعها من مجموعة متنوعة من المتخصصين والعديد من المجالات.

كيف يعمل علماء الأنثروبولوجيا الطبية؟

تتطلب معظم مشاكل البحث استخدام البيانات من مختلف المجالات والتكامل معها، مما يعطي الأنثروبولوجيا الطبية الطبيعة متعددة التخصصات التي تميزها اليوم. ومن أجل فهم السياق الثقافي لأي قضية صحية معينة، من الضروري جمع البيانات الإثنوغرافية من قبل علماء الأنثروبولوجيا الثقافية في الميدان.

وهذا يوفر للباحث فهماً واسعاً لنظام الطب، ويوفر أيضًا التفاصيل الدقيقة اللازمة لفهم السلوك الصحي في معظم الأماكن، حيث ما يسمى “النظام الطبي” غير المنفصل عن الأفكار والممارسات الدينية، وهو أيضًا جزء لا يتجزأ من الظروف المادية في الحياة، أي في النظام الاقتصادي للمجتمع وطريقة كسب العيش.

البيانات الإثنوغرافية مهمة لعلماء الأنثروبولوجيا الطبية:

البيانات الإثنوغرافية، إذن، توفر معلومات عن الدين والقرابة وهيكل الأسرة، وممارسات الزواج، وتقنيات الكفاف، وبالتالي توفير كامل لحساب الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية وظروف حياتهم، فما الذي يفعلونه عندما يمرضون، وما أنواع التصورات التي لديهم عن الصحة الجيدة؟ يجمع البحث الإثنوغرافي هذه البيانات من خلال عمل مكثف وفي كثير من الأحيان دراسة ميدانية طويلة المدى.

فإذا أراد عالم الأنثروبولوجيا الطبية فهم الظروف الصحية المرتبطة، فإنه سيحتاج هذا الشخص إلى مقابلة الناس، وزيارة منازلهم ومشاهدتهم وهم يمضون في حياتهم اليومية. هذا يمكنه من استكمال طريقة البحث، والتي تسمى مراقبة المشاركين لجمع بيانات المسح الكمي ذات الصلة بالموضوع المطروح.

جمع البيانات الوبائية مهم لعلماء الأنثروبولوجيا الطبية:

جمع البيانات الوبائية مهم أيضًا لعلماء الأنثروبولوجيا الطبية. حيث أن علم الأوبئة هو دراسة توزيع ومحددات مختلف أشكال المرض في البشر. حيث تأتي هؤلاء البيانات من مجالات العلوم الطبيعية والإكلينيكية وتوفر إحصاءات الصحة التي تساعد الباحثين على النظر إلى الأمراض ومجموعات الأشخاص المعرضين للخطر لتلك الأمراض. وعلى سبيل المثال، في الأماكن التي توجد فيها الملاريا، يجب على عالم الأنثروبولوجيا الطبي تحديد المناطق المعرضة للخطر وعدم إداخل الأشخاص إليها.

وعلى الرغم من وجود الملاريا في بعض البيئات البيئية التي يسكنها البعوض وهو الناقل للمرض، ليس كل الناس الذين يعيشون في هذه المناطق هم عرضة للخطر بنفس القدر. كما اكتشف بيتر براون من دراسة الملاريا في العديد من المجتمعات، إنه ليس فقط كبار السن والرضع أكثر عرضة للوفاة من الملاريا، لكن الأشخاص في الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا هم أكثر عرضة للإصابة بالملاريا بسبب عملهم في المناطق الموبوءة بالملاريا.

وبشكل عام جميع الناس في الطبقات الاقتصادية العليا، كانوا أكثر حماية بسبب تكيف الممارسات الثقافية، مثل الهجرة إلى المرتفعات في موسم الملاريا. لذلك، يبحث براون في وبائيات الملاريا، أي التوزيع والمحددات ولكن بالنظر إلى الأنماط الثقافية التي يؤثر عليها توفر البيانات الإثنوغرافية والبيئية، مما يجعل هذا مثال جيد على الطبيعة متعددة التخصصات لدراسات الأنثروبولوجيا الطبية.

وتعتبر الأمراض الأخرى وبائية ذلك أنها تؤثر على عدد كبير من الناس في فترة زمنية قصيرة. فالطاعون الدبلي أو “الموت الأسود”، هو مثال كلاسيكي على الوباء في الطريقة التي اجتاحها الشرق الأوسط في القرن الرابع عشر الميلادي، مما أسفر عن مقتل أكثر من ربع تعداد السكان. كما كل عام تنتشر أوبئة الأنفلونزا في جميع أنحاء العالم، وتؤثر على الملايين من الناس خلال موسم الانفلونزا.

فهم الصورة البيئية مهم لعلماء الأنثروبولوجيا الطبية:

إلى جانب البيانات الوبائية والإثنوغرافية، من المهم أيضًا فهم الصورة البيئية، حيث من خلال جمع البيانات عن هذه الميزات، يمكن أن يساعد عالم الأنثروبولوجيا الطبية في شرح سبب حدوث المرض في أماكن معينةو في أوقات معينة. وفي حالة الملاريا على سبيل المثال، فالإصابة بالملاريا يرتبط ارتباطً مباشراً بمناطق ارتفاع مختلفة وأحجام المستوطنات، والطرق التي يسكنها الإنسان في المستوطنات. حيث تم العثور على الملاريا بشكل أكثر شيوعًا في المناطق الريفية المنخفضة.

تلعب البيانات السريرية دورا في الأنثروبولوجيا الطبية:

تلعب البيانات السريرية دورًا في الأنثروبولوجيا الطبية، من خلال توفيرها صورة لتشخيص وعلاج المرض لدى الأشخاص المصابين به. حيث تساعد البيانات في تحديد المرض وكيفية علاج المرض من منظور إكلينيكي، ولكن قد تتجاهل البيانات الإثنوغرافية القيمة من خلال التركيز بشكل ضيق للغاية على المرض كعلم الأمراض.

على سبيل المثال، في مثال الملاريا، عالم الأنثروبولوجيا الطبية المتخصص يمكنه تحديد ما إذا كان الشخص مريضًا بالملاريا وما أنواعها حيث سيكون هذا مفيدًا في علاج المرض. دون النظر إلى التفاصيل ومع ذلك، فإن البيانات الإثنوغرافية والبيئية، لن تكون كافية لفهم الصورة الأوسع لكيفية فهم الملاريا في منطقة ما ومحاربته من دون البيانات السريرية.

كما توفر البيانات السريرية أيضًا تمييزًا مهمًا في الأمراض الحادة والمزمنة. حيث يتطور المرض الحاد بسرعة وينتهي بسرعة نسبية، مثل الانفلونزا. فالمرض المزمن هو المرض الذي يستمر لفترة أطول من الزمن، مثل الملاريا أو السل. ومع ذلك، يمكن أن تكون بعض الأمراض حادة ومزمنة.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: