معركة كوسوفو

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر معركة كوسوفو من أهم وأشهر المعارك التاريخيّة، وكان لها أثرًا جوهريًا وحاسمًا في التاريخ الأسلامي وتاريخ العثمانيّين وشبه جزيرة البلقان، كان هدف الدولة العثمانية منها التوسّع غربًا وفتح القارة الأوروبيّة.
حدثت المعركة في عهد السلطان “مراد الأول” بن أورخان بن عثمان، الذي تولّى الخلافة سنة (1360)، وكان يبلغ من العمر(36)، وحكم ما يُقارب (27) عامًا، فقد سار على خُطى والده وأجداده، واستطاع تحويل دولته القويّة إلى إمبرطوريّة مُترامية الأطراف فأستغل ضعف الامبراطوريّة البيزنطيّة آنذاك، فكان هناك خلافات داخليّة بين حُكام البلقان ( البوسنة وصربيا ومكدونيا وألبانيا وكوسوفو). 

أحداث المعركة


قرّر الأمير الصربيّ “لازار” حشد جيوشه والتحالف مع أمراء ألبانيا والبلغار لوقف التقدّم العثمانيّ المندفع بقوّة وسرعةٍ كبيرة نحو البلقان وشرق أوروبا، وقعت معركة كوسوفو في (15 يونيو 1389) بين الجيش الصربي بقيادة الملك الصربي لازار هريبليانوفيتش وجيش الإمبراطوريّة العثمانيّة تحت قيادة السلطان مراد الأول، وقعت المعركة في حقل كوسوفو في الإقليم الذي يحكمه برانكوفيتش، في ما يُعرف اليوم بكوسوفو، موقعها على بعد حوالي 5 كيلومترات (3.1 ميل) شمال غرب مدينة بريشتينا الحديثة.
تألَّف الجيش الصربي بقيادة الأمير لازار من قواته، وهي قوة يقودها القائد الصربي فوك برانكوفيتش، وقوة أرسلتها البوسنة من الملك تفرتكو الأول، بقيادة فلاتكو فوكوفيتش، كان الأمير لازار حاكم صربيا مورافيا والأقوى بين اللوردات الإقليميين الصرب في ذلك الوقت، في حين حكم فوك برانكوفيتش مُقاطعة برانكوفيتش الواقعة في كوسوفو ومناطق أُخرى، مُعترفًا به لازار باعتباره حاكمه.

تختلف الروايات الصربيّة والتركيّة عن المعركة، ممّا يجعل من الصعب إعادة بناء مسار الأحداث، ويُعتقد أنّ المعركة بدأت مع إطلاق الرماة العثمانيين النار على سلاح الفرسان الصربي، الذين استعدوا بعد ذلك للهجوم، وبعد تمركز الجيوش ، تمكّن سلاح الفرسان الصربي من اختراق الجناح الأيسر العثماني، لكنّه لم يكُن ناجحًا ضد المركز والجناح الأيمن.
كان للصرب الميزة الأولى بعد هجومهم الأول، ممّا ألحق أضرارًا كبيرة بالجناح العثماني بقيادة يعقوب جلبي، عندما تمّ الانتهاء من مهمة الفرسان الصربين، هاجم سلاح الفرسان والمشاة العثماني، تزعزعت الدروع الثقيلة الصربية ، تمكنت القوات الصربيّة من صد القوات العثمانيّة، باستثناء جناح بايزيد، الذي بالكاد صدّه البوسنيين بقيادة فلاتكو فوكوفيتش.


وهكذا ألحق فوكوفيتش خسائر فادحة بشكل غير مُتناسب بالعثمانيين، بعد ذلك قام العثمانيون بهجوم مُضاد وشرس بقيادة بايزيد، حيث تمكنوا من دفع القوات الصربيّة إلى الوراء ثمّ انتصرت في وقت لاحق من اليوم.
تقول الحقائق التاريخية أنّ برانكوفيتش رأى أنّه لا يوجد أمل في النصر وهرب لإنقاذ أكبر عدد مُمكن من الرجال بعد القبض على لازار، وفي رواية أُخرى، يُقال إنّه خان لازار وتركه يموت في مُنتصف المعركة، وروي أنّه بعد القبض على لازار وتعرض القوات الصربيّة لخسائر فادحة، في وقت ما بعد انسحاب برانكوفيتش من المعركة، انسحبت القوات البوسنيّة والصربيّة المُتبقية من الميدان مُعتقدة أنّ النصر لم يعد مُمكنًا.
الروايات التاريخيّة تروي أنّه تمّ محو الجزء الأكبر من الجيشين في المعركة وقُتل كل من لازار ومراد، على الرغم من أنّ العثمانيين تمكنوا من إبادة الجيش الصربي، إلّا أنّهم عانوا أيضًا من خسائر فادحة أعاقت تقدمهم.
تُرك الصرب مع عدد قليل جدًا من الرجال للدفاع عن أراضيهم بشكل فعّال، بينما كان للأتراك العديد من القوات في الشرق، ونتيجة لذلك أصبحت الإمارات الصربيّة، التي لم تكُن تابعة للإمبراطوريّة العثمانية سابقًا، خاضعة للدولة العثمانيّة واحدة تلو الأخرى في السنوات التالية، فقد الزعيمان لازار ومراد أرواحهما، وتراجعت بقايا جيوشهم من ساحة المعركة.
ورداً على الضغط العثماني، زوج بعض النبلاء الصرب بناتهم، بما في ذلك ابنة الأمير لازار ، التي تم تزويجها إلى بايزيد بن مراد، في أعقاب هذه الزيجات، أصبح ستيفان لازار يفيتش حليفًا مُخلصًا لبيزيد، واستمر في المساهمة بقوات كبيرة في العديد من الاشتباكات العسكرية المستقبليّة لبايزيد ، بما في ذلك معركة نيكوبوليس، في نهاية المطاف سيحاول الاستبداد الصربي، في مناسبات عديدة، هزيمة العثمانيين بالاشتراك مع المجريين

كيف قُتل السلطان مراد الأول؟


عندما انقلبت المعركة ضد الصرب، قيل أنّ أحد فرسانهم، الذي تمّ تحديده فيما بعد باسم ميلوش أوبيليتش، تظاهر بأنّه فر إلى القوات العثمانيّة، وعند إحضاره أمام السلطان مراد الأول، أخرج أوبيليتش خنجرًا خفيًا وقتل السلطان، وبعد ذلك قتله حراس السلطان الشخصيون على الفور.
دُفن السلطان مراد في كوسوفو، واكتسب قبر السلطان مراد أهميّة دينيّة، يقع في كوسوفو بوليي حيث تمّ دفن الأعضاء الداخلية لمراد الأول فيه، وتمَّ بناء نصب تذكاري من قبل نجل مراد الأول بايزيد الأول على القبر، ليصبح أول مثال للعمارة العثمانية في إقليم كوسوفو. فيما بعد نُقل جثمانه إلى مدينة بورصة.


استمرت المعركة لمدة يومًا واحدًا، والتي أسفرت عن انتصار تاريخيّ للأمبرطوريّة العثمانيّة، ممّا مهد لهم بعد ذلك فتح مساحات واسعة لم تقتصر على إقليم كوسوفو الصغير، وإنّما شملت العديد من مناطق البلقان، انتهت المعركة بمقتل السلطان مراد الأول غدرًا الذي تمكّن من هزم الجيش الصربي، وأيضًا توفي الملك لازار.
دخلت الكثير من شعوب الألبان والبشناق الدين الأسلامي، وأثبتوا إخلاصهم عندما شغلو مناصب عسكريّة ومركزيّة في الدولة العليّة، سيطر العثمانيون على البلقان بأكمله ما عدا بلغراد، واستمرحكمهم في البلقان لأكثر من خمسة قرون، لكن فيما بعد وصل الفتح العثماني إلى بلغراد في عهد سليمان القانوني.

العلم التركي وإرتباطه بمعركة كوسوفو


تقول الروايات التاريخيّة إنّ دلالات العلم التركي أوالعلم العثمانيّ أُخذت من أحداث معركة كوسوفو، إذ يُشير اللون الأحمر إلى دماء الشهداء التي سُفكت في أرض المعركة، وكانت كالبحيرة، والهلال يُشير إلى انعكاس القمر على دمائهم،وفيما بعد ذلك أُضيفت له النجمة.

المصدر: لينسيافيوس. Historiae musulmane turcorum de monumentis ipsorum sxcerptae. ليبري الثالث عشر ، فرانكفورت ، 1501 ، ص. 274.Seadeddin، Chronica dell 'origine e progresse della casa ottomana. فيينا ، 1649 ، ص. 101.جيد ، جون ف.أ. (1994). أواخر البلقان في العصور الوسطى: مسح نقدي من أواخر القرن الثاني عشر إلى الفتح العثماني. مطبعة جامعة ميشيغان. ص 422-3. ردمك 978-0-472-08260-5.


شارك المقالة: