ممارسة علماء أنثروبولوجيا علم الآثار واللغوية والتطبيقية

اقرأ في هذا المقال


ممارسة علماء أنثروبولوجيا علم الآثار:

يركز علماء أنثروبولوجيا علم الآثار على الماضي من حيث الأدوات والطعام والفخار والفن والملاجئ والبذور، وغيرها من الأشياء التي تركها الناس وراءهم، ويسترد علماء أنثروبولوجيا علم الآثار في عصور ما قبل التاريخ هذه المواد ويحللونها لإعادة بناء طرق حياة المجتمعات السابقة التي كانت تفتقر إلى الكتابة، ويسألون أسئلة محددة مثل: كيف عاش الناس في منطقة معينة؟ وماذا اكلوا؟ ولماذا تغيرت مجتمعاتهم مع مرور الوقت؟ ويسألون أيضاً أسئلة عامة عن الجنس البشري مثل متى ولماذا طور البشر الزراعة لأول مرة؟ وكيف تتطور المدن أولاً؟ وكيف تفاعل الناس في عصور ما قبل التاريخ مع جيرانهم؟

والطريقة التي يستعملها علماء أنثروبولوجيا علم الآثار للإجابة على تكهناتهم هي من خلال عملية التنقيب أي بواسطة الحفريات الدقيقة والتخلص من الأوساخ والصخور للوصول لبقايا الآثار أثناء القيام بتسجيل سياقها، ويمتد البحث الأثري ملايين السنين من من أصول بشرية حتى الوقت الحاضر، على سبيل المثال البريطاني عالم الآثار كاثلين كينيون عام 1978، كانت إحدى عالمات أنثروبولوجيا علم الآثار القلائل في الأربعينيات، وهي اشتهرت بدراسة هياكل ومقابر مدينة أريحا، وهي مدينة قديمة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المبكر والذي يقع في ما يعرف اليوم بالضفة الغربية.

ومرتكزة على النتائج التي توصلت إليها، جادلت بأن أريحا هي الأقدم مدينة في العالم وقد احتلتها مجموعات مختلفة باستمرار لأكثر من 10000 عام، كما يدرس علماء أنثروبولوجيا علم الآثار التاريخيون المجتمعات الحديثة باستخدام بقايا مادية لتكملة كتابات السجل، ويُعد مشروع القمامة، الذي بدأ في السبعينيات مثالاً على مشروع أثري تاريخي مقره توكسون أريزونا، حيث إنه ينطوي على حفر مكب نفايات معاصر كما لو كان تقليديًا لموقع أنثروبولوجيا علم الآثار.

حيث وجد علماء أنثروبولوجيا علم الآثار تناقضات بين ما يقول الناس إنهم يتخلصون منه وما هو في الواقع في سلة المهملات، وفي الواقع تحتوي العديد من مدافن النفايات على كميات كبيرة من المنتجات الورقية ومخلفات البناء، وهذه النتيجة لها آثار عملية لخلق ممارسات التخلص من النفايات المستدامة بيئياً، ففي عام 1991، أثناء العمل في مبنى إداري في مدينة نيويورك، صادف عمال البناء هياكل عظمية بشرية مدفونة على بعد 30 قدمًا فقط تحت شوارع المدينة.

وتمّ استدعاء علماء أنثروبولوجيا علم الآثار للتحقيق، وبعد إجراء مزيد من التنقيب، اكتشفوا مقبرة تبلغ مساحتها ستة أفدنة تحتوي على 15000 هيكل عظمي خالية واستعبد الأفارقة الذين ساعدوا في بناء المدينة خلال الحقبة الاستعمارية، وهذه المقبرة الأفريقية التي يعود تاريخها إلى ما بين 1630 و1795، تحتوي على مجموعة من المعلومات حول مدى الحرية والاستعباد وكيف عاش الأفارقة وماتوا، والموقع الآن نصب تذكاري وطني حيث يمكن للناس التعرف على تاريخ العبودية في الولايات المتحدة.

ممارسة علماء الأنثروبولوجيا اللغوية:

اللغة هي الصفة التي تميز البشر، بينما الحيوانات المختلفة لديها نظام اتصالات، والبشر هم فقط الذين يوجد لديهم لغات رمزية غاية في التعقيد أكثر من 6000 لغة، وهذه اللغة تجعل من الممكن للبشر تدريسها وتعلمها، وأيضاً التخطيط والتمعن والتفكير بصورة تجريدية، وتنسيق جهود البشر، وحتى التفكير في هذه الجهود وحفظها من الزوال، ويطرح علماء الأنثروبولوجيا اللغوية أسئلة مثل: كيف ظهرت اللغة لأول مرة؟ كيف تطورت وتنوعت مع مرور الوقت؟ كيف ساعدت اللغة البشر على النجاح كنوع؟ كيف تستطيع اللغة نقل الهوية الاجتماعية للفرد؟ كيف تؤثر اللغة على رؤية البشر للعالم؟

فإذا كان المرء يتحدث اثنتين أو المزيد من اللغات، ربما يكون قد اختبر كيف تؤثر اللغة عليه، على سبيل المثال في اللغة الإنجليزية يقال، انا احبك، لكن المتحدثين باللغة الإسبانية يستخدمون مصطلحات مختلفة على سبيل المثال، (te amo) و(te adoro) و(te quiero) وما إلى ذلك للتعبير عن أنواع مختلفة من الحب كالحب الرومانسي، والحب الأفلاطوني، وحب الأم، إلخ، واللغة الإسبانية يمكن القول أنها تعبر عن الآراء بشكل أكثر دقة عن الحب من اللغة الإنجليزية.

وأحد خطوط البحث الأنثروبولوجية اللغوية المثيرة للاهتمام يركز على العلاقة بين اللغة والفكر والحضاره، وقد يبدو بديهيًا أن أفكار البشر تأتي أولاً، وبعد كل شيء، يمكن أن يتم قول: “فكر قبل أن تتكلم”، ومع ذلك وفقًا لفرضية سابير وورف المعروفة أيضًا باسم النسبية اللغوية، تسمح اللغة التي يتحدث بها المرء أن يفكر في بعض الأشياء دون غيرها، فعندما بنيامين وَفْرِف عام 1897 درس لغة الهوبي، لم يجد ذلك مجرد اختلافات على مستوى الكلمة، ولكن الاختلافات النحوية بين هوبي والإنجليزية.

ولقد كتب أن هوبي ليس لديه أزمنة نحوية للتعبير عن مرور الوقت، وبدلاً من ذلك فإن لغة الهوبي تشير إلى ما إذا كان هناك شيء ما أم لا يتجلى، وجادل أن الأزمنة النحوية الإنجليزية كالماضي والحاضر والمستقبل تلهم إحساسًا خطيًا بالوقت، بينما لغة الهوبي، مع افتقارها إلى الأزمنة تلهم تجربة دورية للوقت، وبعض النقاد مثل اللغوي الألماني الأمريكي إيكهارت مالوتكي، يدحضون نظرية سابير وورف، بحجة أن هوبي لديها بالفعل مصطلحات لغوية للوقت وأن هذا المعنى الخطي للوقت طبيعي وربما عالمي.

وفي الوقت نفسه أدرك إيكهارت مالوتكي أن اللغة الإنجليزية والهوبي تختلف من حيث الأزمنة، وإن كانت أقل وضوحًا مما اقترحه سابير وورف، ويتتبع علماء الأنثروبولوجيا اللغوية ظهور وتنوع اللغات، بينما يتتبع آخرون التركيز على استخدام اللغة في السياقات الاجتماعية اليوم، ولا يزال آخرون يستكشفون أهمية اللغة في التنشئة الاجتماعية، حيث يتعلم الأطفال ثقافتهم وهويتهم الاجتماعية من خلال اللغة وأشكال التواصل غير اللفظية.

ممارسة علماء الأنثروبولوجيا التطبيقية:

تعتبر الأنثروبولوجيا التطبيقية أحيانًا مجالًا فرعيًا خامسًا، وتتضمن تطبيق النظريات الأنثروبولوجية والأساليب والنتائج لحل المشكلات العملية، فعلماء الأنثروبولوجيا التطبيقية يعملون خارج الأوساط الأكاديمية، في كل من القطاعين العام والخاص، بما في ذلك الأنشطة التجارية أو المنظمات الاستشارية مؤسسات الإعلان والسلطة المدنية تنفيذ القانون والمجال الصحي والمؤسسات غير الحكومية وأيضاً الجيش، ويصل عمل علماء الأنثروبولوجيا التطبيقية إلى الحقول الثانوية.

فقد يقوم عالم أنثروبولوجيا الآثار التطبيقي بالإدارة بعض أنماط الثقافة وذلك بهدف تقييم أحد المواقع الأثرية والتي من المحتمل أن يكون ذو أهمية وتم العثور عليه أثناء بناء مشروع، وأيضاً يمكن لعالم أنثروبولوجيا ثقافي تطبيقي أن يقوم بالعمل في مؤسسة تكنولوجيا تهدف إلى فهم تتطورات التكنولوجيا البشرية من أجل أنشاء أدوات أفضل، والأنثروبولوجيا الطبية هي مثال على كل من مجال الدراسة التطبيقي والنظري الذي يعتمد عليه جميع التخصصات الفرعية الأربعة لفهم العلاقة المتبادلة بين الصحة والمرض والثقافة.

وعوضاً عن ذلك يتم افتراض أن المرض يوجد فقط في داخل الجسم البشري، ويفسر علماء الأنثروبولوجيا الطبية العوامل البيئية والاجتماعية والثقافية التي لها تأثير على تجربة المرض، على سبيل المثال في بعض الثقافات يعتقد الناس أن المرض ناتج عن عدم التوازن داخل المجتمع، لذلك فإن الاستجابة الجماعية مثل مراسم الشفاء ضرورية لاستعادة صحة الشخص والمجموعة، ويختلف هذا النهج عن النهج المستخدم في الرعاية الصحية السائدة في الولايات المتحدة، حيث يذهب الناس إلى الطبيب لمعرفة السبب البيولوجي للمرض ثم تناول الدواء لاستعادة الجسم الفردي.

إذ تدرب بول فارمر كطبيب وعالم أنثروبولوجيا طبية، ويوضح التطبيق إمكانات الأنثروبولوجيا، فخلال سنوات دراسته الجامعية في ولاية كارولينا الشمالية، اهتمام المزارع بهيتي المهاجرين الذين يعملون في المزارع المجاورة ألهمه ذلك وقام بزيارة هايتي، وهناك صدمه الفقراء الذين يعيشون الظروف ونقص مرافق الرعاية الصحية، ولاحقاً كطبيب، سيعود إلى هايتي لعلاج الأفراد الذين يعانون من أمراض مثل السل والكوليرا التي نادراً ما شوهدت في الولايات المتحدة.

وبصفته عالم أنثروبولوجيا، كان سيضع تجارب مرضاه الهايتيين في سياقها فيما يتعلق بالقوى التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تؤثر على هايتي، أفقر بلد في نصف الكرة الغربي، واليوم هو ليس فقط يكتب كتباً أكاديمية عن المعاناة الإنسانية أيضا يتخذ إجراءات، من خلال عمله في (Partners in Health)، وهي منظمة غير ربحية شارك في تأسيسها، ولقد ساعد في فتح عيادات صحية في العديد من البلدان فقيرة الموارد وتدريب الموظفين المحليين على إدارة الرعاية، وبهذه الطريقة يطبق تدريبه الطبي والأنثروبولوجي لتحسين حياة الناس.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: