من هو يوبا الأول؟

اقرأ في هذا المقال


يعد ملك وقائد عسكري هو آخر ملك مستقل لنوميديا الذي يعد من نسل الملك مسنيسا ولد بمدينة عنابة وترعرع فيها وقد ورث يوبا حكم والده، حيث حافظ على سياسته وأسلوب إدارته وتنفيذ الحكم وتدبيره حتى مقتله وبعده سوف تصبح دولته مستعمرة تابعة بشكل مباشر للحكومة الرومانية.

لمحة عن يوبا الأول

لقد عاش في المرحلة اللاتينية التي برزت باستيلاء الرومان على شمال أفريقيا واحتلالها كاملة مع توضيح النية السيئة في حشر الممالك البربرية، أيضاً بتسييجها بخط من الجير لفصل إفريقيا المفيدة عما هو غير نافع ولإخراج المقاومة خارج السد الأمني ​​واستغلال كل شيء في نطاق هذا الخط لصالح ملوك روما ورجال كنيستها.

الفتنة والأحداث الدموية التي تحدث في روما والصراعات السياسية والعسكرية التي تدور فيها والاضطرابات والثورات والانقلابات التي تعرفها، فقد كان لها أثر كبير وصدى سلبي انعكس في سياسة شمال إفريقيا وتوجيهها الداخلي والسياسات الخارجية.

ففي منتصف القرن الأول شهدت الممالك البربرية تطورات خطيرة عكست مدى اعتمادها على روما ووقوعها في فخ سياستها لأنه بعد وفاة “الدكتاتور شلا” ساد فراغ سياسي في روما، لذلك نتيجة لضعف مجلس الشيوخ ظهر ثلاثة قادة طموحين على الساحة الأمر الذي أدى إلى خلاف بينهما انتهى بسيطرة قيصر على الحكومة.

لقد امتدت آثار هذه التطورات إلى شمال إفريقيا والتي كانت دائماً أحد مجالات الحساب السياسي الروماني، حيث تحالف ملوك البربر النوميديون مع أطراف الصراع الروماني مما تسبب في العديد من الآفات للدول البربرية.

لقد عاش يوبا الحرب الأهلية الإيطالية التي كانت تدور في شوارع روما بين الزعيمين الرومانيين العظيمين يوليوس قيصر وبومبيوس من أجل الاستيلاء على السلطة، حيث كان من الضروري لملوك البربر في شمال إفريقيا تحديد ولائهم لقائد وتقديم كل المساندات المالية والمعنوية والعسكرية والاستفادة من الجوائز والهدايا والامتيازات.

في خضم هذه الحرب الأهلية التي اندلعت وافق يوبا على التحالف مع القائد بومبيوس وصديقه؛ لأنه كان يعلم مقدماً نوايا قيصر وطموحاته الخفية والمعلنة في شمال إفريقيا وإلى أسلوبه الاستبدادي في إدارته واستخدامه للصرامة والقسوة في إدارته لممالك هذه المنطقة، لذلك رفض الملك يوبا التحالف مع قيصر لأنه كان النصر في نهاية المطاف للقيصر على حساب القائد المهزوم بومبيوس أمام قوات قيصر المتحالفة مع القوات البربرية الجبارة.

بعد ذلك اندلعت الحرب بين قيصر ويوبا الأول وحاصرت قوات قيصر يوبا من جميع الجهات بدعم من الجيش النوميدي، لذلك اضطر يوبا إلى التراجع نحو عاصمته لكنه لم يكتف بالفرار والتراجع فاختار موتاً مشرفاً من خلال مبارزة العدو في ساحة المعركة والشرف بدلاً من اعتباره أسيراً مذلاً، حيث تم تدمير قوات يوبا بشكل مروع ودمرت مملكته ونجح في الهروب بعد أن وجد نفسه وحيداً في المعركة مع قلة من جيشه منهكاً من شدة المواجهة الحادة والمقاومة الوشيكة.

أدى هذا الموقف المأساوي من الهزيمة والخسارة إلى شعور يوبا الأول بالعزلة عن عائلته وجيشه لذلك قرر يوبا الانتحار بطريقة غريبة من الفخر والشرف والشجاعة والموت في ساحة المعركة، بدلاً من الهروب والتراجع عن مبادئه النبيلة التي كان يؤمن بها وكل بربري حر وشهم آمن به، حيث دعا إلى مبارزة رفيقه الأخير ووجد بجانبه قائداً رومانياً فاشتبكوا حتى أطلقوا النار على بعضهم البعض.

إنجازات يوبا الأول

  • كان لديه كراهية شديدة لقوات الحكومة الرومانية التي تهدف إلى الاستيلاء على شمال إفريقيا وإذلالها​​وإخضاع الأمازيغ ورومنتهم لاستغلال بلادهم، بالإضافة إلى أخذ ثرواتهم والاستيلاء على ممالكهم وتخصيصها للمستعمرين الرومان للاستفادة منها. لكن يوبا الأول لم يقبل بهذه السياسة العدائية التي تكرس السيطرة الرومانية على حساب البربر لذلك قام بتأليف جيشاً قوياً، حيث نسقهم بأسلوب حديث مأخوذ في تلك الأساليب العسكرية الرومانية واليونانية في التحصين والمجابهة والمبارزة والهجوم والدفاع وكل هذا للاستعداد لكل مواجهة محتملة ضد الرومان.
  • قام بسك عملته النقدية البربرية المحلية متأثراً في ذلك بالعملة الرومانية.
  • كان يوبا واثقاً تماماً من جميع نوايا القياصرة الاستعماريين وكان يجهز باستمرار كل طاقاته المادية والبشرية لمواجهة القوات الرومانية المتغطرسة في بحر رم.
  • عمل على توحيد مملكته تحت رايته من أجل تكوين مملكة بربرية قوية في وسط شمال أفريقيا.
  • جعل مملكته راية وشعار خاصين البارنو الأحمر الذي يرمز إلى النضال والتضحية من أجل الوطن ونهى عن الضباط الرومان لبس الرداء الأحمر لأنه شعار البربر، حيث كان لباسه الخاص في جميع المناسبات الرسمية وغير الرسمية وكان شعاره المميز في الحروب التي خاضها ضد الغزاة الرومان.
  • عرفت المملكة رخاء اقتصادي واسع بفضل الموقع الاستراتيجي الذي كانت تحتله مدينة عنابة الساحلية بوصفها مرفأ تجاري هام، بالإضافة إلى كونها منطقة فلاحية خصبة ومدينة صناعية غنية بالثروات تنتعش فيها الزراعات المتوسطية وفي نفس الوقت يزدهر فيها الصيد وصناعة القوارب والسفن البحرية والحربية.

المصدر: مشاهير السياسة، علي محمدموسوعة القادة السياسيين، عبدالفتاح ابو عيشةالحكام العرب في مذكرات الزعماء و القادة السياسيين، مجدي كاملقيم القادة السياسيين وأثرها في القرار السياسي، انتصار سبكي


شارك المقالة: