إسهامات ابن خلدون في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


تمكن المفكر العربي المبدع ابن خلدون، أن يقدم إضافات وإسهامات مهمة في مجال الفكر الإنساني، وعلى اعتبار أنه سياسي قد استفاد كثيراً من علوم العصر الذي كان فيه، واستفاد أيضاً من مجموعة ملاحظاته التي قام بها في الميدان، والتي جمعها من خلال تنقلاته في أرجاء العالم الإسلامي، كما استفاد من قراءاته الواسعة لتاريخ العالم القديم.

إسهامات ابن خلدون في علم الاجتماع:

قد كانت إسهامات ابن خلدون واضحة في مجال التاريخ، علم السياسة وعلم الاجتماع، مما قد دفع بعض العلماء لاعتباره مؤسس علم الاجتماع، وبخاصة أنه أعلن صراحة في مقدمته، أن أي علم جديد يجب أن يكون له موضوع محدد خاص به، وقد حدد هذا الموضوع الذي قدمه بالعمران البشري وما يعرض له من تغير.

مقدمة ابن خلدون في علم الاجتماع:

“كأن هذا علم منفرد بذاته، فإنه ذو موضوع وهو العمران البشري والاجتماع الإنساني، وذو أمور، وهي حقيقة ما يتبعه من عوائق وأحوال لنفسه واحدة بعد أخرى، وهذا حال كل علم وضعياً أو عقلياً، وكأنه علم مستنبط النشأة”.

توضح هذه المقدمة التي يقدمها ابن خلدون اهتمامه بتحليل وتفسير الظواهر الاجتماعية؛ لكنه لم يعرف هذه الظواهر أو يبين خصائصها، حيث يرى بعض العلماء أن ابن خلدون يقترب في فهمه لموضوع أو ميدان العمران من دور كايم الذي ركز على أن المجتمع أكثر من مجموع الناس الذين يؤلفونه، فهو يشمل البناءات الاجتماعية، التي تأخذ أشكالاً متنوعة كالمؤسسات والجماعات المهنية، بالإضافة إلى موضوع العادات والتقاليد.

وفي هذا السياق فإن العمران البشري بالنسبة لابن خلدون “هو واقع لا يتحدد بالأفراد الذين يؤلفونه بل بالبناءات والجماعات التي تكونه”، وقد كانت نظرة ابن خلدون إلى هذه البناءات تشبه نظرة دور كايم إلى الظواهر الاجتماعية، فهي حقائق لها طبيعة خاصة ومميزات خاصة، إذ على الرغم من أنها ليست أشياء مادية بل اتفاقات، أو معانٍ مشتركة، إلا أن لها قوة الأشياء المادية في التأثير على سلوك الناس بشكل كبير.

تصنيف الظاهرة الاجتماعية في علم الاجتماع عند ابن خلدون:

  • ظواهر تتعلق ببنية المجتمع، مثل الظواهر التي تتصل بالبدو والحضر، وتوزيع السكان على الأرض، وأثر العوامل الجغرافية على العادات والتقاليد.
  • ظواهر تتعلق بالنظم العمرانية، وهي تختلف باختلاف وجوه النشاط العمراني فمنها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادي، وديني ولغوي.

الأطوار التي مرت بها المجتمعات البشرية من وجهة نظر ابن خلدون:

يقول ابن خلدون من وجهة نظره أن المجتمعات البشرية مرت بثلاثة أطوار رئيسية وهي كالتالي:

طور النشأة، طور النضج والاكتمال، طور الهرم والشيخوخة. وقد قام ابن خلدون بتقسيم المجتمعات إلى قسمين رئيسيين وهما: القسم البدوي الذي يتصف بصفات الخشونة والشجاعة والكرم والعيش ببساطة، أما القسم الثاني فهو القسم الحضري، الذي يتصف بالتعقيد والمصالح الكثيرة والرقي والخصص في كل شيء. 

المصدر: النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.


شارك المقالة: