الاقتصاد المعرفي ومبررات تحول منظمات الأعمال له

اقرأ في هذا المقال


إدارة المعرفة قدمت فرصة شديدة الأهمية لأصحاب المدخل الاقتصادي حتى يدخلون في مرحلة جديدة، وأيضًا في التأطير لِما دعي بالاقتصاد العالمي الجديد باقتصاد المعرفة (Knowledge Economy)، وقد كونّت إدارة المعرفة دور بارز في في دعم الإنجاز والأداء المرتفع.

مفهوم الاقتصاد المعرفي في منظمات الأعمال:

الإنجاز والأداء المرتفع  يعتبران مهمين جدًا لبقاء المنظمة في المنافسة، لكون الأداء المرتفع يعني تعظيم قدرة المنظمة على التطوير، وليس في تطوير التنظيم فقط، أدركت منظمات الأعمال أن المعرفة أصبحت المصدر الرئيسي للثروة حاليًا، وهذه المعرفة تحتاج نوع من التحالف والعلاقة التعاونية بين هذه المنظمات.

في ظل الاقتصاد المعرفي تكون الأهمية فيها للموجودات الفكرية غير الملموسة أكثر من الموجودات التقليدية، حيث أصبح رأس المال الفكري هو الأساس للقيمة المضافة الفعلية، بل إن إدارة المعرفة قد تجاوزت هويتها الأولى بوصفها قيمة مضافة، وأصبحت الآن هي المسوّق الحقيقي لكل أعمال المنظمة.

إن مفهوم اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد العالمي الجديد هو مفهوم حديث، لكنه تطور بشكل سريع ويشر إلى مناخ العمل، حيث تتعدى الموجودات غير الملموسة فيه الموجودات الملموسة في القيمة والأهمية. وفي هذا الاقتصاد تكون المعرفة هي أساس العمل، وليست فقط مجرد أداة له، تكون دورة حياة المنتوج قصيرة.

وانتشر مفهوم الاقتصاد المعرفي بعد الفترة الفوردية  في الفترة الزمنية (1930-1970) من النمو الاقتصادي، تلك الفترة التي تم وصفها بالتنظيم المعتمد على مبدأ الإنتاج الواسع لمنتجات مفردة، وأيضًا بالصفة الاستهلاكية العظيمة التي دفعت إلى الاتجاه نحو التنظيمات الضخمة والمتكاملة رأسيًا، وذكرت الحاجة الضرورية للتغيير الصناعي والتغيير الاقتصادي عملية طبيعية لتبسط الإنتاج الكبير والاستهلاك الضخم.

أما المرحلة بعد الفوردية فقد تميزت بالاعتماد على الهيكل التنظيمي حول الإنتاج العديد فارتفع الاتجاه نحو اللامركزية والمرونة في الهيكل التنظيمي، وأصبحت الاستراتيجية التي تعتمد في الإدارة بشكل كبير على العنصر البشري، وهو من أهم الموارد التنظيمية، أخذ ينظر إلى التغيير على أنه عبارة نتيجة طبيعية لمواجهة الأزمات الاقتصادية وأزمات الكساد.

فإن الاضطراب في بيئة الأعمال اليوم هو عبارة عن نتيجة التحول الجذري في النظام الاقتصادي العالمي، حيث لا يوجد بريق في الاقتصاد الذي يعتمد على الإنتاج الكمي حتى يصبح مكانه الاقتصاد المعتمد على المعلومات والمعرفة، في ظل اقتصاد كهذا جاءت مفاهيم ومعايير جديدة ذات سمات غير ملموسة، مثل: السرعة والمرونة والخيال والمصطلحات والخبرات، وجاءت أكثر أهمية لعدم الفشل وتقدم المنظمات من الموجودات المادية، وأصبحت الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال تكمُن في الإبداع والقدرات والخبرة والمهارة والتحسين والابتكار.

في ظل اقتصاد المعرفة أصبحت الموجودات غير الملموسة مثل المفاهيم (Concepts) والروابط (Connections) والمنافسات (Competencies)، والتي تسمّى (3Cs) أكثر أهمية نجاح العمل من الموجودات الملموسة ماديًا، مثل الوفرة و الحجم.

فإن ما يميّز الاقتصاد المعرفي هو ظهور منظمات أعمال عديدة على المعرفة (Knowledge Based Organization) التي تشغل صنّاع المعرفة، والتي تتميز بثلاثة أبعاد، وهي:

  • البعد الأول: الكفاءة المتميزة في ضوء كيفية إظهار اللاملموسية القياسية لخدماتها، ويتم الاعتماد على هذه المنظمات لتقوم بتوفير الحلول الإبداعية لمشاكل الزبائن، ومن هنا يحصل التعاقد معها، ومثال عليها الشركات الاستشارية ووكالات الإعلان ومستشارو الإدارة.
  • البعد الثاني: خصوصية أسوق العمل، حيث تعتمد (KBO) على أسواق العمل المهيكلة على نحو كبير، والتي تقوم بتنظيم اكتساب المهارات من قِبل الداخلين الجدد على يد المنظمات المهنية.
  • البعد الثالث: هو السياق التنظيمي، والذي له أثر على المدى الذي تتمكن فيه (KBO) من العمل في السوق الدولي، أو القيام بتقيد بالمستوى القومي أو المحلي.

مبررات التحول إلى الاقتصاد المعرفي في منظمات الأعمال:

يشير أغلبية الباحثين إلى العديد من الأمور التي دفعت في اتجاه التحول إلى الاقتصاد العالمي الجديد، وإلى أهمية هذا الاقتصاد للأفراد بشكل خاص ومنظمات الأعمال والمجتمعات بشكل عام، فتتم الإشارة إلى أن المنتجات التي تقوم منظمات الأعمال بإنتاجها من خلال الأعمال القائمة على المعرفة تتسم بمجموعة من صفات، وهي:

  • يمكن أن تتميز بمواصفات خاصة بها، وتزداد رونق مع الاستعمال.
  • تحمل فائدة عظيمة للمستهلك؛ لأنه تم  ابتكارها بناءً على الحاجة.
  • تمكّن المستخدم من التعلّم، حيث إن بعض المنتجات ترفع من مستوى المهارة لدى المستخدم لها في حقل اختصاصه.
  • إنها متكيفة مع تغيير الظروف.
  • لها دورة حياة قصيرة بشكل نسبي.
  • تمكّن الزبائن من اتخاذ الإجراء الملائم للمعالجة والصيانة الحالية وبسهولة.

وأصبحت المعرفة ورأس المال الفكري من أهم المتطلبات للاقتصاد المعرفي والموجود الأكثر أهمية في منظمات الأعمال، وأقوى سلاح تنافسي لها والذي يمكّن المنظمة من إغلاق الفجوة بينها وبين المنظمات السابقة لها في هذا المجال، فضلاً عن أن المعرفة تعتبر مجال واسع للتعاون بين منظمات الأعمال من خلال تبادلها، لا سيما بعد أن أدركت أغلب المنظمات أن التعاون والتبادل الشفاف للمعرفة فيما بينها يعتبر أفضل من الاحتكار والتجسس الصناعي.

فإن الاقتصاد المعرفي أو ما يطلق عليه اسن بالاقتصادات الرأسمالية المتقدمة، وفي وجود تكنولوجيا المعلومات الجديدة يفتح أمام منظمات الأعمال فرصة لإعادة البناء وتعزيز الابتكار.

ويؤكد بعض الباحثين على القيمة الاستراتيجية للمعرفة، وعلى أن استخدام و إعادة استخدام المعرفة المتولّدة والمتجددة يقللان بشكل فعّال من التكلفة، ويساهمان على الزيادة والسرعة في طرح السلع والخدمات في الأسواق، ويعود ذلك لسببين، هما:

  • السبب الأول: إن الإنتاج المبكّر يصل إلى الأسواق أولاً، وحالما يطرح في الأسواق يبدأ في تحقيق العائد للمنظمة.
  • السبب الثاني: إن الاختراق المبكّر للسوق يحقق ميزة تنافسية للمنظمة ولمدة أطول.

وتتميز المنظمات المعتمدة على المعرفة (Organization Knowledge – Based) بميزة امتلاك الخبرة للكادر البشري فيها، وهذا ما يميز هذه المنظمات بشكل واضح عن المنظمات في الصناعات الإنتاجية والخدمية الأخرى، حيث إن هذه المنظمات تقوم بنشر الموجودات لديها بأسلوب مميز؛ لأنها تنتج الأفكار والابداعات والابتكارات وتقوم ببيعها التي تعتبر من إنتاج كادرها البشري.

فإن ما يميّز منتجاتها أنها منتجات غير ملموسة ماديًا، ولكن يمكن أن يتم قياسها بشكل كاف، وبالتالي يمكن المتاجرة بها على نطاق واسع.

وحقق الاقتصاد المعرفي قوة جديدة للموظفين؛ لأنهم أصبحوا كموظفين مواقف أو وكلاء تغيير، وهم يقومون بالبحث عن وسائل الإنتاج ومعرفتهم وبإمكانهم بيعها والمتاجرة بها أو الاحتفاظ بها، حيث أصبحت المعرفة هي المصدر الأساس للثروة. وممّا رفع من أسباب التحول إلى الاقتصاد المعرفي وزيادة أهميته هو النمو المتسارع للمعرفة، وظهور الفروع العلمية الجديدة، فضلا ًعن ظهور تكنولوجيا ومنتجات جديدة واتساع مجال المعرفة.

فلم تُعد أمريكا والغرب المسيطرون في مجال الاقتصاد المعرفي، وإنّما شاركتها بلدان عديدة ممن أهمها اليابان والهند ودول جنوب شرق آسيا. والمعرفة مفيدة لمنظمات الأعمال لمجموعة من الأسباب منها أن هذا الموجود يمكن بيعه، ويمكن استخدامه لإبداع منتجات جديدة، أو تطوير منتج حالي، فإن المعرفة تعمل على توضيح للمدراء كيفية إدارة منظماتهم.

المصدر: رسالة ماجستير أثر عمليات إدارة المعرفة في الابتكار التنظيمي في شركات الصناعات الدوائية في الأردن، د.جمال الدوري، د.أحمد الحيت، الأردن.إدارة المعرفة لبناء لبنات النجاح، حازم حسن صبحي ، القاهرة، 2001.إدارة المعرفة الرأسمعرفية بديلا، د. حسني الشيمي، القاهرة ،2010.إدارة المعرفة تحديات وتقنيات وحلول، د. خضر الطيطي، 2010، عمان.  إدارة المعرفة، د.صلاح الدين كبيسي، أ.د سعد المحياوي، الجمهورية العراقية، 2005.


شارك المقالة: