ما هي أسباب الاهتمام بالعلاقات الإنسانية داخل منظمات الأعمال؟

اقرأ في هذا المقال


ممّا لا شك فيه أن موضوع العلاقات الإنسانية له درجة عالية من الاهتمام الكبير في هذه الفترة، علمًا أن هذا الاهتمام لن يكون بشكل مفاجئ، بل كان هناك عدد من المحاولات المتنوعة، وكانت نتيجة هذه المحاولات هو إثارة الاهتمام بالعلاقات الإنسانية.

مفهوم العلاقات الإنسانية في منظمات الأعمال:

هي عدد من الاتجاهات التي تسعى لتطوير وتحسين العمل الجماعي داخل منظمات الأعمال، وتجمع الجهود والمواهب للعاملين وخلق نوع من التكامل، في جو يُحفّز على العمل التعاوني الذي يشعر فيه العاملون بالراحة والرضا الوظيفي والاقتصادي.

الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة الاهتمام بالعلاقات الإنسانية في منظمات الأعمال:

  • حركة الإدارة العلمية كانت تسعى لتحقق أكبر قدر من الإنتاجية بالنسبة للموظفين، من خلال تحليل الزمن والحركة بالنسبة للأعمال المتنوعة، والقيام بتحديد وضع معايير وشروط ومستويات أداء الأعمال.

حيث إنها كانت تسعى في بداية الأمر الوصول على أعلى مستوى من الإنتاجية من ناحية الموظفين، وتقليل الجهد الذي يتم بذله في الأعمال المتنوعة لتحقق الكفاية في الإنتاج والتوفر المادي، إلا أن هذه الحركة ظهر لها رد فعل معاكس فحركة الإدارة العلمية اهتمت بالجوانب المادية من العمل والعملية الإنتاجية، ولم تبدي أي اهتمام بالموظف كفرد بشري مُكرّم، فيجب أن نقوم بتكريمه ورعايته.

وقد سبب هذا باتهام الإدارة العلمية بأنها تسعى لاستغلال الموظف والحصول منه على أعلى عائد؛ تحقيق لأهداف هذه الإدارة وهذا دون أن يكون هناك مراعاة لظروف الموظف وطاقته وحاجته، وهنا بدأت المقاومة من قِبل الموظفين للمغالاة في الاتجاه نحو الإدارة العلمية.

وكانت حركة الإدارة العلمية تعتقد خطأ في بداية الأمر أن الغاية الأساسية للموظفين هو الحصول على أعلى أجر في مقابل الحصول منهم على أعلى مستوى إنتاجية وجهد، وقد تبيّن بعد ذلك أن الأجر وحده لا يعتبر كافي ليتم تحريك سلوك الموظفين، فالأجر وإن يشبع حاجاتهم الفسيولوجية من أكل وشرب ولباس وسكن، إلا أن هذا الأجر لا يعتبر قادر على إشباع الحاجات النفسية والحاجات الاجتماعية للموظفين، مثل الحاجة للأمن والتقدير وتحقيق الذات والتقدم والنجاح والانتماء.

وقد أدى هذا إلى رفع مستوى الاهتمام بالموظف كإنسان والاهتمام بدراسة الحاجات، ليس فقط الحاجة المادية ولكن حاجاته النفسية والاجتماعية وبذل المحاولات لإشباع هذه الحاجات من خلال الوظيفة ومن خلال العمل.

  • التغيير الدائم الذي يشمل عالم الأعمال يفرض زيادة الاهتمام بالعلاقات الإنسانية وبالنواحي الإنسانية التي تتصل ببعض، وهذا التغيير يسير بمراحل سريعة متتالية، وهذا التغيير قد يشمل أيضًا آلات وأدوات ونظم العمل والإنتاج والعلاقات التي تحكم العاملين في مجال العمل.

ومن المعروف أنه مع كل تغيير يسود مقدار من التوتر والقلق في صفوف العاملين؛ فهذا يسبب اضطراب في العلاقات الإنسانية داخل الوحدات المتنوعة داخل المنظمة، ويحتاج الموظفون إلى رعاية وتوجيه خاص لمساعدتهم على تقبل التغيير وتقليل المقاومة وإعدادهم لمواجهة هذا التغيير، وهذا الوضع يفرض زيادة الاهتمام بالعلاقات الإنسانية داخل المنظمة والاستمرار بالاتصال مع الموظفين، وتزويدهم بالمعلومات والخبرات والمهارات التي تجعلهم يتقبلون التغيير.

  • بدء انتشار النقابات العمالية وانضمام أعداد كبيرة من الموظفين لها، والمحاولات المبذولة من هذه النقابات للدفاع عن مصلحة الموظفين وتحقيق الأجور الأعلى وشروط عمل الأفضل بالنسبة للموظفين، وقيام هذه النقابات في العديد من دول العالم المتقدمة صناعيًا بتقديم أنواع مختلفة للخدمات الترويحية والاجتماعية، وقيامها بمشاريع الإسكان والمشاريع التعاونية التي تقدم الخدمة للموظفين.
  • التأكيد على أن المنظمة لها جانبين الجانب الأول المادي الذي يتمثّل في رأس المال والأدوات والآلات وأساليب العمل، والجانب الآخر الإنساني الذي يتمثّل في الموظفين في المنظمة والجمهور المتعامل مع هذه المنظمة، وهذا التأكيد فرض ليس الاهتمام بالآلات والمواد الخام وأساليب العمل، ولكن الاهتمام أيضًا الموظف ومحاولة إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية ودعم العلاقات الإنسانية وعلاقات العمل داخل المنظمة، وهذا بهدف الحصول على روح معنوية وإنتاجية عالية من جهة الموظفين.
  • الإنتاج الصناعي الضخم وما رافقه من التوجه إلى التخصص وتقسيم الموظفين المبالغ فيه، الذي سبب للعديد من الموظفين الإحساس بقيمة ما يقومون به من أعمال، وأفقدهم إمكانية إدراك العلاقة بين ما يقومون به من عمل صغير محدد وبين العمل الكلي الكبير الذي تقوم به المنظمة.
  • ارتفاع المستوى التعليمي والثقافي للموظفين وزيادة قوتهم كتجمع في المنظمة، وفرض زيادة الاهتمام بالنواحي الإنسانية وتحسين العلاقات داخل المنظمات، فلم يعد من الممكن تجاهل الموظفين أو معاملتهم بأسلوب غير إنساني أو إهمال آرائهم ووجهات نظرهم والمشكلات التي يواجهونها.
  • المنظمات ذات الحجم الكبير التي يعمل بها آلاف الموظفين المختلفين في القدرات والخبرات، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والأهداف والدوافع والحاجات والظروف؛ ممّا سبب هذا شعور بعض الموظفين بالضياع في مجتمع العمل الكبير، وهذه الحالة فرضت زيادة الاهتمام بالعلاقات الإنسانية وتفعيل الاتصالات بين القطاعات المتنوعة للموظفين، على اختلاف المستويات الوظيفية ودعم الروابط بين الموظفين، ومحاولة رفع شعورهم بالأمن والانتماء للمنظمة الكبيرة التي يعملون بها.

وكان من الواجب في ظل هذه المنظمة كبيرة الحجم إعطاء الموظفين فيها الخبرات والإمكانات والمهارات الإنسانية السلوكية التي تجعلهم قادرين على التعامل اليومي مع الأفراد المختلفون عنهم في سمات عديدة، وذلك بجانب المهارات الفنية اللازمة لأداء أعمال متنوعة موكلة لهم.

  • زيادة تكاليف عنصر العمل في العصر الحالي، حيث أصبح تكلفة العمل تُمثّل جزء مهم ومؤثر من تكلفة المنتج النهائي في المنظمة الصناعية، وهذا أجبر العديد من المنظمات إلى دعم العلاقات الإنسانية داخل المنظمة ومحاولة تحقيق رضا الموظفين ومواجهة الصراعات والمنازعات في مجالات العمل، سواء كانت هذه الصراعات بين الموظفين بين بعضهم البعض أو بين الموظفين وبين القيادة؛ لأن هذه الصراعات والمنازعات تستنزف جهد الموظفين وطاقاتهم.
  • تعدد الجماعات التي ينتمي لها الموظفون وتوجيه عدد من هؤلاء الموظفون إلى هذه الجماعات، هذا فرض زيادة الاهتمام بالعلاقات الإنسانية وتوفير المهارات السلوكية والإنسانية للموظفين التي تجعلهم قادرين على التوفيق بين احتياجات كل جماعة من هذه الجماعات؛ حتى لا تتعارض هذه الاحتياجات أو تتصارع.

فالجماعات المتنوعة التي ينتمي لها الموظفون في العصر الحالي فرضت القيود والحدود على تصرفات هؤلاء الموظفين، حتى قيل أن المنضمين فقدوا فرديتهم خضوعًا لرغبات الجماعات التي ينتمون لها، وأصبحوا يتصرفون بالطريقة التي تحقق الرضا لهذه الجماعات وليس بالطريقة التي يرغبون هم أنفسهم فيها.

واختلفت الجماعات التي ينتمي لها العاملون من جماعات أولية مثل الأسرة إلى جماعات ثانوية، مثل جماعات العمل أو النقابات ومن جماعات رسمية إلى جماعات غير رسمية، وهذه الجماعات غير الرسمية ظهرت وانتشرت في مختلف مواقع الأعمال، وهي تحقق حاجات الموظفين إلى الإحساس بالقيمة وحاجاتهم للمعلومات وحاجتهم للأمن وحاجتهم للانتماء.

وهذه الحالات السابقة فرضت على منظمة الأعمال الاهتمام بأمر هذه الجماعات، ودراسة أثرها على الموظفين ومحاولة تطوير جو هذه الجماعات ومستواها؛ نظرًا لِما لها من تأثير كبير على سلوك الموظفين، وكذلك الاهتمام بالنواحي الإنسانية والسلوكية بعضوية العاملين فيها.

وأدى انتماء بعض الموظفين لجماعات عمل محددة إلى تعصبهم لجماعات، فمثلاً قد يكون ولاء الموظف للوحدة الذي يعمل في أكبر من ولائه للمنظمة ككل نتيجة لذلك قد تحدث المنازعات والصراعات بين الوحدات، وهذا الوضع يمثّل مشكلة في العلاقات الإنسانية من الضروري مواجهتها.

  • التطور الكبير الذي حدث على دخول الموظفين المادية في آخر سنوات جعلهم لا يهتمون بالجوانب المادية فقط، ولكن اهتمامهم أصبح نحو الوصول على عمل يحققون فيه ذاتهم ويشعرهم بالأمن والتقدّم والنجاح والانتماء، وبالطبع فإن هذه النواحي عادة لا يبحث عنها الموظف إذا كان يعيش عيشة الكفاف؛ لأن كل همه في هذه الحالة هو محاولة إشباع الحاجات الرئيسية.

المصدر: السلوك التنظيمي في إدارة المؤسسات التعليمية، أ.د  فاروق فيله، د.محمد عبد المجيد، عمان، 2005محمد عبد العليم صابر، نظم المعلومات الإدارية، مصر ، 2007محسن أحمد الخضري، إدارة التغيير ، 2003طيطي، خضر مصباح، إدارة التغيير التحديات والاستراتيجيات للمدراء المعاصرين، الأردن، 2010 اتجاهات حديثة في إدارة التغيير، الدكتور سيد سالم عرفة، 2012


شارك المقالة: