أهم المناهج التجريبية للإيثار في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يمكن أن يُنسب الإيثار بمعناه الواسع إلى أنواع متعددة من البشر والحيوانات أيضاً، حيث يناقش علماء النفس الإيثار كسلوك يتم إجراؤه عمدًا لمساعدة شخص آخر غير الفرد القريب من أجل ذلك الفرد الآخر، هناك مناهج متعددة كبيرة ومتقدمة حول الإيثار والتي تتساءل عما إذا كان هناك قواعد تقدمية أو بيولوجي للإيثار البشري، وما إذا كانت الأنواع غير البشرية شيئًا مشابهًا له، حيث يتم تناول هذه القضايا من خلال الإدخالات الخاصة بالمناهج التجريبية للإيثار والإيثار البيولوجي .

أهم المناهج التجريبية للإيثار في علم النفس

تتمثل أهم المناهج التجريبية للإيثار في علم النفس في الأنانية النفسية حسب الإصدارات القوية والضعيفة، حيث أنه وفقًا لعقيدة تسمى الأنانية النفسية فإن كل سلوك إنساني مدفوع في النهاية بالمصلحة الذاتية، حيث يمكن للأناني النفسي أن يتفق مع الفكرة، التي يؤيدها الفطرة السليمة، وهي أننا نسعى في كثير من الأحيان إلى إفادة الآخرين غير أنفسنا.

يشرح المنهج الفردي للقيم العديد من السلوكيات التي يتخذها الناس بوعي عند تحديد أهداف لأنفسهم، سواء في الأبعاد الشخصية أو الاجتماعية، فقد تتأثر سلوكيات الإيثار على سبيل المثال بالاهتمامات الشخصية لرفاهية ومصالح الآخرين التي تتناسب مع إطار أوسع للقيم.

حيث يستخدم الباحثين تجربة نفسية لاستكشاف كيف يختلف الأشخاص المؤثرين الخالصين والمؤثرين غير النقيين في منهج قيمهم، وما إذا كانت سلوكياتهم الاجتماعية الإيجابية تسترشد بمجموعات محددة من القيم والدوافع.

يجد الباحثين في هذا المنهج الخاص بالإيثار من قبل القيم والمعتقدات أن الأشخاص الإيثاريين يولون أهمية كبيرة للعلاقة مع الآخرين وهم يعرّفون أنفسهم بمعايير ومواقف المجتمع، ويستجيبون لقيم التقاليد والامتثال والإحسان والعالمية، على العكس تماما لا يبدو أن غير الإيثاريين لديهم هذا النوع من مرجع القيم، وبالتالي لا يميلون إلى التبرع أو العمل التطوعي، علاوة على ذلك نجد أن الإيثاريين يرغبون في تحقيق أهداف التعزيز الذاتي من خلال السلوك الإيثاري، كما يفعل مقدمو النهج الدافئ الخالص لكنهم في نفس الوقت يقدمون تبرعًا لأنه يمثل فعلًا إيثاريًا حقيقيًا على غرار المؤثرين البحتين.

إن فهم ما يحفز الأفراد على المساهمة في القضايا الاجتماعية الإيجابية الإيثارية هو موضوع اهتمام متزايد بعلم النفس التنظيمي، حيث تتلقى المنظمات غير الهادفة للربح موارد كبيرة من مصادر خاصة، وهي تروج للعديد من الأنشطة التي يُنظر إليها على أنها مفيدة اجتماعيًا، ويشير الكم الهائل من الهدايا القيمة والوصايا السخية التي تتعامل معها المؤسسات الخيرية عادةً إلى أن الإيثار منتشر، حتى في المجتمعات الفردية.

منهج القواعد الاجتماعية في سلوك الإيثار في علم النفس

طرح بعض علماء النفس الأساس لنموذج ومنهج الإيثار الخالص والذي يشير إلى الاهتمام غير الأناني بالآخرين، واقترحوا أن الناس قد يواجهون توهجًا دافئًا من القيام بعمل إيثار، وبالتالي التأكيد على الجانب الأناني للتبرع الذي يمكن دمجه مع دافع الإيثار، حيث يمكن للأفراد المساهمة في الأعمال الخيرية لأنها تمكنهم من الإشارة إلى ثرواتهم بطريقة مقبولة اجتماعيًا، ومنها تم وضع نموذجًا منهجياً لتفضيل المكانة واقتراح أن الجمعيات الخيرية من خلال نشر التبرعات في نطاقات تؤثر بنشاط على المكانة المرتبطة بالهدية.

بدلاً من ذلك يمكن تفسير الابتعاد عن سلوك المصلحة الذاتية بشكل صارم من خلال الأعراف والقواعد الاجتماعية التي غالبًا ما تتضمن كره الظلم والمعاملة بالمثل، ويتم تصنيف الإيثار اعتمادًا على منهج الأعراف والقواعد الاجتماعية على أنه إيثار مشروط وغير مشروط ونقي وغير نقي، ومنها تم اختبار هذه المناهج المختلفة ووجد أن التأثير الإيجابي يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تحليل السلوك الإيجابي الإيثاري.

تؤثر المعايير المعنوية على السلوك الإيثاري وتلعب دورًا مهمًا في تكوين النوايا الخيرية، وقد تؤثر المعلومات المتعلقة بقرارات إعطاء الآخرين ومساهماتهم على سلوك الإيثار أيضًا، ومع ذلك لا يزال يتعين على البحث في علم النفس التنظيمي استكشاف آثار القيم الشخصية الفردية على السلوك الإيثاري، وفي الأدب النفسي تعتبر القيم الإنسانية الفردية هي المبادئ التي توجه سلوك الفرد.

وجدت العديد من الدراسات النفسية في المنهج التجريبي أدلة على وجود صلة بين القيم والسلوك الإيجابي في الإيثار، يفحص معظمهم سلوكًا واحدًا، بينما ينظر آخرين إلى مجموعات من السلوك الجمعي على سبيل المثال السلوك الاجتماعي الإيجابي، ومنها يتصرف الناس وفقًا لقيمهم لأنهم قد يحتاجون إلى الاتساق بين معتقداتهم وأفعالهم، بدلاً من ذلك قد يكون ذلك بسبب أن الإجراء المتسق مع القيمة يكون مجزيًا.

يُظهر الباحثين أن النوايا السلوكية مرتبطة بالقيم الفردية التي يريد الناس اتباعها، بالنظر إلى الدافع الجوهري الأساسي تم تحديد 10 قيم عامة تغطي مجموعة من العناصر المميزة تحفيزية المعترف بها عبر الثقافات، وهنا شكلت القيم سلسلة تحفيزية دائرية.

حيث تتوافق القيم المجاورة على الدائرة ويمكن متابعتها في وقت واحد من خلال نفس السلوك الإنساني، على العكس من ذلك تعبر القيم المعاكسة في الدائرة عن دوافع متضاربة، وقامت العديد من الدراسات والبحوث النفسية التي أجريت في 65 ثقافة مختلفة عبر 23 دولة بتكرار بنية نظرية السلوك الإيثاري مما أكد العلاقات بين القيم وإعطاء صلاحية عالمية لهذه النظرية.

يهدف علماء النفس إلى التحقق مما إذا كان سلوك المتبرعين الإيثاريين يسترشد بالقيم الشخصية المحددة في نموذج المنهج التجريبي للسلوك الإيثاري، حيث يظهر كيف يتأثر السلوك الإيثاري بالقيم الشخصية وكيف يرتبط قرار تقديم أو عدم التبرع ببنية القيم التي يعرّف المتبرعين الإيثاريين أنفسهم بها، لذلك ، فإن الهدف منها يعتبر في مقارنة درجات القيم عبر فئات الإيثاريين بافتراض أن القيم المختلفة تميز أنواع الإيثاريين، وفحص ما إذا كان يمكن ربط أي قيمة محددة أو مجموعة من القيم بكل نوع من الإيثاريين.

تظهر النتائج أن القيم المميزة للغاية تميز ملامح الأشخاص ذوي سلوك الإيثار ويعطي الإيثاريين الخالصين والإيثاريين الصافيين أهمية أكبر للعلاقة مع الآخرين، وهم يعرّفون أنفسهم بمعايير ومواقف المجتمع، ويستجيبون لقيم التقاليد والامتثال والإحسان والعالمية، على العكس من ذلك لا يبدو أن غير الإيثاريين يسعون وراء مثل هذه الأنواع من الأهداف، وبالتالي فهم غير مستعدين لتقديم تبرعات، علاوة على ذلك نجد أن الإيثاريين غير الإيجابيين لا يحملون قيمًا تقليدية ذاتية قوية ويسعون إلى تحسين الذات والنجاح في بيئتهم الاجتماعية.

تهدف فئة الإيثاريين هذه إلى تحقيق أهداف التعزيز الذاتي من خلال السلوكيات الإيثارية، كما يفعل مقدمو التطوع الخالص، بالإضافة إلى ذلك بالنسبة إلى الإيثاريين يمثل التبرع فعلًا إيثاريًا حقيقيًا، والذي يفيد الآخرين كما يعتقد الإيثاريين الخالصين، حيث يتصرف الإيثاريين غير النقيين بشكل مؤيد للمجتمع لأنهم يعتبرون القيم المهمة لتعزيز الذات والانفتاح على التغييرات التي تسمح لهم بالشعور بالرضا الشخصي وأنهم جزء من المجتمع.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: