الإدراك العقلي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


الإدراك العقلي في علم النفس:

يشير الإدراك العقلي في علم النفس إلى العديد من الإجراءات التي نستخدمها لفهم جميع المحفزات التي نواجهها كل ثانية، أي كل العوامل والمثيرات المحيطة والتي تؤثر على تركيز الشخص أو تشتيته، بحيث يعتمد الإدراك العقلي على كيفية تفسير الشخص لكل هذه العوامل والمثيرات المختلفة.

يتيح لنا الإدراك العقلي في علم النفس الإبحار في العالم واتخاذ القرارات بشأن كل شيء، من أي قميص نرتديه أو مدى سرعة الهروب من الخطر وغيرها، سواء كنا نعرف ذلك أم لا فإننا نحضر بشكل انتقائي لأشياء مختلفة في بيئتنا، بحيث لا تملك أدمغتنا ببساطة القدرة على الاهتمام بكل التفاصيل في العالم من حولنا، وتعتمد على الاختيار والترتيب والتحليل.

يعبر الإدراك العقلي في علم النفس عن سرعة البديهة التي يمتلكها الأشخاص في فهم وتفسير الأمور والمواقف، بحيث يقوم الشخص أولاً باختيار العنصر الذي يريد الحضور إليه والانتباه له مع حذف معظم الأشياء الأخرى، فهي طريقة في التركيز على المهمة الحالية لمنحها الانتباه أكثر، ثم تنظيم العناصر في الدماغ بشكل منظم أو معاكس.

خطوات الإدراك العقلي في علم النفس:

إن العملية الإدراكية عبارة عن سلسلة من الخطوات التي تبدأ بالمحفزات في البيئة وتنتهي بتفسيرنا لتلك المحفزات، عادة ما تكون هذه العملية غير واعية وتحدث مئات الآلاف من المرات في اليوم، والعملية اللاواعية هي ببساطة عملية تحدث بدون وعي أو نية، بحيث تتمثل خطوات الإدراك العقلي في علم النفس من خلال ما يلي:

1- الاختيار:

العالم من حولنا مليء بعدد لا حصر له من المحفزات التي قد نحضرها، لكن أدمغتنا لا تملك الموارد اللازمة للاهتمام بكل شيء وبالتالي، فإن الخطوة الأولى للإدراك العقلي هي عادة ما تكون غير واعية، ولكن في بعض الأحيان متعمدة، أي صنع القرار بشأن ما يجب الانتباه إليه.

ومن خلال اعتماد الشخص على البيئة، واعتمادنا على أنفسنا كأفراد، قد نركز على حافز مألوف أو شيء جديد، وعندما نحضر شيئًا معينًا في بيئتنا المحيطة سواء كان ذلك رائحة، أو شعور، أو صوت، أو أي شيء آخر تمامًا، فقد يصبح هذا هو الحافز المراقب والمنتظر من الفرد أن يقوم بعملية الاختيار له.

2- التنظيم:

بمجرد أن نختار الاهتمام بمحفز في البيئة بوعي أو بغير وعي، على الرغم من أنه عادة ما يكون بدون وعي، فإن الاختيار يطلق سلسلة من ردود الفعل في دماغنا، تبدأ هذه العملية العصبية بتنشيط المستقبلات، بحيث تقوم المستقبلات بتحويل الطاقة المدخلة إلى نشاط عصبي، والذي ينتقل إلى أدمغتنا، حيث نقوم ببناء تمثيل عقلي للمثير، ويمكن ترجمة الحافز الغامض إلى مفاهيم متعددة، يتم اختبارها بشكل عشوائي، واحدًا تلو الآخر، فيما يسمى الإدراك العقلي متعدد القيم.

3- الترجمة:

بعد أن نلتزم بمحفز معين، وتتلقى أدمغتنا المعلومات وتنظمها، فإننا نفسرها بطريقة منطقية باستخدام المعلومات الموجودة لدينا حول العالم، ويعني التفسير ببساطة أننا نأخذ المعلومات التي شعرنا بها ونظمناها ونحولها إلى شيء يمكننا تصنيفها، فقد يفسر بعض الأفراد المعلومات الذهنية على أنها شيء معين، بينما يفسرها البعض على أنها شيء معاكس، بحيث  يحدث هذا دون وعي آلاف المرات في اليوم، من خلال وضع محفزات مختلفة في فئات والتفاعل معه بشكل أفضل.

العوامل التي تؤثر على الإدراك العقلي:

القيم الثقافية، الاحتياجات، المعتقدات، التجارب، التوقعات، المشارك، مفهوم الذات والتأثيرات الشخصية الأخرى جميعها لها تأثير هائل على كيفية تفسيرنا للمحفزات في بيئتنا، مما يؤدي إلى التأثير على عملية الإدراك العقلي، بحيث تتمثل العوامل التي يمكن أن تؤثر على عملية الإدراك العقلي في علم النفس، من خلال ما يلي:

1- الخبرة:

تلعب الخبرة السابقة دورًا رئيسيًا في الإدراك العقلي وفي الطريقة التي يفسر بها الشخص المنبهات، على سبيل المثال، قد يرى الشخص الذي تعرض للإيذاء شخصًا ما يرفع يده ويرفض توقع تعرضه للضرب، فتعبر اليد المرفوعة عن تفسيرهم للمحفز وقد يرى الشخص الذي لم يتعرض لسوء المعاملة ولكنه مارس الرياضة هذا التحفيز كإشارة لارتفاع أفضل، بحيث يتفاعل الأفراد المختلفين بشكل مختلف مع نفس المحفزات، اعتمادًا على خبرتهم السابقة في تلك المحفزات.

2- القيم والثقافة:

توفر الثقافة هيكلًا وإرشادات وتوقعات وقواعد لمساعدة الأشخاص على فهم السلوكيات وتفسيرها، بحيث تشير الدراسات الإثنوغرافية إلى وجود اختلافات ثقافية في الفهم الاجتماعي والتفسير والاستجابة للسلوك والعاطفة، وتملي النصوص الثقافية كيفية تفسير المحفزات الإيجابية والسلبية.

على سبيل المثال، تشير الروايات الإثنوغرافية إلى أن الأمهات عمومًا يختلفن من حيث الاعتقاد أنه من المهم التركيز على نجاحات أطفالهن بينما تميل الأمهات الأخرى إلى الاعتقاد بأنه من المهم للغاية توفير الانضباط لأطفالهن، لذلك قد تفسر بعض الأمهات درجة جيدة في اختبار طفلها التحفيز؛ لأن طفلها قد خمن في معظم الأسئلة وبالتالي يستحق التأديب.

بينما تفسر الأمهات الأخرى طفلها بأنه ذكي للغاية ويستحق الثناء، ومثال آخر هو أن الثقافات الشرقية تدرك أن النجاحات يتم التوصل إليها من خلال جهد جماعي، بينما تحب الثقافات الغربية أن تنسب النجاحات إلى الأفراد.

3- التوقع والرغبة:

يمكن أن تؤثر آمال الفرد وتوقعاته بشأن الحافز على الإدراك العقلي له، ففي إحدى التجارب، تم تخصيص الطلاب لمهام ممتعة أو غير سارة بواسطة الكمبيوتر، وقيل لهم إن رقمًا أو حرفًا سيومض على الشاشة ليخبروا ما إذا كانوا سيتذوقون عصير البرتقال أو مشروبًا صحيًا كريه المذاق.

4- مفهوم الذات:

يصف هذا المصطلح مجموعة المعتقدات التي لدى الناس عن أنفسهم، بما في ذلك عناصر مثل الذكاء وأدوار الجنسين والهوية العرقية وغيرها الكثير، فإذا كان الشخص يعتقد أنه شخص جذاب، فقد يفسر التحديق من الغرباء وهو التحفيز على أنه إعجاب ويتمثل في التفسير والإدراك العقلي، ومع ذلك، إذا كان يعتقد أنه غير جذاب، فقد يفسر تلك النظرات نفسها على أنها أحكام سلبية.

5- الثبات الإدراكي:

يعبر الثبات الإدراكي عن إدراك الأشياء على أنها ذات شكل وحجم ولون ثابت بغض النظر عن التغييرات في المنظور والمسافة والإضاءة، وبغض النظر عن التفاعلات والتشاركات التي يقوم بها الشخص مع غيره، وبغض النظر عن نفس وطبيعة الأشخاص الذين يتعامل معهم.

6- الدوافع:

الدافع له تأثير هائل على الإدراك العقلي للناس حول العالم، مثال بسيط يأتي من قيادة قصيرة المدى، مثل الجوع رائحة طعام الطهي ستلفت انتباه الشخص الذي لم يأكل لعدة ساعات، في حين أن الشخص الشبع قد لا يهتم بهذه التفاصيل، وتؤثر الدوافع طويلة المدى أيضًا على المحفزات التي نحضرها.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: