البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


في نظرية العدل يقدم العالم جون راولز تفسير يرجع للعالم إيمانويل كانط للموقف الأصلي ومعايير العدالة في علم النفس، حيث أن تفسير كانط هو مقدمة لبنائية راولز الكانطية، وبنيته السياسية اللاحقة في البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي.

البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي

تتمثل البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي بالنسبة للعالم إيمانويل كانط بأن يتصرف الشخص بشكل مستقل، وذلك عندما يتم اختيار مبادئ عمله من قبله على أنها أفضل تعبير ممكن عن طبيعته ككائن عقلاني مستقل، حيث يقول راولز إن ما ينقص كانط هو محاولة لإظهار كيف تعبر المبادئ الأخلاقية عن طبيعتنا.

يمكن تفسير الموقف الأصلي في البنائية والموضوعية على أنه تفسير إجرائي لطبيعتنا ككائنات عقلانية حرة ومستقلة، وبالتالي لمفهوم كانط عن الاستقلالية والضرورة الفئوية؛ لأنه في الموقف الأصلي وبسبب حجاب الجهل والقيود الأخلاقية الأخرى يتم اختيار الأطراف بشكل مستقل عن الاحتمالات الطبيعية والظروف الاجتماعية العرضية، وبالتالي لا يتم اختيار مبادئ العدالة بشكل غير متجانس.

تعتمد البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي على أساس وضعنا الاجتماعي أو الهبات الطبيعية أو الاحتياجات الخاصة أو النوع الخاص من المجتمع الذي نعيش فيه، بدلاً من ذلك يتم تمثيل جميع الأطراف بالطريقة نفسها كأشخاص عقلانيين يتمتعون بالقدرة على الشعور بالعدالة الذين يختارون مبادئ العدالة وفقًا لجميع الشروط الأخلاقية ذات الصلة.

يقول راولز إن الموقف الأصلي قد يُنظر إليه على أنه يتضمن الظروف التي تعبر عن أصلها على أفضل وجه باعتبارها كائنات عقلانية، ومن وجهة نظر كانط البنيوية والموضوعية يتم تحديد طبيعتنا الأخلاقية من خلال القوى الأخلاقية، وقدراتنا على التفكير العملي، لتكون عقلانية ومعقولة، فالقوى الأخلاقية هي القدرات ذات الصلة للتفكير العملي الذي يتعلق بالعدالة.

في البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي فإن التصرف بشكل مستقل هو العمل من المبادئ التي نوافق عليها باعتبارنا كائنات عقلانية، حيث أن وصف الموقف الأصلي يعبر عن ما يعنيه أن تكون كائنًا عقلانيًا وحتى يشبه وجهة نظر الذات الموضوعية والبنائية.

البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي لمفهوم الاستقلالية

بالإضافة إلى التعبير عن البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي، فإن الموقف الأصلي يعبر عن الاستقلالية؛ لأنه يتطلب أن يتبنى الطرفان وجهة نظر حيادية مشتركة وأن يتخذوا خيارًا عقلانيًا مدروسًا ويتفقون في ظل ظروف تتطلب منهم التجرد من مصالحهم وظروفهم الخاصة، علاوة على ذلك فإن الجميع مدفوعين بمصالح عليا في قواهم الأخلاقية، والتي تمثل طبيعتهم ككائنات عقلانية.

تم بناء مفاهيم الاستقلالية في البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي لدمج جميع الأسباب والقيود ذات الصلة على الحِجَج لمبادئ العدالة الاجتماعية، بقدر ما يكون الاختيار وجهة نظر موضوعية محددة بشكل مناسب تتضمن جميع الأسباب الأخلاقية ذات الصلة والشروط المتعلقة بالاختيار العقلاني لمبادئ العدالة، ويتوصل الأطراف فيها إلى اتفاق بالإجماع والمبادئ المتفق عليها موضوعية أيضًا.

جنبًا إلى جنب مع مطلب الاستقلالية يمكننا أن نستنتج من موضوعية مبادئ العدالة التي تنطبق على الأشخاص في جميع المجتمعات وهي ملزمة لهم، كما يقول راولز عن الموقف الأصلي في اختتام البنائية والموضوعية له لرؤية مكانتنا في المجتمع من منظور هذا الموقف هو رؤيته بشكل مستقل، حيث يتعلق الأمر بالنظر إلى الوضع الإنسان ليس فقط من جميع وجهات النظر الاجتماعية ولكن أيضًا من جميع وجهات النظر الزمنية.

يؤكد راولز على موضوعية وصحة مبادئ العدالة من حيث الاستقلالية ويقول إنها أكثر المبادئ منطقية، لكنه لا يقول في أي وقت إن مبادئ العدالة تعتبر صحيحة، ومع ذلك فهو يقول أن الأحكام المستندة إلى مبادئ العدالة صحيحة وهذا ينطبق على كل من الأحكام الخاصة والقواعد الأخلاقية للعدالة التي تتطلبها مبادئ العدالة، وهذه الادعاءات متضمنة في البنائية للعالم كانط الذي لم يقل أن الحتمية القاطعة صحيحة، وبدلاً من ذلك قال إنها صالحة عالميًا.

البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في الفلسفة الأخلاقية الاجتماعية

بشكل عام تعتبر البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في الفلسفة الأخلاقية الاجتماعية هي وجهة نظر حول إمكانية صحة المبادئ الأخلاقية والحكم، حيث تقول الواقعية أن صحة الأحكام الأخلاقية تكمن في حقيقتها وأن حقيقة معظم المبادئ الأخلاقية الأساسية تتمثل في تطابقها مع نظام أخلاقي أي من حقائق أو أشياء أخلاقية سابقة للعقل ومبادئ التفكير العملي.

ثم يتم تعريف موضوعية الحكم الأخلاقي من قبل الواقعيين على أنها حكم صادر من منظور التفكير الذي من المرجح أن يؤدي إلى تمييز هذه الأشياء السابقة للحقيقة، ومنها يتم مناقشة نسخة من الواقعية الموجودة في الحدس العقلاني والذي يتناقض مع البنائية الأخلاقية، ثم يتم تعريف موضوعية الحكم الأخلاقي من قبل الواقعيين على أنها حكم صادر من منظور التفكير الذي من المرجح أن يؤدي إلى تمييز هذه الأشياء السابقة للحقيقة.

البنائية في الموقف الأصلي للعدالة من حيث العالم إيمانويل كانط تقلب العلاقة التي يراها الواقعيين بين الموضوعية والحقيقة الأخلاقية، بدلاً من الأحكام الموضوعية التي ترتكز على تمييز موضوعات الحقيقة السابقة حيث تسبق الموضوعية الحكم وموضوع الحقيقة، وهذا يعني أنه على مستوى المبادئ الأخلاقية الأساسية فإن صحة هذه المبادئ لا تعتمد على تطابقها مع نظام أخلاقي سابق، ولكن على اتباعها المبادئ الأساسية للتفكير العملي.

إن موضوعية الحكم المتضمنة في الاستدلال من منظور موضوعي وفقًا للمبادئ ذات الصلة للتفكير العملي تؤدي إلى مبادئ أخلاقية موضوعية هي أساس أحكام الحقيقة الأخلاقية، حيث ان الحقائق الأخلاقية التي هي أهداف هذه الحقائق الأخلاقية ليست سابقة بعد ذلك في البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي.

أهمية البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي

من بين المزايا المتنوعة للموقف الأصلي للعدالة تخفف البنائية الأخلاقية في النظرية الأخلاقية من عبء الاضطرار إلى تفسير صحة الأحكام الأخلاقية من حيث تطابقها مع مجال غامض من الحقائق الأخلاقية الطبيعية أو اللاطبيعية، التي يجب أن تكون موجودة قبل التفكير العملي.

كما تمكّن البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي من تقديم تفسير لموضوعية الحكم الأخلاقي وصحة المبادئ الأخلاقية التي تتفق مع الفكرة الكانطية عن الاستقلالية، في تحديد الطريقة التي يتم بها تبرير مبادئ العدالة على أساس مفاهيم معينة والمبادئ التي نشأت في الاستدلال العملي نفسه، حيث يرى راولز أنه قد نفذ الطموح الكانطي لإظهار كيف أن المبادئ الأخلاقية للعدالة هي نتيجة إعطاء العقل مبادئ لنفسه من موارده الخاصة.

يلعب الموقف الأصلي دورًا حاسمًا في البنائية الكانطية حيث يقول راولز إن الموقف الأصلي هو إجراء بنّاء يحدد وجهة نظر موضوعية يمكن من خلالها استنباط مبادئ موضوعية للعدالة، حيث يتم بناء مبادئ العدالة على أساس المفاهيم المثالية للفرد والمجتمع، والتغيير عن طبيعتنا ككائنات عقلانية حرة ومتساوية، إلى تصور مثالي عن الشخص، يُنظر إليه على أنه شخص أخلاقي.

في النهاية نجد أن:

1- البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي هي مجرد خصائص جاءت لتفسير مثل هذا الموقف ومعايير العدالة المتساوية للأفراد.

2- ترتبط البنائية والموضوعية في الموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي في موضوعية المعرفة والاستقلالية وفي الأحكام الأخلاقية.

المصدر: علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.العدالة الاجتماعية التاريخ والنظرية والبحث، محمود عبد الحميد الخيال، 2019.علم النفس المعرفي، د. رافع النصير الزغلول - د. عماد عبد الرحيم الزغلول


شارك المقالة: