الحجج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تتمثل الحِجَج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس في الحِجَة القائلة بأن الخلاف الأخلاقي يولد مشاكل للواقعيين الأخلاقيين، وذلك من خلال إلزامهم بعدم إمكانية الوصول إلى الحقائق الأخلاقية هي في النهاية ذات طبيعة معرفية.

الحجج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس

يتماشى موضوع الحِجَج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس مع الفكرة الأكثر عمومية أن الخلاف يثير أحيانًا مخاوف متشككة من خلال الإيحاء بأن أسسنا للمعتقدات المتنازع عليها غير كافية، وبالتالي فإنها تفشل في أن تكون مبررة بشكل كافي أو ترقى إلى مستوى المعرفة، وعلى الرغم من أن هذه الفكرة تنطبق على مجالات أخرى أيضًا غالبًا ما يُنظر إليها على أنها ذات صلة خاصة بالأخلاق؛ نظرًا لمدى الخلاف الذي يحدث هناك.

الاستنتاجات المتشككة بأن الخلاف الأخلاقي قد تم اعتباره لتبرير تختلف في القوة، من الناحية الشكلية ومن حيث النطاق، حيث أن الادعاء بأن الحقائق الأخلاقية لا يمكن الوصول إليها قوي بشكل معتدل من حيث أنه يتجاوز القول بأننا في الواقع نفتقر إلى المعرفة الأخلاقية أو المعتقدات الأخلاقية المبررة، ولكن تم التذرع بالخلاف الأخلاقي دفاعًا عن الادعاءات الضعيفة أيضًا.

لاحظت الحجج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس حقيقة أن شكلاً من أشكال الشك ضعيف بالمعنى المعياري، وأنه يتعلق فقط بموقفنا الفعلي لا يعني أنه لا يمكن أن يكون جزءًا من حجة ضد الواقعية الأخلاقية، على الأقل هذا ما دام واسع النطاق بما فيه الكفاية، على سبيل المثال إذا تبين أننا في الواقع غير مبررين في التفكير في أي شيء الادعاء الأخلاقي بأنها حقيقة، يمكن القول إن هذا سيقلل من تبريرنا للتفكير في وجود مثل هذه الحقائق في المقام الأول.

ومع ذلك إذا كان الاستنتاج المتشكك ضعيفًا ليس فقط بالمعنى النموذجي ولكن أيضًا من حيث النطاق، بحيث ينطبق فقط على مجموعة فرعية محدودة من معتقداتنا الأخلاقية، فمن غير المرجح أن يكون له دور يلعبه في تحد قوي ضد الواقعية الأخلاقية أو المواقف الأخرى التي تسعى إلى ترك مجال للمعرفة الأخلاقية، ومع ذلك فإن القول بأن الخلاف الأخلاقي له مثل هذه الآثار مثير للاهتمام في حد ذاته.

الحِجَج المعرفية من الخلاف الأخلاقي هي الحِجَج التي تسعى إلى التشكيك في وجود المعرفة الأخلاقية، حتى مع التسليم بوجود حقائق أخلاقية، والنهج البديل هو القول أولاً بأن الخلاف يستبعد بشكل مباشر وجود الحقائق الأخلاقية ثم ببساطة اشتقاق الأطروحة القائلة بعدم وجود معرفة أخلاقية من هذا الاستنتاج بالنظر إلى أن المعرفة تفترض الحقيقة مسبقًا.

تثير أي حِجَة بهذا المعنى أسئلة عامة حول ما يلزم للاعتقاد لتشكيل المعرفة أو لتبريرها، ومع ذلك فإن أولئك الذين يطرحون حِجَجًا متشككة من الخلاف الأخلاقي لا يتذرعون دائمًا بأي وجهة نظر عامة كهذه، قد يكون السبب أنهم يعتقدون أن الاستنتاجات المتشككة تتبع أيًا من أكثر النظريات الواعدة التي ظهرت في نظرية المعرفة، والتي من الواضح أنها ستجعل الحِجَج أقل ضعفًا.

أهم الحجج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس

تتمثل أهم الحِجَج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس من خلال ما يلي:

1- الخلاف الأخلاقي بين الأقران

تم تطوير أحد الأمثلة على الحِجَج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس التي تستدعي وجهة نظر معينة بين الأقران، ويستلزم الرأي المعني أن إيمان الفرد بموضوع ما لا يرقى إلى مستوى المعرفة إذا تم إنكاره من قبل شخص آخر صحيح أنه، ليس لديه سبب آخر للاعتقاد بأنه مخطئ أكثر من الشخص الأول، وبهذا المبدأ يقدم علماء النفس حِجَة مفادها أن العديد من معتقداتنا الأخلاقية لا تشكل معرفة.

ما يدور في ذهننا على وجه الخصوص هو تلك المعتقدات التي تتعلق بقضايا تميل إلى التنازع بشدة في أدبيات الأخلاق التطبيقية وكذلك في الثقافة الأوسع، مثل تلك المتعلقة بالعقوبات، حيث يتناسب مبدأ حِجَج الخلاف الأخلاقي بين الأقران مع الموقف المعروف باسم المصالحة، على الرغم من أن هذا الموقف يُذكر في كثير من الأحيان من حيث الاعتقاد المبرر أو العقلاني أكثر من المعرفة.

في الخلاف الأخلاقي بين الأقران عندما يتعلق الأمر باكتشاف الحقيقة حول مواضيع من النوع الذي يهتم به المعتقد المتنازع عليه، وفقًا للمصالحة إذا علم المرء أن معتقدات المرء يعارضها نظير، فيجب على المرء أن يتخلى عن المعتقدات أو على الأقل يقلل من ثقته بها.

قوبل مبدأ المصالحة أو التوفيق بانتقادات من المنظرين الذين يفضلون بدلاً من ذلك الصمود في مواجهة الخلاف بين الأقران، كما أن حقيقة أن المصالحة هي عقيدة متنازع عليها تثير أيضًا مخاوف الهزيمة الذاتية من إمكانية قلبها ضد نفسها كما قد يبدو حينها أنها تدعو إلى التخلي عنها، لكن ميزة المصالحة في السياق الحالي هي أنها تسمح للمشككين الأخلاقيين باستخلاص استنتاجات متشككة من الخلاف الأخلاقي دون الاضطرار إلى افتراض أن الأطراف في ظروف مثالية.

بعد كل شيء يمكن أن يكون شخصان في مواقف معرفية مواتية على قدم المساواة حتى لو كان من الممكن تحسين أوضاعهم، في نفس الوقت فإن الاستنتاجات التي يمكن للمتشككين عبر المصالحة، نأمل أن تنبثق من مثل هذه الخلافات متواضعة في المقابل، يبدو أنها تستلزم في أحسن الأحوال أن الأطراف تفتقر حاليًا إلى المعتقدات أو المعرفة المبررة ولا تستبعد أن المعرفة قابلة للتحقيق من حيث المبدأ.

2- الخلاف الأخلاقي والسلامة

يعتبر الخلاف الأخلاقي والسلامة أحد الحِجَج المعرفية والخيارات في القول بأن الخلاف الأخلاقي يمكن أن يلعب دورًا غير مباشر أكثر ويكون عالميًا، وقد تكون الفكرة أنه ليس الخلاف نفسه هو الذي يجعل معتقداتنا الأخلاقية غير مبررة، بل هو عامل أساسي يكون الخلاف أحد أعراضه والذي قد يحصل أيضًا عند غياب الأعراض.

قد يتصور المرء على سبيل المثال أنه حتى لو كانت بعض الادعاءات الأخلاقية فقط تجتذب الاختلاف، فإن أفضل تفسير لتنوع الآراء الأخلاقية هو مع ذلك نظرية حول الخلفية السببية للمعتقدات الأخلاقية التي تسود عمومًا، إذا كانت هذه النظرية تشير بدورها إلى أن المعتقدات نتجت بطريقة تقوض تبريرها، فإنها تسمح لنا برؤية كيف يمكن للخلاف أن يدعم الشك الأخلاقي العالمي، حتى لو سلمنا أن بعض الادعاءات الأخلاقية لا تولد الجدل.

في هذا النوع من الحِجَة يتم تقليل أهمية الخلاف الأخلاقي إلى حد ما على الرغم من أنه لم يتم طمسه تمامًا، مقارنة بما تم تعيينه له من قبل التوفيق، حيث يلعب الخلاف الأخلاقي دور كونه مجرد دليل على أن الشرط الأساسي الذي يولد الشكوك.

في النهاية يمكن التلخيص بأن:

1- الحِجَج المعرفية من الخلاف الأخلاقي في علم النفس تتضمن العديد من المشاكل لجميع المهتمين بالظواهر الواقعية ويرغبون ببناء التجارب المتنوعة.

2- تتمثل هذه الحِجَج بالحِجَج الخاصة بالمقارنة بين الأقران والحِجَج التي تستدعي السلامة العالمية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: