الرضاعة الطبيعية للطفل في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


تتغير التعريفات العلمية للرضاعة من شخص لآخر، لكن المعروف عند أصحاب التخصص وعلماء الأحياء أن الرضاعة الطبيعية هي العملية التي من خلالها تتم تغذية المولود بالحليب الذي يخرج من ثدي الأم إلى فم الطفل، وهي عملية فطرية يشترك فيها الاٍنسان مع جميع الثدييات. أما من ناحية دينية تعد عملية فطرية يغرسها الله تعالى في قلب كل أم نحو طفلها مصداقاً لقوله تعالى في كتابه العزيز: “وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه”.

أهمية الرضاعة الطبيعية في الإسلام

الرضاعة في الشريعة الإسلامية الحنيفة هي طريقة لتكوين روابط العطف والحب بين الطفل وأمه إذ من غير الممكن أن تهمل الأم طفلها في الظروف العادية؛ بسبب العطف والحب والمودة التي تكون بينهما، ومن المعروف أن الرضاعة الطبيعية عند العرب قبل الإسلام لا تكون إلا من ثدي الأم أو غيرها من المرضعات وغير ذلك يسمى رشفاً، وعند النظر في الآيات القرآنية الكريمة حول موضوع الرضاعة الطبيعية، نكتشف أنها تتحدث عن الرضاعة بدل الرشف لقيمتها الصحية والنفسية والاجتماعية، فقد رفع الإسلام مكانة العلاقة بين الرضيع وأمه.

وحث الإسلام على الرضاعة الطبيعية في الوضع العادي في الأسرة، التي يسود فيها الحب والمودة والحنان بين الأب والأم، وحث على الرضاعة الطبيعية حتى في حالة انفصال الزوجين وتحدث الله تعالى في كتابه العزيز في آيات كثيرة عن أهمية الرضاعة الطبيعية ووقتها، فمدة الرضاعة الطبيعية سنتين تامتين إذا توفرت للأم القدرة المادية والمعنوية، وعلى الآباء بالتكفل باحتياجات الأم المرضعة حتى لو كانت مطلقة؛ لأن في ذلك مصلحة للطفل بصرف النظر عن تباعد الوالدين وطلاقهما. وليس للوالد حرمان الأم المطلقة من إرضاع طفلها ومنعها منه؛ لما في ذلك من أذى يلحق بالطفل وأمه معًا.

الرضاعة الطبيعية للطفل في الإسلام في حالة الطلاق

الآباء في الإسلام يقومون بالتكفل بنفقة إرضاع الطفل بعد طلاق الأم، فإذا مات الأب أو كان ميسور الحال وأصابه الفقر ولا يستطيع تحمل نفقة الأم المُرضِعة، فقد أوصى الإسلام الشخص الذي يرث عنه الطفل في المستقبل بتحمل هذه النفقة.

ومن الممكن للوالدين في حالة وقوع الطلاق، فطام الطفل قبل انتهاء السنتين إذا تم الاتفاق بين الوالدان على ذلك واعتقدا أن ذلك في مصلحة الطفل، فإذا لم يوافق أحد الوالدين وكان له رأي في أن الفطام قبل سنتين فيه أذى للمولود، فقد وجب على الأم أن تتم رضاعته حتى تنتهي المدة كاملة، إلا إذا اعتقد الوالدان أن الفطام في صالحه، وفي بعض الحالات غير الاعتيادية، فإن الإسلام يسمح للوالدين المنفصلين إرضاع مولودهما من مرضعة ثانية إذا تم الاتفاق على ذلك مقابل أجر مادي للمرضعة.

وبإدراك الأحكام الإسلامية الوارد ذكرها أعلاه نستنتج أهمية الرضاعة الطبيعة للأبناء في الإسلام، فمهما وصلت المشاكل بين الوالديْن، ومهما توترت العلاقة بينهما ووصلت حدَّ الانفصال، يشجع الدين الإسلامي على إرضاع الطفل ويحث الوالدين على ذلك؛ نظرا لآثارها الإيجابية وفوائدها الصحية العظيمة للطفل وللأم وللمجتمع بشكل عام.

أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل في الإسلام مقارنة بالرضاعة الاصطناعية

يؤكد الإسلام على أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل، فهي الوسيلة الفضلى لبناء الصحة النفسية والجسمية للطفل، وبها يتحقق للطفل النمو السليم، وهي وسيلة لتقوية جهاز المناعة لدى الطفل، ووقاية له من الأمراض،

كما أن الرضاعة الطبيعية تسهم في خفض أعداد وفيات الأطفال الناتجة عن أمراض الطفولة، تعد الرضاعة الطبيعية وسيلة للحفاظ على البيئة مقارنةً بمخلفات الرضاعة الاصطناعية.

وبالرضاعة الطبيعية تنشأ علاقة عاطفية تربط الرضيع بوالدته؛ فعندما تضم الأم طفلها وتحضنه على صدرها وتقربه منها كل ذلك يؤدي إلى تقوية العلاقة وترسيخها بين الطفل وأمه، هذه العلاقة النفسية التي تبقى معهما طوال حياتهما ويحس كل منهما بالآخر؛ بفرحه وحزنه وانفعالاته النفسية، فتزداد علاقة الحب بينهما، وتتوثق الروابط والعلاقات، إضافة إلى أنها تعد وسيلة طبيعية ومجانية لتنظيم النسل.

وتؤيد الدراسات العلمية فوائد الرضاعة الطبيعية للطفل والأم، أما الرضاعة الاصطناعية فهي بديل أقل جودة من الرضاعة الطبيعية ولا ترقى فوائدها لفوائد الرضاعة الطبيعية ولا يتحقق بها علاقة عاطفية أسرية بين الطفل وأمه، كما يؤكد الأطباء والمختصون ذلك، للرضاعة الاصطناعية التكلفة المادية التي ربما تثقل كاهل الوالدين والأسرة، فللأسباب السابق ذكرها أعلاه حث الإسلام على الرضاعة الطبيعية وأكد عليها في غير موضع في القران الكريم والسنة النبوية، وحدد الإسلام مدة الرضاعة الطبيعية للمولود بحولين كاملين ليتم بها تحقيق الصحة النفسية والجسدية للطفل وأمه.

المصدر: تربية الطفل في الإسلام، سيما راتب عدنان، 19997مشاكل الطفل، محمد ايوب الشحيمي، 1994تربية الاولاد في الاسلام، عبدالله ناصح علوان، 1981الطفل في الشريعة الاسلامية ومنهج التربية النبوية، سهام مهدي جبار، 1997


شارك المقالة: