الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري

اقرأ في هذا المقال


يعتبر علم النفس التطوري مناسب تمامًا لتقديم وصف للطبيعة البشرية، حيث يدين علم النفس التطوري بدين نظري لعلم الأحياء الاجتماعي البشري، من حيث أخذ علم الأحياء الاجتماعي البشري ليقدم لنا وصفًا للطبيعة البشرية بأنها مجموعة من الذخيرة السلوكية البشرية العالمية، وأفضل طريقة لفهم هذه الذخيرة السلوكية هي أنها نتاج الانتقاء الطبيعي.

الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري

يجادل علماء النفس التطوري بأن الطبيعة البشرية ليست مجموعة من الذخائر السلوكية البشرية العالمية بل هي الآليات النفسية العالمية الكامنة وراء هذه السلوكيات الإنسانية، حيث أن هذه الآليات النفسية العالمية هي نتاج الانتقاء الطبيعي وهذا الادعاء يعتمد مفهوم الطبيعة البشرية على مجموعة نموذجية للأنواع من التأقلم النفسي المعقد.

لذلك بالنسبة لعلماء النفس التطوري فإن الطبيعة البشرية تتكون من مجموعة من التأقلم النفسي الذي يُفترض أنها متكاملة بين البشر وفريدة من نوعها، حيث يستند حساب الطبيعة البشرية إلى حساب علماء النفس التطوريين ويشبهه إلى حد بعيد؛ لأن الطبيعة البشرية هي مجموعة الخصائص التي يميل البشر إلى امتلاكها نتيجة لتطور جنسهم.

في حين أن حساب الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري يُناشد السمات التي تطورت واشتركت بين جميع البشر، فإنها لا تقتصر على الآليات النفسية فقط، على سبيل المثال يُعتقد أن الثقافة البشرية هي جزء من مجموعة سمات الطبيعة البشرية.

بالتالي تُلتقط رؤية عناصر من كل من النظرة الاجتماعية والبيولوجية وعلم النفس التطوري للطبيعة البشرية، أي إنه يشارك فكرة أن السمة يجب أن تكون نتاجًا للتطور، بدلاً من قول التعلم الاجتماعي أو الثقافة.

تحديات الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري

تعتبر بعض التحديات الحرجة للحسابات النفسية التطورية في الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري هي مستمدة من مخاوف مماثلة لتلك التي تدفع نقد علم النفس التطوري بشكل عام، حيث أننا نرى أن مناقشات علم النفس التطوري مبنية على خلافات حول كيفية وصف التكيف والخلافات حول دور التباين في التطور والتنمية.

بعض النقاد للطبيعة البشرية في علم النفس التطوري يتهمون علماء النفس التطوري بافتراض أن التكيف لا يمكن أن يحافظ على التباين، حيث يستدعي نقد بعضهم لرواية علماء النفس التطوريين للطبيعة البشرية من حيث التباين، والفكرة هنا هي أن البشر مثل جميع الكائنات الحية يظهرون قدرًا كبيرًا من التباين، بما في ذلك التباين الفسيولوجي والسلوكي والثقافي.

يجادل البعض من نقاد الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري بأن حساب علم النفس التطوري للطبيعة البشرية إما يتجاهل أو يفشل في تفسير كل هذا الاختلاف، أي أنه حساب يقصر الطبيعة البشرية على تلك السمات المشتركة فقط والتي لا تخضع أيضًا للتغيير، ولا يمكن أن يفسر التباين البشري.

يعتمد انتقاد هؤلاء لمفهوم علماء النفس التطوري عن الطبيعة البشرية على فكرة أننا نختلف عبر العديد من الأبعاد ولا يمكن تفسير الطبيعة البشرية على أساس السمات العالمية الثابتة لأي من هذا الاختلاف، حيث إن فرضية أنه لمراعاة الطبيعة البشرية يجب علينا تفسير التباين البشري قدمها ودافع عنها علماء النفس التطوري وعلماء الأنثروبولوجيا والفلاسفة.

يتفق بعض منتقدين الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري على أن علماء النفس التطوريين فشلوا في تفسير التباين البشري في تفسيرهم للطبيعة البشرية، بدلاً من رؤية هذا التحدي على أنه هدم مشروع محاسبة الطبيعة البشرية بالكامل، يرى هؤلاء المنتقدين أن هذا يمثل تحديًا لحساب الطبيعة البشرية، ويقولون أنه مهما كانت الطبيعة البشرية فهي ظاهرة بيولوجية بكل ما يعنيه ذلك، لذا فإن الطبيعة البشرية هي سحابة متذبذبة كبيرة تختلف عن السحب السكانية للكائنات الحية وأشجار النخيل مثلًا.

بدلاً من أن تكون الطبيعة البشرية مجموعة من السمات النفسية العالمية الثابتة المشتركة، فإن الطبيعة البشرية هي مجموعة السمات البشرية بأكملها بما في ذلك كل التباين في جميع سماتنا، حيث يتمثل الدافع الرئيسي للانتقادات في أن وجهة النظر هذه لا يمكن أن تكون تفسيرية، بل هي مجرد قائمة كبيرة لجميع الخصائص التي يمتلكها البشر ويمكن أن يمتلكوها.

تطبيقات الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري

يتم استدعاء علم النفس التطوري في مجموعة واسعة من مجالات الدراسة في الطبيعة البشرية، في هذه السياقات يتم تقديم علم النفس التطوري عادة على أنه توفير الموارد للممارسين، والتي من شأنها أن تقدم المجال ذي الصلة، حيث استجاب الفلاسفة من علماء النفس بشكل نقدي لبعض تطبيقات علم النفس التطوري.

يتمثل أحد المخاوف في أنه غالبًا ما يتم خلط علم النفس التطوري مع نظرية التطور للطبيعة البشرية، والذي يكشف عن قدر كبير من الخلاف بين المنظرين التطوريين وعلماء النفس التطوريين حول التفسير الصحيح للتطور، حيث يعرض علماء النفس التطوري تعزيز مجالات متعددة مثل القانون ودراسات المستهلك من خلال تقديم أفكار تطورية ولكن ما يتم تقديمه في الواقع هو مجموعة مختارة من الموارد النظرية التي يدعمها فقط مؤيدو نهج محدد لعلم النفس التطوري.

جادل بعض علماء النفس بأن دراسات المستهلك سوف تستفيد بشكل كبير من إضافة التفكير التكيفي في الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري، أي البحث عن التصميم الظاهري، ومن خلال تقديم وحدات افتراضية متطورة لمراعاة سلوك المستهلك، حيث لا يرى الكثيرون هذا على أنه محاولة لجلب النظرية التطورية بتفسيرها الواسع للتأثير على دراسات المستهلك.

من المؤكد أن الترويج للأفكار النظرية المتنازع عليها يمثل مشكلة في الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري، ولكن تنشأ مخاوف أكبر عندما يتم الترويج لعمل فاق المصداقية تمامًا في محاولة لتطبيق علم النفس التطوري فيها.

بصرف النظر عن مراقبة الجهود التوسعية لتطبيق الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري، هناك عدد من المجالات الأخرى التي سيكون فيها المزيد من العمل المثمر في علم النفس الأخلاقي، فهناك عدد هائل من الفرضيات التجريبية التي تؤثر على مفهومنا لعلم النفس الأخلاقي لدينا والتي تتطلب تدقيقًا، حيث يمكن جمع العمل لعلم النفس الأخلاقي والعواطف معًا من خلال العمل في الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري.

وجهت الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري الانتباه الفلسفي إلى التطور والعواطف، وقد جعلت هذا النوع من العمل على اتصال وثيق بعلم النفس الأخلاقي، ففي فلسفة العقل لا يزال هناك الكثير الذي يمكن القيام به حول موضوع الوحدات في الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري.

في النهاية نجد أن:

1- الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري هي مجموعة من الذخيرة السلوكية البشرية العالمية، وأفضل طريقة لفهم هذه الذخيرة السلوكية هي أنها نتاج الانتقاء الطبيعي.

2- تتمثل بعض التحديات الحرجة للحسابات النفسية التطورية في الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري المستمدة من مخاوف ترى أن مناقشات علم النفس التطوري مبنية على خلافات حول كيفية وصف التكيف والخلافات حول دور التباين في التطور والتنمية.

3- من تطبيقات الطبيعة البشرية في علم النفس التطوري تتمثل في السلوكيات المستهلكة والجهات القانونية وكذلك في العمل مع العواطف وعلم النفس الأخلاقي.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: