العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعبر مفهوم الحدس عن كيفية معرفتنا لأي شيء عن الخصائص غير الطبيعية في اللاطبيعية الأخلاقية، أي أن الحدس من الطرق التي لا تُعَدّ ولا تحصى والتي تم من خلالها تصور الخصائص غير الطبيعية في العديد من التوصيفات للاطبيعية الأخلاقية، فإن الخصائص غير الطبيعية بالتعريف تستعصي على الاستقصاء العلمي الذي يعتبره الكثيرون الشكل الأكثر موثوقية للمعرفة المتاحة لنا.

العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس

لمعرفة العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس يتوجب النظر بمجموعة من التساؤلات، حيث أنه بمجرد أن نضع في الاعتبار خاصية معينة كيف يمكننا أن نعرف أنها خاصية أخلاقية؟ وكيف يمكننا معرفة أي شيء عن الخصائص الأخلاقية بصرف النظر عن معرفة أنها أخلاقية؟ إذا كان الخير حقًا أمر فريد من نوعه، عندئذٍ ربما يكون التعرف المباشر عليها كافياً للاعتراف بها على أنها أخلاقية.

ومع ذلك نظرًا لأن عالم النفس والطبيعة يرى أن الخصائص الأخلاقية إما متطابقة مع مجموعة فرعية من الخصائص الطبيعية أو قابلة للاختزال إليها، فلا داعي لأن يكون هناك غموض حول كيفية حصولنا على بعض المعرفة بهذه الخصائص حتى لو كان هناك بعض الغموض المتبقي حول كيفية اكتشافنا لها.

تقدم العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس الالتزام بالمذهب الطبيعي في الأخلاق الفوقية، حيث لا يوجد أي مشاكل جديدة حول كيفية معرفة أي شيء عن هذه الخصائص، بالنسبة لطبيعية معينة قد تكون الخصائص الأخلاقية متطابقة أو قابلة للاختزال إلى خصائص مألوفة مثل خاصية تعزيز السعادة أو خاصية الصدق.

بشكل عام نتعلم عن هذه الخصائص الطبيعية من خلال الملاحظة والبحث العلمي ويمكن لعالم الطبيعة أن يسترجع أي نظرية معرفية أكثر عمومية تشرح قدرتنا على معرفة أي شيء عن تلك الخصائص، نتعلم على سبيل المثال أنواع التنشئة التي تعزز الصدق من خلال الملاحظة التجريبية والتنظير.

يمكن فهم اللاطبيعية بعدة طرق مختلفة من خلال الحدس ولكن لا يبدو أن أيًا منها يجعل مهمة شرح إمكانية المعرفة الأخلاقية واضحة كما تبدو بالنسبة لعالم الطبيعة، حيث يتمثل التحرك القياسي لغير الطبيعي هنا في الدفاع عن شكل من أشكال الحدس، ففي أكثر أشكالها وضوحا يرى الحدس أننا نتعرف على الخصائص الأخلاقية من خلال الملاحظة المباشرة لتلك الخصائص.

تمييز الخصائص الأخلاقية من خلال العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية

إذا كانت لدينا الحساسيات الأخلاقية المناسبة ونظرنا بعناية كافية إلى موقف معين، فيجب أن نكون قادرين على تمييز الخصائص الأخلاقية ذات الصلة على هذا النحو بشكل مباشر تمامًا من خلال العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس، حيث تجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة متاحة من حيث المبدأ لعلماء الطبيعة وكذلك غير الطبيعيين، سيكون هذا سهلاً في بعض الحالات.

في حالات أخرى سيكون تمييز الحقائق الأخلاقية أكثر صعوبة، ومع ذلك فإن صعوبة مثل هذه الحالات تتوافق مع الحدس وعلاقته بمفاهيم اللاطبيعية الأخلاقية، ومنها فإن الإلمام بالجمال يوضح أن إدراك بعض الخصائص يمكن أن يكون دقيقًا للغاية ويتطلب قدرًا كبيرًا من التدريب والاهتمام، ومن المعقول أن نظرية المعرفة الحدسية تتلاءم بشكل أفضل مع بعض إصدارات اللاطبيعية أكثر من غيرها.

إذا فهمنا على سبيل المثال الخصائص غير الطبيعية على أنها خصائص لا يمكننا أن نعرفها إلا بشكل مسبق، فإن فكرة معرفتنا بها من خلال الإدراك تبدو إشكالية، على أي حال إذا كان الحدس يمكن الدفاع عنه فإنه يزود الشخص المهتم باللاطبيعية الأخلاقية بالإجابة عن كيفية تمييزنا الخصائص الأخلاقية عن غيرها.

المعرفة الأخلاقية والعلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية

أحيانًا يكون التوصيف الإدراكي للحدس للمعرفة الأخلاقية مجازيًا، والفكرة هي معرفة أن المعرفة الأخلاقية ليست إدراكية حرفيًا في المقام الأول ولكنها تشبه إلى حد كبير المعرفة الإدراكية، هذا النهج له مزاياه من حيث النظر في علاقة كل من الحدس واللاطبيعية الأخلاقية خاصة في محاولة لفهم فكرة الإدراك الأخلاقي للخصائص غير الطبيعية.

أكد بعض علماء النفس المهتمين بمفهوم الحدس أن قدرتنا على الحصول على تجارب حقيقية للخصائص الأخلاقية تكمن في امتلاكنا لقدرة عقلية خاصة وظيفتها اكتشاف هذه الخصائص الأخلاقية، حيث أن الحساب الذي يدعي فقط أن المعرفة الأخلاقية تشبه إلى حد ما المعرفة الإدراكية لا تحتاج إلى مواجهة هذه الصعوبات، بالطبع مثل هذه الروايات تخاطر بأن تكون غامضة للغاية بحيث لا يمكن أن تكون مفيدة إلا إذا كان هناك تفسير أقل مجازية للمعرفة الأخلاقية وشيكًا.

حتى أولئك الذين يأخذون الفكرة أو المعرفة الأخلاقية الإدراكية حرفياً لا يلتزمون بالتالي بالإيمان بمثل هذه العلاقة الخاصة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية، بالتالي ربما يكون الإدراك الأخلاقي متواصلاً مع أشكال الإدراك العادية الأخرى حتى لو كان هو حرفياً إدراك خاصية غير طبيعية، إذا كانت الخصائص غير الطبيعية بحكم التعريف خاملة سببيًا فإن هذا الموقف يبدو إشكاليًا.

فيما يتعلق بالطرق الأخرى لفهم الخصائص غير الطبيعية فإن ما إذا كانت هناك مشكلة سيعتمد على المزيد من الأسئلة المثيرة للجدل، فمثلا إذا تم فهم الخصائص غير الطبيعية على أنها خصائص لن تظهر في أفضل تفسير علمي للواقع، فمن الواضح أن المسألة تتعلق بسلطة العلم لتحديد الإجابات على جميع الأسئلة اللاطبيعية.

اعتراضات العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس

أحد الاعتراضات المثيرة للاهتمام على نشر العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس هو أن هذا المزيج من الآراء يجعل من المصادفة الكونية أن حدسنا سوف يتتبع الحقائق الأخلاقية بشكل موثوق، حيث تنبع قوة القلق من حقيقة أن الخصائص غير الطبيعية في بعض التفسيرات خاملة سببيًا، في حين أن حدسنا هو حالات نفسية، وبالتالي فهو جزء من العالم الطبيعي.

ببساطة ليس من الواضح كيف يمكن لبديهاتنا تتبع مثل هذه الحقائق بشكل موثوق، بالنظر إلى أنها معزولة سببيًا عنها، حيث يوجد هناك تناقض واضح مع الطريقة التي تعتمد بها معرفتنا بالعالم التجريبي بشكل معقول على الموثوقية المضمونة من خلال الروابط السببية المناسبة، من الواضح أن هذا مرتبط بمخاوف أخرى بشأن الطريقة التي لا تتوافق بها أصول حدسنا الأخلاقي جيدًا مع موثوقيتها.

بالنظر إلى اللاطبيعية على سبيل المثال المخاوف التي تركز أكثر على التأثيرات على الحكم الأخلاقي للإنسان، ومن المثير للاهتمام أن بعض غير الطبيعيين حاولوا تقديم حجة العالم تشارلز داروين لنوع من الانسجام اللاطبيعي المسبق بين حدسنا الأخلاقي والحقائق الأخلاقية.

القلق الأكثر جوهرية في العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية الذي ينشأ عن الخمول السببي للخصائص الأخلاقية، بالنظر إلى اللاطبيعية الأخلاقية هو كيف تدير كلماتنا ومفاهيمنا بقدر ما تكون حول تلك الخصائص، ومن المؤكد أنه وفقًا لنظرية مرجعية سببية، سيكون من الصعب جدًا بالفعل شرح كيف يمكن أن تشير كلماتنا ومفاهيمنا الأخلاقية إلى مثل هذه الخصائص الأخلاقية الفريدة من نوعها.

وفي النهاية نستنتج ان:

1- العلاقة بين الحدس واللاطبيعية الأخلاقية في علم النفس تعبر عن أهمية وجود الحدس لتمميز الخصائص الطبيعية واللاطبيعية في الأخلاق بشكل أوضح وسببي.

2- تميز هذه العلاقة جميع الخصائص الأخلاقية وتمييز المعرفة الأخلاقية عن الإدراك المعرفي والأخلاقي.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: