المتابعة والرعاية للأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


يعد اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة اضطراب متواصل، تكون هناك فترات تحدث فيها مشكلات حادة تحتاج تدخلاً مكثفاً، كما أن هنالك فترات أخرى تكون الوظيفة الرئيسة للعيادي خلالها مراقبة أعراض الطفل من أجل الكشف عن المشكلات البسيطة والتعامل معها قبل أن تتفاقم وتصبح مشكلات أكبر، كثيراً ما يكون طبيب الرعاية الأولية مسؤولاً عن مراقبة وتنسيق الرعاية المقدمة للأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

المتابعة والرعاية للأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

بما أن العيادي هو الاختصاصي الذي يقوم بالمراقبة، فينبغي أن يتحلى بمعرفة واسعة عن اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، إذ يتوجب عليه تقييم ميادين متعددة قد يؤثر فيها اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة على الأداء الوظيفي، كما يتوجب عليه أيضاً تنفيذ تدخلات علاجية مناسبة أو توجيه الأسرة لهذه الغاية، ويضاف إلى ذلك وجوب عدم تقيد العياديين بتدخلات علاجية تقع ضمن حقل تدريبهم فحسب، إذ أنه في بعض الحالات تستوجب احتياجات الطفل أو أسرته تلقي الخدمة من اختصاصي في حقل آخر.

فعلى سبيل المثال، ينبغي على الاختصاصي النفسي الذي يقوم بمراقبة طفل مصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وأن يعرف معلومات كافية عن العلاج الدوائي، وذلك لمعرفة أنسب وقت لإحالة الطفل لاختصاصي آخر كي يقرر الشروع في العلاج الدوائي أو تعديله، ومن ناحية أخرى ينبغي على الطبيب أن يعرف متى تبرز أهمية التفكير باحتمالية كون التدخلات التربوية أو السلوكية بديلاً أفضل من إجراء تعديلات في العلاج الدوائي.

متى تبدأ مرحلة المتابعة الرعاية للاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

تبدأ هذه المرحلة بعد أن يكون التقييم الأولي للأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، قد حدد المشكلات القائمة في السلوك أو الأداء الأكاديمي في المدرسة وحدد مشكلات السلوك في المنزل، وإضافة إلى الصعوبات التي يواجهونها مع الأقران، فقد يتطلب الطفل في البداية زيارات متكررة للتأكد من استجابته للتدخلات العلاجية، وغير أنه مع بدء التحسن يتم تخفيض عدد زيارات المتابعة، وفي نهاية يكون بالمستطاع رؤية معظم الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة بمعدل مرة واحدة في كل ثلاثة إلى ستة شهور.

وذلك من أجل مراقبة مستوى التقدم في المشكلات المحددة، ومن أجل الكشف عن مشكلات جديدة أو تقديم إرشاد مستقبلي فيما يتعلق بميادين الصعوبة المحتملة، وعادة ما يتطلب ذلك الحصول على معلومات عن أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة الظاهرة على الطفل، وعن مشكلات سلوكية محددة أخرى لديه وعن أدائه الأكاديمي في المدرسة، وإضافة إلى أدائه الاجتماعي فضلاً عن ذلك ينبغي أن يكون العيادي واعياً للتحديات الجديدة التي يرجح حدوثها في هذه الميادين مع تقدم هذا الطفل بالسن.

مراقبة الأداء الوظيفي للطفل ذو اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في المدرسة

يقدم الوالدان للعياديين انطباعهم عن كيفية أداء الطفل في المدرسة، وينبغي أن يقيم العياديون المعلومات التي تشكل الأساس لهذا الانطباع، كما ينبغي عليهم أيضاً حث الوالدين على تبني اتجاه من أجل الحصول على معلومات من المدرسين، وقد يكون ذلك عن طريق سجل ملاحظات المدرسة المنزل أو اللقاءات المنتظمة أو أية أشكال ثابتة أخرى من التواصل بين الوالدين والمدرسين، فذلك يساعد على الكشف المبكر عن المشكلات.

وينبغي أن يسهل ذلك تبني اتجاه تعاوني في إدارتها، وأما الأهل الذين لا يبادرون بالتواصل مع المدرسين للحصول على معلومات من المدرسة، فقد لا يتمكنون من إدراك الصعوبات الأكاديمية أو السلوكية إلا بعد تلقيهم إشعاراً عن تدني مستوى الطفل أو بعد حدوث مشكلة كبيرة في المدرسة، فإذا وصلت الأمور إلى هذه المرحلة، فقد يتعسر التدخل العلاجي؛ بسبب مواطن العجز المتراكمة في المهارات أو شعور الطفل والمدرس بالإحباط.

وعندما يستشير الوالدان العيادي فيما يتصل بسلوك مقلق أو ضعف أداء في أحد الاختبارات، ينبغي أن يقرر العيادي فيما إذا كان ذلك الحدث يعكس نمطاً يشير إلى تزايد المشكلات أو أنه استجابة منفردة لسلسلة
البيئية غير المواتية، فعلى سبيل المثال قد تشير مشكلات السلوك في المدرسة من الأحداث إلى تزايد في أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

وفي المقابل فقد تكون مرتبطة بضعف التوافق بين الطالب والمدرس أو بشكل من أشكال المضايقة، وإلقاء المسؤولية عليه من قبل طلبة آخرين وعلى نحو مماثل، قد يخفق طفل في اختبار بسبب مشكلة مستمرة من أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، أو بسبب وجود مشكلة تعليمية مصاحبة خلقت لديه عجزاً في المهارات المطلوبة لمجاراة زملائه، وقد يخفق طفل في اختبار ما بسبب عدم استعداده له جراء ذهابه في رحلة أو انشغاله في اللعب أو وجود شيء آخر شتت ذهنه.

وحتى يتمكن العياديون من التمييز بين هذه الاحتمالات، فعادة ما تقتضي الضرورة أن يقوموا بأنفسهم بالحصول على بعض المعلومات من المدرسة مباشرة، وبالنسبة لعملية مراقبة أعراض عجز الانتباه وفرط الحركة في المدرسة، فإن أفضل طريقة للقيام بها  جعل المدرسين ينجزون مقیاس تقدير مختصر للسلوك بحيث يركز على أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، مثل مقياس تقدير اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة  وغيرها من المقاييس، فعندما يتم إنجاز مقاييس التقدير هذه على نحو منتظم، فستتيح مقارنة كيفية أداء الطفل في الوقت الراهن مع كيفية أدائه في السابق.

إضافة إلى ذلك  في حالة وجود أكثر من مدرس للطفل فيستطيع كل واحد منهم إنجاز مقياس للتقدير، ويتيح ذلك للعيادي التمييز بين الطفل الذي يعاني من مشكلات في أحد الصفوف، والطفل الذي يعاني من مشكلات في مواقع متعددة، أما بالنسبة للأطفال الأكبر سناً فقد لا يتم تقييم هذه الميادين على وجه التحديد إضافة إلى ذلك، تتيح بطاقات الإشعار إجراء تقييم للأداء الأكاديمي للطفل.

ومع ذلك قد لا تكون بطاقات الإشعار ذات فائدة في الكشف المبكر عن المشكلات الأكاديمية؛ فهي تنجز مرتين أو ثلاث مرات في السنة فقط، ومن هنا، ينبغي أن يحث العياديين الوالدين على الحصول عن معلومات من مدرسين عن مستوى أداء طفلهم قبل القيام بالزيارات، أو أنهم قد يرغبون في الطلب إلى المدرسين أن يملؤوا الاستبانة المختصرة للكشف عن الأداء الأكاديمي قبل جعلهم ينجزون مقياس التقدير.

وفي حالة كون أداء الطفل حسناً وفقاً لبطاقات الإشعار أو استبانة الكشف المختصرة، ولم يكن للوالدين هموم متعلقة بالأداء في المدرسة؛ فلا تكون هناك حاجة لإجراء مزيد من التقييم للأداء الأكاديمي، إذا ما وصل العيادي إلى قرار بوجود نمط من تزايد المشكلات في المدرسة، فيتوجب عليه تقرير فيما إذا كانت المشكلة مرتبطة بأعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، أو بمشكلات تعليمية أو بمشكلات سلوكية أو انفعالية أو طبية أو نفس اجتماعية أخرى.

وإذا كان كل من الوالدين والمدرسين يبلغون عن تزايد في مشكلات الانتباه ومستوى النشاط في البيئات التربوية والاجتماعية، فمن المرجح إذن أن تسهم أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في إضعاف مستوى الأداء، وعلى نحو مماثل إذا أفاد الأهل أو المدرسون بأن الطفل يستطيع إنجاز العمل أو الوظيفة البيتية بمفرده في حالة قيامهم بمراقبة الطفل بعناية لجعله يلتزم بأداء المهمة، غير أنه لا ينجز العمل في عدم مراقبته، فيغلب أن تكون هناك حاجة لإدارة أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة على نحو أفضل.

وفي المقابل إذا أفاد الأهل أو المدرسون بأن الطفل يتطلب مساعدة متكررة في مجال التعليمات أو المهارات، ففي الغالب أنه يعاني من وجود مشكلة تعليمية، وفي حالة انسجام بين إفادات الأهل والمدرسين فيما يتعلق بتفاقم أعراض اضطراب حالة وجود عجز الانتباه وفرط الحركة، فقد يقوم العيادي بتعديل التدخلات الطبية أو السلوكية، وذلك حتى يصبح أكثر قدرة على إدارة أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

وفي الختام يجب أن يتذكر العياديين بأن الاستجابة للتعديل في الخطة، هي جزء من التقييم المستمر، وأن الحاجة ستقتضي مجدداً التفكير في تفسيرات بديلة للتغيير في الأعراض في حالة عدم تحسن الأداء، وفي حالة عدم الانسجام بين إفادات الوالدين والمدرسين فيما يتعلق باعتبار تفاقم أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، هو المسبب للمشكلات فينبغي أن يقوم اختصاصي نفسي بإجراء تقييم للمهارات الأكاديمية.

المصدر: 1- سليمان ابراهيم. صعوبات الفهم القرائي لذوي المشكلات التعليمية. طبعة الأولى.2013. 2- خولا يحيى وماجدة عبيد. أنشطة للأطفال العاديين لذوي الاحتياجات الخاصة. دار المسيرة: عمان. الطبعة الأولى 2007.3- فاروق الروسان. مقدمة الاضطرابات اللغوية.دار الزهراء. الرياض. الطبعة الأولى. 4- مراد عيسى ووليد خليفة وأحمد أحمد وطارق عبد النبي.الكمبيوتر وصعوبات التعلم. دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر. الإسكندرية. الطبعة الأولى 2006.


شارك المقالة: