المراهق والنظام المدرسي

اقرأ في هذا المقال


المراهق في النظام التعليمي

إنّ التّغيرات التي تظهر على المستويان العُضوي والسيكُولوجي خلال مرحلة المراهقة لدى التلميذ المراهق هيَ التي تستَدعي البَحث عن أساليبٍ وطرق تُناسب بشكل جيد وفعال خصوصيّات المرحلة، إنّ المُؤسَّسات التّعليمية هي التي تُصادف هذه المرحلة في حياة التلميذ المراهق.

نقصد بالمؤسَّسات المدارس الإعدادية والثانوية التي تُعتبر المكان الملائم لتَوجيه وتّأهيل التّلاميذ المراهقين لصَقل وتطوير مواهِبهم للاندماج والتّكيُّف مع المجتمع؛ لأنّ هذه المؤسَّسات تتميّز بنظامٍ تربَوي يدفع التّلميذ المُراهق إلى بناءِ الذّات وتنمية القدرات الموجودة لديه، من خلال نَوع العلاقات التي يبنيها سواء مع المعلِّم أو مع زملائه، لتحقيق ذلك يتطلّب من التّلميذ المُراهق بذل الجهد الكبير نظراً لطبيعَة هذه المُؤسَّسات التّعليمية التي تتميّز بوجود أنظمَة تعليميّة مختلفة يَطغى عليها تعدُّد المواد الدّراسية الَّتي تميل إلى أنواع مختلفة من التّخصُّصات مع تعدُّد المُدرّسين، إضافةً إلى ذلك وجود عدد كبير من التّلاميذ التي تحتويه هذه المؤسَّسات مقارنةً بالمَدارس الابتدائيّة، هذا ما يجعل التّلميذ المراهق في بعضِ الأحيان غير قادِر على استيعابِ هذه الأجواء الجديدة والتكيُّف معها ممّا يُؤدِّي إلى حدوث اضطرابات مختلفة في سلوكياتِه وفقدانِ التّوازن.

علاقة المعلم بالتلميذ المراهق

وضّحت مُختلف الدّراسات التّربوية التّي تناولت علاقة المعلم بالتّلميذ المُراهق أنّ شخصيّة المعلم لها تأثيرٌ كبير على نوع العلاقَة التّي تنشَأ بينَ الطّرفين، بمعنى مختلف إنّ نوع التّعامل الذي يسلُكُه المعلم في علاقتِه بالتلاميذ المراهقين هو الذّي يُحدّد ما إذا كانَ التّلميذ يكِن كُل الحُب والاحترام للمعلم وعكس ذلك يؤدِّي إلى كره وعدم احترام التلميذ للمعلم، هذا ما أظهرتُه النّتائج المُختلفة من الدّراسات ومثال على ذلك هناك دِراسة قام بها الباحِث جارسو مُؤلف كتاب “المُراهق” والذّي أظهرَ فيه جارسو أنّ التّلاميذ المُراهقين حدّدوا مجموعة من الصّفات الَّتي يرغَبون في توفّرها في شخصية الأستاذ منها:
– التّفاهم: يجب على المعلم أن يكونَ مُتفاهماً أكثر مع التّلاميذ المُراهقين.
– التسامح: أن يكونَ مُتسامحاً بدل أن يكون مُتسلطاً.
– الموضوعية: أن يكونَ عادلاً في تعامُله مع جميع التّلاميذ.
– الإنسانية: أن يتفهّم مشاكل المراهق والعمل على مُساعدته بدل احتقارِه أو التّخلي عنه.
– الثقافة: أن يتمكَّن الأستاذ من الجانِب المَعرفي المُتعلق بالمّادة أو المواد التّي يُدرِِّسها.
– الحزم: التعامل بنوع من الجدية والحزم لا أن يكون شديداّ.

عوامل رفض المراهق للمدرسة

  • حُب المُراهق للمُغامرة والاستكشاف ورغبته في جَذب انتباهِ الآخرين.
  • عدم اهتمامه في الدّراسة والتّحصيل العلمي.
  • شعور التلميذ المراهق بالقلق وخوفهُ الشّديد من الاختباراتِ المدرسيّة.
  • وجود مشاكل كثيرة في المنزل.
  • شعور التلميذ بالضّغط الكبير بسبب وجود الكثيرمن الواجبات المدرسيّة.
  • مرافقتُه لأصدقاءِ السّوء بدلاً من الدّراسة ويفضِّل قضاء كلّ وقتهِ معهم.
  • عدم قُدرة المُراهق على التّفاعل نفسياّ واجتماعياّ مع الجميع في المدرسة.
  • تعرُّض المُراهق إلى العنف بأشكاله المختلفه سواء من المُدرِّس أو أحد التّلاميذ المُتسلِّطين.
  • غياب الحِوار بينهُ وبينَ والديه و إحساسُه بالوحدةِ و الخوف.

علاقة المراهق بالمدرسة

تُقسم العلاقِة بينَ المُراهق والمََدرسة إلى قِسمين، الأوّل إيجابي والآخر سلبي، إنّ هذا الأمِر يَعتمِد بشكل رئيسي على الشّخصية التي يكوِّنها المُراهق والتّي يتمتّع بها في هذه المَرحلة من العُمر وفي هذا المُحيط.

القسم الإيجابي من علاقة المراهق بالمدرسة

غالباً ما يتمتّع المُراهق في المَدرسة بالأصدِقاء الذينَ يتشاركون معه الاهتمامات والنّشاطات نفسها، هكذا يجد المراهق نفسه مُنسجماً في محيطٍ يُشبهُه إلى حدٍ كبير مهما كانت هذِه التّشابهات و يرى المراهق أنّه يُجيد التّواصل مع الآخرين وقدرة التّعامل معهم، خُصوصاً إذا اشتركَ بمختلف الأنديِة العلميّة أو الثقافيّة أو الرياضيّة و غيرِها من النّوادي التي تقوم المدرسة بإنشائها لضمِّ المُراهقين مع بعضِهم البَعض وخلق جو من التّحاور والتّعارف. 

القسم السلبي من علاقة المراهق بالمدرسة

هذا القسم يُبين مدى تجاوُب المراهق مع المحيط المدرسي خُصوصاً إذا كان ذو شخصيّة هادِئة و خجولة، هذا الأمر يعطيهِ شعوراً بالضّعف تجاه زملائه المُراهقين الآخرين و بالتالي لا يستطيع التّحاور معهُم و يأخُذ زاوية بعيداً عنهم، إنّ المدرسة في هذه العمر تُعتبر خطِرة جداً على نظرَة المُراهق لذاته حيث من المُحتمل أن يتعرَّض للكثير من المشاكل والإزعاج لسبب أو لآخَر ويكون شعوره أنَّه شخص غريب وحزين، للتّحاور أهمية كبيرة مع المُراهق في هذا العمر وذلك للاطّلاع عن قُرب على أبرِز الأمُور المُرتبطة بحالتِه النّفسية وتقديم المساعدة.

كيف أحبب المراهق بالمدرسة

إنّ عدم تركيز المراهقين في مرحلة المراهقة وتمرُّدهم وعنادُهم وحُبهم للعب والخُروج والحَركة وحُب الاستقلالية كُلها تصرُّفات طبيعية، تحتاج منا إلى بعض الصّبر والتّعامل بحكمَة لكسب ثقتهم وقُربهم وتشجيعُهم ودفعُهم لأداء دراسيّ ممتاز، لا تتهم المراهق بأنَّه يتحدّاك ويتعمّد مضايقتكِ فعندما يدخل الأطفال بهذه المرحلة فإنّهم يتلهفون للإحساس بالذّات والاستقلاليّة، تمرُّ عُقولهم وأجسامهم بتغيّرات مختلفة، لا يُفترض أن يكونَ أول شيء يخطر ببالك أنَّ طِفلك يتعمّد عدم الاستماع إليك وأنّه يتمرّد عليك، هذا الأمر من الممكن ألا يكون صحيحاً على الإطلاق، فقد يكون طِفلك مُرهقاً أو مُتعباً من طُول اليوم الدّراسي بالإضافةِ إلى المَجهود الذي يبذُله في الحركةِ واللعب، ربما يتعرّض للتنمُّر في المَدرسة، تأكد أنّ طفلك يحصُل على الرّاحة الكافية وتعرّف على المُشكلات التي تواجهه في المدرسة، فالكثير من الآباء والأمهات يهتمّون بالواجباتِ المدرسيّة أكثر من اهتمامِهم بمشاعِر أطفالهم.
– انظُر إلى عينيه وأظهِر اهتمامك الكامل بما يقول ولا تنشغل بأيِّ أمور أخرى.
– لا تُقاطع حديثَه وشجّعه على مواصلة الكلام وتعاطف معه ولا تحكُم عليه.
– حاول أن تفهمه أن تضع نفسك مكانه.
– لا تستخدم أسلوب التّهديد والحِرمان من الخُروج أو المَصروف فالتهّديدات لن تُجدي نفعاً.
– استخدم أسلوب التّحفيز والتّشجيع وأكِّد لطفلك أنّك تثقُ به.
– تعامل معهُ كشخصٍ مسؤول يعرف ما لهُ وما عليه.
– لا تستخدم أُسلوب التّوجيه الصَّارم و النصائح فالتّوجيهات شديدة الصرامة لن تُجدي نفعاً.
– إنّ المُراهقين شخصيّات عنيدة جداً سيستمعون إلى كلامك من أُذن ويخرجونَه من الأُخرى.
– لا تجعَل كلّ حديثك معه عن الدّراسة ولا تُحاصر طفلك بكل ما يرتبط بالمدرسَة كما لو أنَّها محور الحياة.
– يجِب عليك الاهتمام بهواياتِه وأنشطتُه المفضّلة والموسيقى التي يُحبها والألعاب التي يفوز فيها.
– ساعد المراهق على تنظيم يومه، يشعر المراهق خلال الدّراسة بأنّ لديه العديد من المهام والواجبات والامتحانات والدّروس.
– ساعد المُراهق على تَطوير مهارات القِراءة لدَيه عن طريق الرّوايات أو الصّحف أو المّجلات فهذا سيُساعده في إثراءِ مفرداته.
– لا بد أن يشعر المراهق ببعض الحريّة في اختيارِ الأنشطة المُفضلة لديه وموضُوعات الكتابة والأسلوب والطريقة التي يستخدمها في المذاكرة.
– شجّعه في التّعبير عن رأيه بحُريّة بكل ما يجري في يومه الدّراسي والتحدث عما يعجبه وما لا يعجبه، من الضّروري أن يشعُر بأنَّ له وجود و رأيه مهم.
– اكتشف وتعلَّم أُسلوب التعلُّم المناسب لطفلك، فهناك أساليب بصريّة وسمعيّة وجسديّة ولفظيّة واجتماعيّة، لا بدَّ أن تتعرف على الطّريقة المناسِبة لطفلك والبِدء باستخدامها.
– كُن القدوة لطفلك في التّحمُّس لاكتشاف كل ما هو جديد من معلومات، هذا الحماس سينتقل إليه بالتّأكيد.
– ركِّز على ما يتعلَّمه طفلك وليس على الأداء، أحيانًا الاختبارات اليوميّة والتي تُجرى بشكل أُسبوعي لا تكون مُعبّرة عن إمكانيّات طفلك ومُستواه، تأكّد فقط من وصول المعلُومات إليه بشكل سليم.
– نظِّم وقت المراهق، فالفوضَى تُربكه وقد تعطّله كثيراً، ساعده على إدارة الوقت وتحديد أولويّاته في المُذاكرة.
– اعترف بإنجازاته وشجِّعه إذا قدّم أداءً مدرسيّاً جيّداً، واحتفِل بهِ وكافِئه فهذا الأَمر الذي سيُحفّزه لتحقيق المزيد من النّجاح.
– ركّز على نقاطِ قوّته ولا تضغَط عليه من خلال نقاطِ الضعف التي لديه، ما يقلِّل من ثقته بنفسه ويؤدِّي به للمزيد من الفشل.
– شجّعه بشكلٍ عام على استِكشاف العالمِ من حولِه، وطَرح الأسئِلة وتطوير التّفكير النّقدي لديه فكلُّ هذا سيوسِّع مدارِكَه ويساعِده على التّفوق الدراسي.


شارك المقالة: