النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


بصفتنا معالجين ومستشارين وأخصائيين اجتماعيين وأعضاء آخرين في المهن المساعدة، وبصفتنا آباء ومعلمين ومدربين وموجهين كيف يمكننا مساعدة عملائنا أو أطفالنا على أفضل وجه لمساعدة أنفسهم، وليصبحوا أشخاصًا يتمتعون بصحة جيدة وسعداء ولديهم شعور إيجابي بقيمة الذات؟ هذه هي الأسئلة التي قادت عددًا لا يحصى من الدراسات والتحقيقات في تنمية الشخصية، وفعالية التقنيات العلاجية، وصياغة استراتيجيات الأبوة والأمومة المؤثرة.

النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس

على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب اكتشافه فقد تمكن علماء النفس من تحديد أسلوب حيوي واحد على الأقل لمساعدة عملائنا وأطفالنا ليكونوا أفضل نسخ لأنفسهم وهو التقدير الإيجابي غير المشروط أو النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس، هذا الموقف هو موقف قوي يمكن أن يكون له تأثير كبير على شعور عملائنا وأطفالنا تجاه أنفسهم والآخرين وإعدادهم لتحقيق النجاح.

تعتبر النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس هي موقف القبول الكامل والحب سواء لنفس الفرد أو لشخص آخر فعندما يكون لدينا احترام إيجابي غير مشروط لشخص ما، فلا شيء يمكنه فعله يمكن أن يمنحنا سببًا للتوقف عن رؤيته على أنه إنسان محبوب بطبيعته، هذا لا يعني أننا نقبل كل فعل يتخذه الشخص لكننا نتقبل من هم على مستوى أعمق بكثير من السلوك الإنساني السطحي.

في العلاج النفسي الفكرة متشابهة إلى حد كبير على الرغم من أن الغرض منها أكثر تحديدًا بناء علاقة ثقة إيجابية بين المعالج والعميل، إنها سمة مميزة للعلاج الذي يركز على العميل وميزة مهمة في العديد من أشكال العلاج الأخرى، حيث يتم قبول العميل ودعمه من قبل المعالج بغض النظر عما يقوله أو يفعله.

تتمثل النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس من خلال روجرز بأنها نوع الرعاية الذي يرغب المعالج الذي يركز على العميل في تحقيقه هو رعاية ساذجة، حيث يتم قبول العملاء كما يقولون وليس مع وجود شك كامن في ذهن المعالج بأنهم قد يكونون في الواقع غير ذلك، هذا الموقف ليس غباء من جانب المعالج، إنه نوع السلوك الإنساني الذي من المرجح أن يؤدي إلى الثقة.

النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس لا يتعلق بإعجاب العميل أو قبول كل ما فعلوه، بل يتعلق الأمر باحترام العميل كإنسان بإرادته الحرة والعمل على افتراض أنه يبذل قصارى جهده، ومنها يمكن أن يؤدي اتخاذ هذا الموقف تجاه العميل إلى تشجيعهم على مشاركة أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم بشكل أكثر انفتاحًا مع المعالج.

العميل الذي يخشى أن يتعرض المعالج للصدمة أو الإهانة أو إصدار الأحكام من المحتمل ألا يكون صريحًا جدًا بأي معلومات يشعر أنها قد يُنظر إليها على أنها سلبية أو غير مقبولة، بالطبع يمكن أن يكون لهذا حجب المعلومات المهمة تأثير سلبي للغاية على العلاقة العلاجية، وبالتالي على أي شفاء أو تعافي يتطلع العميل إلى الحصول عليه من العلاج، ولقد تم اقتراح أن التقدير الإيجابي غير المشروط من المعالج قد يكون بديلاً عن التقدير الإيجابي غير المشروط الذي لم يتلقه العميل من والديهم أو غيرهم من البالغين المهمين في طفولتهم.

يعتقد كارل روجرز أن أولئك الذين لا يتلقون مثل هذا الاحترام من والديهم في سن مبكرة هم أكثر عرضة لانخفاض قيمة الذات وأقل احتمالا للوصول إلى إمكاناتهم الكاملة فيما يتعلق بالتنمية الشخصية، فقد يمنح التقدير الإيجابي غير المشروط للمعالج العميل القبول والحب الذي لم يتلقاه كطفل، مما يسمح له بالشعور بالأمان والانفتاح والعمل على حل مشكلاته مع نوع من الوالد أي الوكيل.

نظرية كارل روجرز في النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس

أن يكون الفرد مع شخص آخر بهذه الطريقة العاطفية من خلال النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس يعني أنه في الوقت الحالي يتجاهل آرائه وقيمه من أجل الدخول إلى عالم الآخر دون تحيز.

بمعنى ما يعني أنه يتنحى عن نفسه لا يمكن القيام بذلك إلا من قبل الأشخاص الذين يتمتعون بالأمان الكافي في أنفسهم، لدرجة أنهم يعرفون أنهم لن يضيعوا في ما قد يتحول إلى عالم غريب أو غريب للآخر، وأنهم يستطيعون العودة بشكل مريح إلى عالمهم الخاص عندما يرغبون، ربما يوضح هذا الوصف أن التعاطف هو طريقة معقدة ومتطلبة وقوية لكنها دقيقة ولطيفة.

وصف كارل روجرز النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس بأنها الاهتمام بالعميل، ولكن ليس بطريقة تملُّك أو بطريقة تفي باحتياجات المعالج الخاص، وهذا يعني الاهتمام بالعميل كشخص منفصل مع الإذن بمشاعره الخاصة وتجاربه الخاصة، حيث أننا نعلم ما هو النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس، لكن قد نتساءل كيف يُفترض أن يساهم ذلك في تجربة علاجية فعالة، لدى كارل روجرز إجاب، وهي تستند إلى ما رآه على أنه احتياجات وغرائز بشرية فطرية.

اعتقد روجرز أن لدينا جميعًا دوافع ورغبات غريزية تجعل الاحترام الإيجابي غير المشروط أداة فعالة للعلاج فالدافع نحو السلوك الإنساني الاجتماعي البناء أو التفاعل الفعال والإيجابي مع الآخرين، والحاجة إلى تقرير المصير أو الحق والمسؤولية في اختيار طريق المرء.

حيث افترض روجرز أنه عندما يحترم المعالج حاجة العميل لتقرير المصير ويتبنى الموقف القائل بأن العميل يبذل قصارى جهده باستخدام الأدوات والموارد المتاحة لديه، فمن المرجح أن يسمح العميل برغبتهم تجاه السلوك الإيجابي البناء الاجتماعي يقود قراراتهم وأفعالهم.

أمثلة على النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس

أحد أفضل تمثيلات الاحترام الإيجابي غير المشروط في جلسات العلاج هو السيناريو الذي يشارك فيه العميل الأفكار أو المشاعر أو السلوكيات الإنسانية مع المعالج والتي تعتبر خاطئة من الناحية الأخلاقية أو ببساطة غير مقبولة، في هذه الحالة يمكن للمعالج أن يُظهر قبولًا غير مشروط من خلال سؤال العميل عن مشاعره وما يعتقد أنه يقود الفكر أو السلوك الإنساني بدلاً من التركيز على كيفية قيام أفعال العميل بإيذاء شخص آخر أو على عدم قانونية أو لا أخلاقية الإجراء.

على سبيل المثال لدى المعالجين الفرصة لإظهار احترام إيجابي غير مشروط عندما يشارك العميل عادة أو سلوكًا مع المعالج الذي يضر نفسه أو يضر نفسه، مثل التدخين أو الجرح أو الأكل بنهم، بدلًا من توبيخ العميل بسبب هذا السلوك السلبي أو تجاهل احتمالية إلحاق الضرر به، قد يساعد المعالج العميل على إدراك أن هذا السلوك ضار بينما يؤكد للعميل في الوقت نفسه أنها تستحق الحب والرعاية الذاتية وأنها تستحق التمتع بصحة جيدة وحياة سعيدة.

أخيرًا يمكن رؤية النظرة الإيجابية غير المشروطة في علم النفس في نموذج قبول المعالج للعميل، حيث سيُظهر المعالج الذي يقبل القبول غير المشروط للعميل أنه لا يزال مقبولًا ومُقدَّرًا، حتى عندما يرتكب أخطاء، حيث تعمل النظرة الإيجابية غير المشروطة للمعالج كنموذج لقبول العميل لنفسه، ويعطيه رسالة مفادها أنه إذا كان بإمكان المعالج قبوله بغض النظر عما يفعله فيمكنه أيضًا قبول نفسه تمامًا كما هو.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: