تاريخ نشأة وتطور الإرشاد المهني

اقرأ في هذا المقال


أكثر الناس يعرفون الإرشاد المهني ويعرفون مجالاته ويعرفون لماذا يستخدم، ومن هم الأفراد والمجالات المهنية والعمليات المهنية التي يقدَّم لها، ولكنَّ أغلب هؤلاء الناس لا يعرفون كيف جاء الإرشاد المهني وكيف نشأ الإرشاد المهني وكيف تطوّر؟ وما هي المراحل التي مرَّ بها الإرشاد المهني وما هو تاريخ تطور وتقدُّم الإرشاد المهني.

مراحل نشأة وتطوّر الإرشاد المهني:

الإرشاد المهني موجود منذ القِدم، بحيث نشأ الإرشاد المهني في الماضي ضمن مرحلتين مستمرتين ومرتبطتين معاً، ويمكننا التعرُّف على هاتين المرحلتين من خلال ما يلي:

المرحلة الأولى: تتمثل هذه المرحلة بالمدة الزمنية بين 1850 إلى 1940، بحيث تميزه هذه المرحلة بوجود أسس ومعايير وعوامل ودراسات كانت من أسباب نشأة الإرشاد المهني وكانت هذه العوامل والمعايير والدراسات كالآتي:

  • وجود الثورة الصناعية: في هذا الوقت وفي هذه الظروف بدأ الناس بالقيام بأعمال شاقة ولساعات طويلة، وأصبحت ظروف العمل صعبة، وكان للتغيّرات الاجتماعية النصيب الأكبر في هذه المرحلة حيث انتقل العديد من الناس إلى المدن وأصبح الجميع يبحث عن عمل فقط للعيش، ممَّا أدى إلى الاهتمام بالمجال المهني وظروفه واحتياجات الناس من العمل.
  • وجود الفروق الفردية: اهتم الكثير من العلماء بدراسة ظاهرة الفروق الفردية بعد ظهور الثورة الصناعية، بحيث كان الاهتمام بالفرد وميوله وقدراته التي تميّز بها عن غيره والمهنة المناسبة له أكثر من غيرها.
  • وضع البرامج الأولى في الإرشاد المهني: بدأت في هذه المرحلة الكثير من المدارس بالقيام بأنشطة مهنية، مثل توفر هذه الأنشطة المعلومات اللازمة عن مجالات العمل المهني المختلفة.
  • دور بارسونز في نشأة الإرشاد المهني: قام بارسونز بوضع تخطيط للإرشاد المهني يقوم على طلب العدل والمساواة بين الأفراد بالحصول على العمل، وساعد بارسونز بوضع خطوات معينة تبيّن للفرد الطريقة الصحيحة في الاختيار المهني المتناسق مع الفرد وميوله وقدراته.
  • بداية ظهور علم النفس الصناعي: قام هذا العلم بالكشف عن الصفات والمميزات التي تؤهل كل فرد للعمل والاتجاه المهني الذي يناسبه.

المرحلة الثانية: تتمثل هذه المرحلة بالمدة الزمنية بين 1940 إلى يومنا هذا، بحيث قام في هذه المرحلة العالم فوندت على أنشطة مهنية واختبارات مهنية، وقام “الفرد بينيه” بوضع اختبار للذكاء، وبعدها قام العديد من العلماء بوضع اختبارات في الإرشاد المهني تتميز بالملائمة بين الفرد والعمل الذي يقوم به.

بعد ذلك ظهرت اختبارات الميول المهنية التي يستطيع المرشد المهني من خلالها بالكشف عن الميول المهنية للفرد مثل اختبار سترونج وهولاند وغيرهم، وظهرت اختبارات الشخصية والاختبارات التحصيلية، والتي قامت بالكشف عن الفروق الفردية.

وظهر في هذه المرحلة الإرشاد المهني المباشر والإرشاد المهني غير المباشر، بحيث كانت هذه المرحلة تحت ظروف الحرب العالمية الثانية، بحيث ظهرت الحاجة إلى الإرشاد المهني في الاختيار المناسب للجنود، واهتم الإرشاد المهني في وقتها بمساعدة الأفراد بالطريقة المناسبة للرجوع إلى الحياة العادية.

وبعدها أصبح الإرشاد المهني تخصص يدرسه الطلاب في الجامعات، بحيث استخدم الإرشاد المهني في تحديد التخصص المناسب للفرد والعمل الذي يؤدي إليه التخصص، ومنها اهتم الإرشاد المهني بالكشف عن الموهوبين من أجل استغلال قدراتهم في العمل الناجح المميز.

في هذه المرحلة ظهرت نظريات الإرشاد المهني وأصبح من المهم لكل مرشد مهني التعرُّف على هذه النظريات؛ ليقوم بالعمل والإرشاد المهني بالشكل المناسب مثل نظرية الذكاءات المتعددة ونظرية الاختيار المهني وغيرها، وكانت هذه النظريات من الأعمال المهمة في تقدم الإرشاد المهني.

توسع الإرشاد المهني وأصبح من الضروري أن يفهم الفرد ضرورة وجوده في الحياة وأنَّه عنصر مهم في المجال المهني ومن المهم أن يستغل الفرد ما لديه من قدرات لكي يحقق مفهومه لذاته، وبعدها ظهر مفهوم التربية المهنية الذي يقوم على الكشف عن المهارات المهنية وكيفية الاستعداد للعمل.

بدأ بعدها مرحلة حصول المرشد المهني على الشهادة في الإرشاد المهني، وذلك من عام 1972 إلى 1984، بحيث يتعرض المرشد المهني إلى التدريب المناسب للحصول على هذه الشهادة؛ ليكون عمله الإرشادي ناجح ويكون أكثر قدرة وكفاءة على استخدام الاختبارات في الإرشاد المهني وخاصة اختبارات الميول والقدرات والاستعدادات.

ومنها نستنتج أنَّ الإرشاد المهني كان مهم في الماضي وما زال مهم في أيامنا الحالية، وخاصةً عندما نقول أنَّنا في زمن التطورات التكنولوجية، والتي أصبحت هذه التطورات تسبب التردد والحيرة بالمجالات المهنية وأصبح الفرد يتردد باختياره المهني الصحيح، فالإرشاد المهني مهم في جميع الأوقات وجميع المراحل وجميع العمليات المهنية.

المصدر: التوجيه المهني ونظرياته، جودت عزت عبد الهادي وسعيد حسني العزة، 2014.التوجيه والإرشاد المهني، محمد عبد الحميد الشيخ حمود، 2015.مقدمة في الإرشاد المهني، عبد الله أبو زعيزع، 2010.


شارك المقالة: