تغيير الموقف التوقعي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعريف تغيير الموقف التوقعي في علم النفس:

يشير تغيير الموقف التوقعي في علم النفس إلى تشكيل أو تغيير الرأي أو الموقف المعبر عنه حول موضوع ما كنتيجة لإعلام الشخص بأنه سيتعرض لرسالة أو اتصال حول الموضوع، وبالتالي قبل تلقي أي جانب من جوانب الرسالة نفسها، قد يقوم الأشخاص بتعديل آرائهم وأفكارهم حول موضوع ما لتكون أكثر إيجابية أو سلبية أو محايدة لمجرد توقع تلقي رسالة معينة، بعبارة أخرى عندما نعلم أن شخصًا ما سيحاول تغيير رأينا، يمكننا تغييره مسبقًا، حتى قبل سماع ما سيقوله هذا الشخص.

تمت دراسة تغيير الموقف التوقعي في المقام الأول في مجال البحث التحذيري، والذي يتضمن إبلاغ الأشخاص بأنهم سيتعرضون لرسالة مقنعة في وقت معين، حيث ضمن هذا المجال في البحث النفسي، ومنها ركز الباحثين والمهتمين في علم النفس على كيفية تغير تقارير الناس عن آرائهم نتيجة لتحذيرهم بأنهم سوف يتلقون رسالة ما، قبل تلقي الرسالة فعليًا.

دوافع تغيير الموقف التوقعي في علم النفس:

لقد قيل أن التغيير التوقعي ينبع من عدة دوافع مختلفة، أي أنها تكمن خلف العديد من الأسباب، حيث تتمثل دوافع تغيير الموقف التوقعي في علم النفس من خلال ما يلي:

1- التغيير الموضوعي:

إذا كان موضوع الرسالة يتحدى المعتقدات التي يتبناها الأفراد، فقد يستجيب الأفراد بأن يصبحوا أكثر سلبية بشأن الموضوع قبل عرض الرسالة، قد ينتج هذا الرد السلبي عن شعور سلبي بسيط مرتبط بتعرض رأي الفرد للهجوم، أو قد ينتج عن محاولة أكثر تفكيرًا للنظر في الأسباب المؤيدة لموقف المرء ضد المنظور المعاكس.

2- التغيير الاستباقي في تجنب الشعور بالسذاجة:

يعكس الدافع الثاني الذي قد يكمن وراء التغيير الاستباقي في الموقف الرغبة في تجنب الشعور بالسذاجة من خلال تقديم وجهات نظر تتفق مع الآخرين وبالتالي فإن الأفراد الذين يتم إخبارهم بموقف الرسالة قد يغيرون مواقفهم الخاصة، بطريقة تتفق مع الرسالة، وقبل عرض الرسالة لتجنب الظهور كما لو تم إقناعهم، إذا كانت الرسالة لصالح منصب ما، فستصبح مواقف الأفراد أكثر إيجابية تجاه هذا المنصب وإذا كانت الرسالة ضد موقف ما، فإن مواقف الأفراد ستصبح أكثر سلبية تجاه الموقف.

3- التغيير التفاعلي أو التشاركي:

يأتي السبب الأخير لتغيير الموقف الاستباقي من المخاوف المتعلقة بالتفاعل مع شخص ما أو التعبير عن موقفه دون معرفة ما إذا كانت الرسالة أو الشخص في صالح أو ضد موضوع معين، حيث أنه عندما تكون وجهة نظر شخص آخر غير معروفة وغير واضحة، فإن أفضل طريقة للسماح بإمكانية الاتفاق بأمان هي ببساطة تغيير موقف المرء ليكون أكثر اعتدالًا.

هذا يسمح للشخص بسهولة إعداد واتخاذ موقف مشابه للشخص أو الرسالة بمجرد أن يتعلم ويكتسب الموقف المعتمد، على سبيل المثال، إذا أصبح الشخص أكثر اعتدالًا في آرائه وأفكاره، فسيكون هذا الشخص أكثر قدرة على الاتفاق مع شخص آخر بغض النظر عن موقف الشخص الآخر من الموضوع يكفي التفاعل بغض النظر عن التشابه الشخصي.

على الرغم من أن الأدلة لا تزال تتراكم حول متى وما إذا كان كل من الدوافع التي نوقشت سابقًا يعمل، يبدو من المحتمل أن كل منها قد يكون بمثابة دافع لتغيير الموقف في ظل الظروف المناسبة له ولكل موقف ظرف ووقت مناسب لحصول عملية التغيير المطلوبة من خلال علم النفس.

محددات تغيير الموقف التوقعي في علم النفس:

عندما تتم عملية تغيير الموقف التوقعي في علم النفس فهناك العديد من القواعد المتبعة كإجراءات مهمة للنجاح في هذه العملية، حيث تتمثل محددات تغيير الموقف التوقعي في علم النفس من خلال ما يلي:

1- تغيير الموقف التوقعي والموضوع:

أحد المحددات المهمة لتأثيرات التغيير الاستباقي في الموقف هو موضوع الرسالة، ومن ناحية أخرى، إذا أدرك الناس أنهم سيتلقون رسالة تهدد موضوعًا ذا قيمة أو موقفًا عزيزًا عليهم، فمن المرجح أن يستجيبوا من خلال أن يصبحوا أكثر رسوخًا في موقفهم أي تغيير مواقفهم ليكونوا أكثر معارضة لموقف الرسالة، من ناحية أخرى إذا أدرك الناس أنهم سيتلقون رسالة لا تتحدى المعتقدات المهمة لهم، فإنهم يميلون أكثر إلى الرد من خلال إظهار الإذعان وتغيير مواقفهم لصالح الموقف نفسه الذي تدافع عنه الرسالة.

2- تغيير الموقف التوقعي واحتمالية الاقتناع:

الوسيط المهم الثاني حول ما إذا كان الأشخاص يغيرون موقفهم تجاه الرسالة أي للموضوعات الأقل أهمية هو ما إذا كان الناس يشعرون أنه من المحتمل أن يقتنعوا بالرسالة، حيث يميل الأفراد أكثر بكثير لإظهار التحولات الاستباقية في المواقف إذا كانوا يعتقدون أن الرسالة ستقنعهم.

بالتالي وجد البحث النفسي أن الأفراد يظهرون اتفاقًا أكبر مع الوظيفة، قبل إرسال الرسالة، إذا كانوا يعتقدون أن الرسالة من المتوقع أن تكون مقنعة للغاية أو يتم تسليمها من قبل مصدر مقنع للغاية على سبيل المثال وجود شخص لديه خبرة أو معرفة، حيث تتوافق هذه النتائج مع فكرة أن الناس قد يغيرون أحيانًا مواقفهم لتجنب الظهور بمظهر مقنع وساذج.

3- مدة تغيير الموقف التوقعي:

قد تعتمد الآثار طويلة المدى للتغيير الاستباقي في الموقف على ما إذا كانت الرسالة الفعلية قد تم تلقيها أم لا، ففي الواقع، يشير البحث النفسي إلى أن التغيير الاستباقي في الموقف قد يكون قصير الأجل للغاية إذا لم يتم تقديم رسالة، أي عندما يتم إبلاغ الأشخاص بأنهم لن يتلقوا رسالة بعد الآن ثم يُطلب منهم تقديم موقفهم مرة أخرى.

غالبًا ما تعود مواقفهم إلى نفس المواقف التي كانت لديهم قبل التغيير المتوقع في الموقف، وبالتالي فإن الفرد الذي أصبح أكثر سلبية تجاه موضوع معين دون غيره، عند تعلم رسالة سيتم إعطاؤها حول هذا الموضوع، سيصبح أقل سلبية بمجرد أن يعلم أنه لن يتم إرسال الرسالة أبداً، ويعود إلى رأيه الأصلي.

مع ذلك الأمر إذا تم تقديم رسالة بالفعل، فإن المواقف الناتجة عن تغيير الموقف الاستباقي قد تؤثر على كيفية معالجة الرسالة أو فحصها، على سبيل المثال، قد يحضر الأفراد المعلومات في رسالة بطريقة تدعم المواقف التي نتجت عن تغيير الموقف الاستباقي.

الأفراد الذين يصبحون أكثر سلبية تحسبا للرسالة قد يركزون على السلبيات داخل الرسالة، ويعيدون تأكيد مواقفهم السلبية عند سماع الرسالة وبالمثل فإن الأفراد الذين يصبحون أكثر إيجابية تحسبا للرسالة قد يركزون على الإيجابيات داخل الرسالة، مما يعيد تأكيد مواقفهم الإيجابية، مما قد يؤدي هذا النمط من المعالجة إلى تغيير فعلي ودائم في المواقف، ونتيجة لذلك، قد يكون لتغيير الموقف الاستباقي أيضًا نتائج طويلة الأجل ودائمة.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: