حق الطفل في اللعب في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


يعتقد معظم الأهل أن اللعب مضيعة للوقت، وإنهم يحبذون في أن ينمو الابن من حب اللعب والانخراط في أشياء أكثر جدية مثل الدراسة أو البحث أو حتى في أعمال المنزل، يبدو الأمر أقرب الى السلوك الطفولي الذي يجب التأقلم معه، وكلما نما الأطفال مبكرًا كان ذلك أفضل، لكن الأهل نسوا أن اللعب جزء مهم من النمو للطفل، وهو جزء فعال للنمو البدني والعاطفي للطفل، واللعب هو المصدر المهم لتعلم المهارات الاجتماعية الرئيسية الضرورية للحياة.

حق الطفل في اللعب في الإسلام

يحب الأبناء اللعب كثيرًا، وإذا حرم الطفل من اللعب فهذا نوع من أنواع العقاب لحرمان الابن من اللعب، هذه الرغبة الشديدة في اللعب، في أي مكان كان وبأي شيء، تكون أكثر وضوحاً في السنوات الأولى من عمر الطفل، وإنها علامة على الصحة العاطفية للطفل والجسدية، الطفل الذي لا يحب اللعب يكون مصدر للقلق لسلوكه في الوضع الطبيعي.

فوائد اللعب على حياة الطفل

فوائد اللعب الجسدية للطفل

ينمو جسم الأبناء من خلال اللعب الجسدي، تنمو حواسهم، وتصقل ردود أفعالهم، ويتعرف الطفل طرق استخدام الأطراف المناسبة لتحقيق أهدافه  في مراحل عمره الأولى، يساعد اللعب الأبناء على التعرف على الكون والبيئة من حولهم، حيث يلمسوا الأشياء ويشعرون بها من خلال يديهم، وتصبح العظام أكثر قوة وتصبح الرؤية أكثر وضوح وتقوى الأطراف، يساعد الركض والتمارين الرياضية على تدفق الدم وينتج عن ذلك أطفال أكثر صحة وقوة وسعادة.

فوائد القوة العقلية للطفل من اللعب

يهيئ اللعب إجابات لأسئلة الطفل الفضولية، مخيلة الأبناء قوية جدًا، واللعب يساعدهم على إخراج هذه التخيلات، وهكذا يمكن للابن أن يتخيل أنه مدير المدرسة وأن أصدقائه هم الطلاب عنده، أو أنه وأصدقاؤه جزء من تكوين العائلة ويتولون دور الآباء والأمهات فيها، مثل هذه المسرحيات تجعل الأطفال مبدعين؛ لأنهم يضعون أنفسهم في دور الآخرين.

يتعلم الأبناء أيضًا أشكالًا محددة من السلوك من خلال اللعب، يتعلم الطفل عن العدل والإنصاف في حل المشاكل والمشاركة والاهتمام، يتعلم الأبناء أيضًا أن يصبحوا يقظين ويصبح الأبناء أكثر حيوية ومتحمسين ويتعلمون ابتكار الحلول عندما يصبحون في مأزق وطرق التغلب على منافسيهم في اللعب، كل هذه التكتيكات مفيدة جدًا في حياة الطفل بشكل كبير في وقت لاحق.

الفوائد العاطفية للطفل

في معظم الوقت ما يغضب الأبناء عندما لا يحققون ما يرغبون به،  عندما يخسرون لعبة قد يتأففون، أو يتذمرون، أو حتى يهاجمون الذين يلعبون معهم، وقد ينقلبون إلى أعداء بمرور الزمن، ومن خلال مساعدة وإرشاد الآخرين لهم، سيتعلمون أن يتحكموا بأنفسهم، هذا صحيح بشكل غير واسع إذا تم الإشراف على المسرحية أو على الأقل مراقبتهم من قبل شخص بالغ، بواسطة اللعب سيتعلم الأطفال قبول الهزيمة من الآخرين، وألا يشعرون بالغيرة من انتصار الأطفال الآخرين، فاللعب يزيل التركيز على الذات وهو أمر معروف جدًا عند الأطفال.

المنافع الاجتماعية للأطفال

يجب على الآباء تشجيع الأبناء على اللعب مع الآخرين، يشعر بعض الأبناء بالخجل ويترددون في المشاركة في اللعب مع الآخرين، يجب على الأهل محاولة تدبير تجمعات الأصدقاء الذين يعرفهم الأبناء وسيشعرون بالراحة معهم؛ لكي يتغلب على حيائهم، يمكن التغلب على الكثير من المشكلات الاجتماعية من خلال اللعب للأطفال بشكل تعاوني مع الآخرين.

ويلاحظ الأهل اليوم صعوبة في ترتيب لعب الأبناء مع من يعرفونهم من الأطفال الآخرين ويثقون بهم، تعمل أنماط الحياة المجهدة والمسافات وغيرها فعاليتها في إبعاد الأطفال عن بعضهم البعض، ولكن يجب على الأهل أن يحاولوا قدر الإمكان ضمان حصول الأبناء على خلق فرص للعب مع الأطفال الآخرين، فاللعب في البيت مع الأخوة أو الوالدين له فوائد كثيرًا أيضًا.

يستفيد الأبناء بشكل نسبي من اللعب بالنسبة للكثيرين من غيرهم من الأطفال؛ فهو طريق لاكتساب الثقة للطفل، والاعتراف بقدرات الطفل الفرد، التعلم الطفل اللعب مع الآخرين ويرفع  روح الأبناء ويجعلها مرحة وحيوية، يزيل اللعب الحزن والغضب، وهو دواء فعال للأبناء غير السعداء.

أنواع اللعب للأطفال في الإسلام

يمكن للأطفال الصغار أن يلعبوا بأي شيء تقريبًا، لا يحتاجون إلى ألعاب بأشياء فاخرة باهظة الثمن، يمكن أن تتنوع أشكال اللعب البسيطة غير المكلفة مادياً مثل اللعب بالأواني القديمة، وبقايا الملابس والورق وغيرها. يجب على الأهل أن يكونوا مبدعين مع أطفالهم وأن يبحثوا عن الأشياء التي تمكن للأطفال أن يلعبوا بها، بدلاً من شراء الأشياء من المتاجر، الأبناء الذي يستمرون في الحصول على ألعاب الجديدة سيصبحون قريبًا غير راضيين ولن يكتفوا بأي شيء، ويفقد الأطفال الكثير من الاهتمام بلعب هذه الأيام بسرعة، ويجب أن يكتشفوا لهم طرق لعب مبتكرة.

تختلف أنواع اللعب حسب السن وقدرة للطفل، يحب على الأبناء الأصغر سنًا اللعب بالماء ومواد التي توضع للإتلاف والورق والغراء وغيرها، فالأطفال يحبون البناء والتدمير مع تقدمهم في العمر، ويبدأون في اللعب في مجموعات، إنهم يفضلون الألعاب المنظمة وفرصة لإظهار قدراتهم ومهاراتهم من خلال اللعب، قد يطور الطفل اهتماماته برياضة أو هواية محددة، من المفروض على الآباء تشجيع هذه الهوايات إن أمكن، ومساعدة الأبناء على تنمية موهبتهم.

النبي محمد صلى الله عليه وسلم واللعب مع الأطفال

أحب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يلعب مع أحفاده، كان يضعهم على ظهره ويتظاهر بأنه جمل، قال حبيبنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه إنه فخور بالراكبين على ظهره، لقد علم رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن اللعب مع الأطفال ليس مضيعة للوقت، أنما تعبير عن الحب والمؤدة الاحترام.

يجب على الأهل محاولة اللعب مع أبنائهم في أغلب الأحيان، يعتقد بعض الأهل أنها تصرفات طفولية وعلى العكس إنها متعة كبيرة للأبناء عندما يلعب الأهل معهم، مع نمو الأطفال قد تكون الرياضة وألعاب الطاولة فرصة جيدة للعائلة للعب سويًا؛ وهذا يجعل الأسرة في ترابط وأقرب إلى بعضها.

ولكن يجب على الأهل أن يتذكروا أن هذه اللعب من أجل الأبناء وليس من أجل أنفسهم ويجب ألا يسعى الآباء إلى الحصول على جميع الأشياء وفقًا لما يعتقدون أنه صحيح بل يجب بقليل من المرونة في اللعب معهم، كما يجب أن يتركوا الأطفال يكسبون بعض الانتصارات الصغيرة حتى لا ييأسوا كلما لعبوا مع والديهم، اللعب مع الأطفال طريقة ممتازة للتعرف على الابن ومزاجه؛ ولكن لا ينبغي أن ينقلب الآباء على الأبناء عليه بالسخرية والتوبيخ.

بيئة اللعب المناسبة للأطفال

يتأثر الطفل بشدة بأصدقائه الذين يلعبون معه، يجب على الأهل توخي الحذر حتى لا يلتقطوا العادات والسلوكيات غير الجيدة من خلال لعبهم، إذا لاحظ الأهل تغيير في السلوك أو الكلام، عليهم أن يسألوا الأبناء على الفور عمن يلعبون معه، يجب التوضيح للأطفال بأن مثل هذه النوع من السلوك لن يتم التسامح معه، يلتقط بعض الأطفال أشكالًا غير مهذبة من الكلام والسلوك العدواني وحتى السلوك غير مؤدب مع الآخرين، يجب على الأهل توخي الحذر بشأن أصدقاء الطفل ويجب منع الابن من الارتباط بزملائه غير المناسبين في اللعب.

ومن الأمور المهم معرفتها من قبل الأهل أن كثرة اللعب ضار بالطفل، يجب على الأهل ألا يُسمحون للأطفال بقضاء كل وقتهم في اللعب، يجب أن تكون الحياة متزنة، والعمل ضروري جدًا للطفل منذ الطفولة، من الضروري معرفة الأهل أن كل شيء له وقت معين،  يجب على الآباء أن يعلموا الأبناء أنهم لا يستطيعون الجري ولمس كل شيء في بيت شخص آخر، لا يستطيع الطفل اللعب عندما يكون لديه واجبات مدرسية أو أعمال روتينية حتى ينهيها ولا يمكنه قضاء إجازته كلها في اللعب فقط بل يحتاج الطفل إلى القيام ببعض الأشياء المفيدة في الوقت نفسه.

يجب على الآباء عدم إجبار الأبناء على اللعب ويضغط بعض الآباء على أن يلعب الأبناء لعبة اللوح التي اشتروها لهم، أو يطلبون الآباء أن يلعبوا الأطفال في خارج البيت في الوقت الذي يشعرون الأبناء بالملل، إذا كان الأبناء لا يرغبون في اللعب، فهذا نوع من أنواع العقاب يجب إجبارهم على القيام بذلك، أغلب الأطفال الذين تُركوا بمفردهم سيلعبون من وقت لآخر.

ومن المفروض أن تكون بيئة اللعب صديقة للطفل وإذا كان هناك العديد من القواعد والقيود، فهذا يقلل من حرية الطفل واستقلاله وهناك قواعد ضرورية للطفل، لكن في بعض الأوقات يصبح الآباء متوترين للغاية بشأن الأشياء المحيطة بالبيت، أو بشأن نظافة البيت وتنظيمه، يجب أن يكون هناك مكان للطفل يمكنه من اللعب بحرية؛ حتى لو كان ذلك يعني تكوين فوضى ويجب على الآباء تعليم الأبناء التنظيف من بعدهم، وعدم منعهم من إحداث فوضى دائمًا.

ومن الضروري أن يكون هناك تنوع في اللعب، تساعد أنواع اللعب المختلفة مثل الرياضة وألعاب الطاولة والألغاز والتمثيل وغيرها في بناء شخصية الصحية للطفل والقوية، ومن الخطأ الكبير التأكيد على نوع واحد فقط من اللعب وإهمال الآخر ويتمتع الطفل المتوازن بفرصة التجربة والاستمتاع بأنواع المختلفة من الاستجمام والمهارات التي يبنونها.

المصدر: تربية الطفل في الإسلام، سيما راتب عدنان، 1997الطفل في الشريعة الاسلامية ومنهج التربية النبوية، سهام مهدي جبار، 1997تربية الاولاد في الاسلام، عبدالله ناصح علوان، 1981مشاكل الطفل، محمد ايوب الشحيمي، 1994


شارك المقالة: