دور العقل المعرفي وحدوده في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يتمثل دور العقل المعرفي في علم النفس بمجادلة علماء النفس حول نقد العقل بأنه لا يمكننا الحصول على المعرفة الموضوعية للعالم إلا من خلال الإدراك والفهم، تقريبًا تتعاون قدراتنا على الخبرة الحسية وتكوين المفهوم حتى نتمكن من تكوين أحكام تجريبية.

دور العقل المعرفي في علم النفس

يجادل علماء النفس المعرفيين بأنه لا ينبغي قراءة نقد العقل الخالص على أنه هدم للدور المعرفي للعقل فقط وخاصة في تعيين حدود العقل، لكن هذا لا يماثل القول بأنه ليس للعقل دور في معرفتنا، فهناك علاقة حاسمة بين العقل والحقيقة التجريبية، ودور العقل في البحث النفسي العلمي، والمكاسب الإيجابية التي تأتي من تقدير حدود العقل.

بالإضافة إلى ذلك يتطلب التفكير النفسي السليم أن يكتسب العقل معرفة عن نفسه وهي مهمة يبدأها النقد المعرفي لكنها لا تكملها، ومنها يتمثل الدور المعرفي للعقل في علم النفس من خلال ما يلي:

1- دور العقل كحكم للحقيقة التجريبية

أول شيء يجب ملاحظته هو ادعاء العالم إيمانويل كانط الجريء بأن العقل هو حكم الحقيقة في جميع الأحكام التجريبية وكذلك المعرفية، حيث أنه بالكاد يطور هذا الفكر وقد جذبت هذه القضية القليل من الاهتمام في الأدبيات، ومع ذلك فإن بعض النقاط الأساسية واضحة فنحن نشكل أحكامًا حول العالم من حولنا طوال الوقت دون تفكير ثاني.

على سبيل المثال يمكننا أن نرى يدًا أمامنا ونحكم عليها على أنها موجودة وبعد هذا نحكم على أنفسنا أننا نحلم وأن محتويات الحلم وهمية، حيث يمكننا أن نرى شروق الشمس ونفترض أنها تدور حول الأرض، بالتالي يكرس كانط جهودًا فلسفية كبيرة لإظهار أن كل هذه الأحكام تعتمد على تصنيفات متعددة مثل السبب والنتيجة التي يجب أن تنظم انطباعاتنا الحسية.

إن الاعتقاد الذي يتوافق مع هذه الأحكام يلبي شروط الحقيقة الشكلية للدور المعرفي للعقل، ومع ذلك ما لم يتم الخلط بشكل أساسي حول شيء ما، فإن جميع معتقداتنا تلبي هذه الشروط، حيث أنه بالتوافق مع الأولوية الأساسية التي ينسبها العقل المعرفي للحكم، يبدأ العالم إيمانويل كانط بملاحظة أنه بمجرد صدور حكم فقط يمكن أن يكون هناك خطأ.

بشكل صحيح يُعتبر أن الحواس لا تخطئ ولكن ليس لأنها تحكم دائمًا بشكل صحيح، ولكن لأنها لا تحكم على الإطلاق، على سبيل المثال لا يوجد خطأ في انطباعات الحلم مثلاً مهما كانت مشوشة أو خيالية، ولكن إذا ارتبك شخص ما بشأن تجربته الذي حلم بها، وافترض أنها حدثت بالفعل، فسيصدر حكمًا وهو حكم خاطئ أيضًا.

لذا يدعي كانط أن الخطأ لا يحدث إلا من خلال التأثير غير الملحوظ للحساسية على الفهم للعقل المعرفي، والذي يحدث من خلاله أن الأسس الذاتية للحكم تتحد مع الأسس الموضوعية، كما قال كانط في تفسره لدور العقل المعرفي أن هناك الفرق بين الحقيقة والحلم لا يتم تحديده من خلال جودة التمثيلات المشار إليها في الأشياء؛ لأنها متماثلة في كليهما ولكن من خلال ارتباطها وفقًا للقواعد التي تحدد التوليفة التمثيلات في مفهوم الشيء، وإلى أي مدى يمكنهم أو لا يمكنهم الوقوف معًا في تجربة واحدة.

سواء كانت هذه التجربة الحسية المفترضة أو تلك ليست مجرد خيال يجب التحقق منها وفقًا لمقرراتها الخاصة ومن خلال توافقها مع معايير كل التجربة الفعلية، باختصار ما يفصل الخطأ المادي عن الإدراك الحقيقي لكانط هو أن الإدراك الحقيقي يجب أن يجد مكانًا محددًا داخل تجربة واحدة موحدة للعالم؛ نظرًا لأن العقل مصدر مهم للبنية الموحدة للتجربة فإنه يثبت أنه ضروري كحكم للحقيقة التجريبية.

2- دور العقل في العلم

ينطبق نفس مبدأ الوحدة المنطقية أيضًا على الأحكام التي لا يتم تحديدها بسهولة من خلال التجربة اليومية، حيث اننا نحتاج إلى النظر في دور العقل في المعرفة العلمية، حيث يدعي العالم إيمانويل كانط أن العقل هو أصل مفاهيم ومبادئ معينة مستقلة عن تلك الخاصة بالحساسية والفهم، ويشير كانط إلى هذه الأفكار المتعالية أو أفكار العقل الخالص.

يعرّف كانط دور العقل المعرفي في العلم على أنه كلية المبادئ أو كلية وحدة قواعد التفاهم تحت المبادئ والمشكلة في كيفية تبرير هذه المفاهيم والمبادئ، هذه المشكلة حادة لأن كانط يجادل أيضًا بأنهم غالبًا ما يقودوننا إلى الخطأ والتناقض.

بصرف النظر عن الأفكار حول الأشياء التي تكمن وراء التجربة الحسية فإننا نشكل أيضًا أفكارًا متجاوزة حول الكيانات التي تهدف إلى تشكيل الأساس النهائي لكل شيء موجود، مثل الكون ككل يتحدث كانط عن الادعاءات بالمعرفة الموضوعية حول هذه الأفكار، مثل الادعاء بأن الكون له بداية في الوقت أو الادعاء المعارض بأنه لا يؤدي بنا إلى تناقضات.

ومع ذلك يفترض العلم أن العالم يشكل وحدة منهجية جيدة التنظيم حيث يمكن تصنيف جميع الأحداث تحت قوانين سببية، فإننا نعتمد على نسخة أساسية من هذا المبدأ عندما نحكم على أن بعض الانطباعات هي أوهام أو أحلام، يجب أن يكون واضحًا أيضًا أنه مهما كانت تجاربنا متماسكة، فإنها لا بد أن تكون محدودة النطاق.

أي أننا لا نستطيع أن نختبر ما يكفي لتبرير هذا الادعاء الكوني الظاهر بأن كل موضوع وحدث يتوافق مع القوانين السببية، ناهيك عن أن هذه القوانين ستستمر في الصمود في المستقبل، ومع ذلك يجادل كانط بأن العقل له ما يبرره في تبني هذه المبادئ من بين أمور أخرى كدوره المعرفي في العلم، طالما أنه لا يتعامل معها على أنها ادعاءات معرفية.

حدود العقل المعرفي في علم النفس

تتمثل حدود العقل المعرفي في علم النفس لقدرة العالم إيمانويل كانط في نقد العقل والمعرفة، ومنها يهدم كانط سلسلة من البراهين المفترضة على وجود المعرفة كمثال في العقل الخالص، حيث يوضح أيضًا أنه من الممكن أيضًا إثبات بعض الأحكام حول كل العالم كما هو الحال بالنسبة لإثبات أضدادها، مثل الادعاءات القائلة بأن الفضاء يجب أن يكون غير محدود وأنه يجب أن يكون مقيدًا، بما في ذلك فكرة السبب الأول على الإطلاق.

عند وضع هذه الحدود على المعرفة العقلية فإن نوايا كانط ليست مدمرة فقط ولا يقدم فقط معرفة الذات بالعقل، بالإضافة إلى ذلك يرى كانط أن فشل المعرفة في تأسيس أرضية آمنة كان أكثر ضررًا من أي نقد، ادعى العقل معرفة لا يمكن أن يمتلكها مما أدى إلى معارك فارغة تستدعي الشك الصريح.

على النقيض من ذلك يهدف نقد كانط إلى التوضيح في أساس الادعاءات العقلانية التي يمكن تبريرها، يتضمن ذلك كلا من المطالبات المعرفية والمزاعم العملية للعقل، مما جعل الناس غير قادرين على فهم بعضهم البعض وغير قادرين على التعاون في مثل هذه المشاريع السلبية مرارًا وتكرارًا، يعود العقل إلى بعض الأفكار البسيطة جدًا ذات التداعيات الهائلة.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: