الطفل المسلم وتأثيره في الحياة

اقرأ في هذا المقال


سيكون الأبناء والأحفاد القادمين قادة الغد، لذلك فإن تربيتهم هي مسألة ذات أهمية كبيرة؛ لتمكينهم من حماية المجتمع ويكون منضبط ومنظم، وإن الأهل لهم الدور الأساسي والتأثير الأكبر على نمو الأبناء وتأثيرهم في الحياة، والبيئة التي يكبر فيها الأبناء تساهم في نموه العاطفي والجسدي والاجتماعي والفكري، وهذه هي الركائز الرئيسية التي تشير إلى ما إذا كان الطفل سينمو ليصبح رجلاً بالغًا مسؤولاً وسعيدًا وله تأثير في المجتمع.

الطفل في الإسلام

على الرغم من وجود أوجه تقارب في مفاهيم الأهل للأطفال على مستوى العالم، إلا أنه من المثير للاهتمام أنها تختلف هذه المفاهيم عن المفاهيم الإسلامية، فيجب على الوالدين تربية الأبناء والاعتناء بهم؛ ليكون لهم تأثير في المجتمع، وأن العادات والممارسات الخاصة بالإسلام لرعاية الطفل في مختلف المراحل العمرية، فإن التعاليم الإسلامية فيما يتعلق بالتربية والحماية والتعليم هي مفاهيم شاملة وكاملة لتكوين طفلاً مؤثراً وقائدًا في المستقبل، ولا تقتصر هذه التعاليم على أبناء المسلمين حصريًا.

عوامل إرشادية إسلامية للأبناء

هناك عدة عوامل إرشادية إسلامية يجب الآباء والأمهات اتباعها لتكوين طفل مؤثر فعال في المجتمع وهي:

الدعاء

دعاء الأب والأم لأطفالهم هو دعاء مستجاب لم يترك دون إجابة، إنها طريقة قوية وفعالة للإرشاد والرفاه الروحي للأبناء، ولقد أخبرنا رسولنا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأن دعاء الوالدين مستجاب.

يجب على الأهل أن يدعوا لأبنائهم بإخلاص إلى الله تعالى، وأن يناشدوا الله تعالى أن يهدي الأطفال ويحفظهم من كل الصعوبات اليومية التي يواجهونها، ويمكن الدعاء بأي لغة طالما أنها من القلب، وهناك أدعية قرآنية من شأنها أن تفيدنا بشكل كبير في العناية بأنبائنا وتعلم معانيها وأن تكون جزءا من حياتينا اليومية.

التثقيف

للدعاء قوة كبيرة إلا أنه لن يكون كافياً وحده، بل بحاجة إلى جهد بشري، فيجب على الآباء أن يوفروا على الأقل المعرفة الإسلامية الأساسية للأبناء، وهذا يشمل ما هو واجب أو فرض عين على كل مسلم المعرفة به، مثل الطهارة والصلاة والصيام وقراءة القرآن، كما يجب عليهم توعية أبنائهم بما هو مباح وما هو ممنوع، لنستطيع تنفيذ أوامر الله تعالى وإرضائه.

تعليم الأبناء علم الآداب الإسلامية

يجب على الآباء والأمهات أن يعلموا الأبناء كيفية أن يعيشوا الإسلام، وهذا يتضمن الأخلاق والشخصية التي يكونها الأهل في نفوسهم، مثل اللطف بالتعامل واحترام الآخرين وعدم التكبر والتسامح والامتنان وعدم التسرع، والطريقة العملية التي يمكن من خلالها تعليم هذه القيم للأبناء: هي حثهم على العمل التطوعي وقضاء الوقت الفراغ مع من هم بحاجة إلى ذلك، ومن الفرض عليهم  أن يتكفلوا أن يربوا الأبناء  ليصبحوا أشخاصا إيجابيين وفعالين ومساهمين في المجتمع.

وهناك أمثلة كثيرة على ذلك من علماء المسلمين، منهم الإمام مالك الذي نصحته والدته بأن يتعلم أولاً من سلوك وشخصية وأخلاق أستاذه الذي يتعلم منه قبل اخذه للعلم منه، وكان من الدارج أن يقضي الناس في الماضي أعوام في صحبة الأتقياء لغرس أخلاقهم وقيمهم في أنفسهم، من الضروري أن نبين أن هذه التربية تجاه الآداب الإسلامية هي عملية قائمة ومستمرة، ومن الخيال أن يقضوا الأبناء عطلة نهاية الأسبوع في محاضرات إسلامية ويطلب الأهل منهم تغيير كامل في الآداب والسلوك فهذا يأتي بالتدريج، ومن الكتب التي تفيد الآباء هي شرح طرق الأعمال الصالحة في البيوت وفضائل الأعمال.

الالتزام بالتعزيز الإيجابي في البيت

إن أفضل طريقة لغرس آداب الأخلاق والسلوك الإسلامي في الأبناء هي ببساطة القدوة، هذا يعني أنه يجب على الأهل أن يصبحوا قدوة في أفعالهم أمام أبنائهم، من المهم أن يلاحظوا أن الابن يتعلم منذ الصغر تقليد كل عمل يقوم به والديه، وبالتالي فإذا رأى الطفل والديه يؤديان الصلاة، أو يلتزمان بقواعد اللباس الإسلامي البسيط، فسيعمل تلقائيًا أن يقلد الشيء نفسه.

وإذا رأى الطفل أحد الوالدين يستخدم لغة سيئة أو يعتدي على فرد آخر، فسيحذو حذوه، على سبيل المثال رافق الصحابي الزبير رضي الله تعالى عنه ابنه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إلى أرض المعركة معه حتى يراقب ويتعلم، وهذا ساهم في نشأته ليصبح واحداً من أقوى القادة في الإسلام، ويجب على الأهل إشراك أطفالهم في أماكن العمل أو أماكن التطوع لديهم حتى يتعلموا من سلوكهم.

التواصل مع الأبناء

إن التواصل مع الأبناء هو العنصر الأكثر أهمية في أي علاقة بين الوالدين والأبناء فهي الرابطة والعلاقة التي يشترك فيها الاثنان، يجب أن لا تقتصر هذه الرابطة لمجرد إطعام الطفل وتعليمه، فيجب أن نوفر لأطفالنا الحب المستمر والدعم والتشجيع، وإنه ضد القدوة النبوية أن يكون الأهل قٌساة تجاه أبنائهم أو يقللوا من قدرتهم.

يجب على الأهل أن لا يضغطوا على أبنائهم واستنزاف طاقتهم، خاصة في الأمور الدينية، ليس من المهم أن يصبح كل طفل حافظًا أو عالمًا، وإذا أرغمناهم فقد يتراكم الاستياء في قلوبهم تجاه الإسلام، ويجب أن نُعلم الإسلام بطريقة محبة بحيث يرغبون حقًا في ممارسة تعاليمه بكل إرادتهم.

كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يربح قلوب الأطفال بالوداعة التي يتكلم بها والرحمة التي يبديها لهم، وقد أمضى أنس بن مالك رضي الله عنه عشر سنين في خدمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذكر أنه في تلك السنوات العشر لم يوبخه فيها أو يعامله بقسوة أو لوم، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشارك أيضًا في دعابة مع الأطفال، وهذا يدل على أهمية الاستمتاع وقضاء الوقت مع الأبناء، وإن من الواجب ليس فقط التثقيف والانضباط، ولكن أيضًا أن يكونوا أصدقاء لأبنائهم.

إعطاء الأبناء المسؤوليات

إن من المهم أن يلاحظ الآباء أن الأبناء يتحملون المسؤولية في البيت وخارج البيت، ولا يعتبر تحميل المسؤوليات من قبل الأبناء انتهاك لطفولتهم، بل هي ضرورة قصوى مهمة لبناء أطفال قادرين على تحمل المصاعب والتحديات التي تواجههم في الحياة ليصبحوا  رجالاً فعالين ومسؤولين قادرين على التغيير  والبناء، يجب على الأهل يخبروا أبنائهم بأي عمل صالح يفعلونه، وأن يشاركوا الحديث والصلاة وتوزيع المال على المحتاجين أو تلاوة بعض آيات القرآن الكريم معهم.

غرس حب الله سبحانه وتعالى في الأبناء

المصدر: تربية الطفل في الإسلام، سيما راتب عدنان، 19997مشاكل الطفل، محمد ايوب الشحيمي، 1994تربية الاولاد في الاسلام، عبدالله ناصح علوان، 1981 الطفل في الشريعة الاسلامية ومنهج التربية النبوية، سهام مهدي جبار، 1997


شارك المقالة: