فرضيات الوعي الذاتي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتقد العديد من علماء النفس أن وعي الذات أمر أساسي لعلم النفس وللفلسفة النقدية، حيث يشير الوعي الذاتي في علم النفس إلى معرفة الفرد لجميع حالاته العقلية أي ما يشعر به الفرد أو يفكر فيه، ومنها يعتبر الوعي الذاتي في علم النفس مهم؛ لأنه يعبر عن قدرة ورغبة كل فرد في مفهمة نفسه وتحديد كيفية علاقاته مع الأفراد من حوله.

فرضيات الوعي الذاتي في علم النفس

تتمثل فرضيات الوعي الذاتي في علم النفس من خلال ما يلي:

1- وجود نوعان من وعي الذات

تتمثل الفرضية الأولى من فرضيات الوعي الذاتي بأن هناك نوعان من الوعي الذاتي يتمثلان في وعي الذات والحالات النفسية للفرد بالمعنى الداخلي والوعي بالنفس وحالات الفرد من خلال أداء أفعال الإدراك، حيث كان المصطلح الذي أطلقه كانط على النوع الأول هو الوعي الذاتي التجريبي، كان المصطلح الرائد للنوع الثاني هو الإدراك التجاوزي أي وعي المرء لنفسه كموضوع.

لا يحتوي الوعي الذاتي التجريبي على العديد من الجوانب وهي دائمًا هي نفسها في كل حكم في التجربة الداخلية، من ناحية أخرى تحتوي على مسألة الوعي ومجموعة متنوعة من الحدس الداخلي التجريبي، حيث يعتبر كل من هذه الأنواع للوعي الذاتي لهما مصادر مختلفة للغاية.

مصدر الوعي الذاتي التجريبي هو ما أسماه كانط الحس الداخلي، بحيث لم يستوعب مفهومه عن الحس الداخلي بشكل جيد على الإطلاق، ومنها يصر كانط على أن جميع الحالات التمثيلية بالمعنى الداخلي، بما في ذلك تلك التي تمثل الكائنات ذات المعنى الخارجي أي الكائنات الموجودة مكانيًا.

مهما كانت أصول تمثيلاتنا العقلية، سواء كانت ناتجة عن تأثير الأشياء الخارجية، أو تم إنتاجها من خلال أسباب داخلية، سواء نشأت مسبقًا أو أن المظاهر لها أصل تجريبي يجب أن تنتمي جميعها كتغييرات للعقل للحس الداخلي.

ومع ذلك فهو يقول أيضًا أن موضوع الحس الداخلي هو العقل وموضوع الحس الخارجي للجسم، أي إنه يقترب من إنكار أننا يمكن أن نكون واعين لسكان الحس الداخلي، حيث أنهم لا يمثلون الأشياء الداخلية وليس لديهم متشعب خاص بهم، ومع ذلك يقول أيضًا أنه يمكننا أن نكون مدركين لها ويمكن أن تكون التمثيلات نفسها موضوعات التمثيلات العقلية.

يمكن للتمثيلات أن تجعلنا ندرك نفسها في دور الإدراك كشكل من أشكال أو وسيلة للوعي بالذات، ويجب أن يكون الإدراك جزءًا من الحس الداخلي، ومع ذلك كان كانط يقارن بشكل منتظم بين الإدراك كوسيلة للوعي بالذات وأفعال تفكير المرء، مع الحس الداخلي كوسيلة للوعي ويفترض تمثيلات خاصة مثل التصورات العقلية، والتخيلات والذكريات.

الحس الداخلي ليس إدراكًا خالصًا أو وعيًا بما نقوم به؛ لأن هذا يعود إلى قوة التفكير إنه بالأحرى وعي بما نمر به عندما نتأثر بلعبة أفكارنا، حيث يعتمد هذا الوعي على الحدس الداخلي، وهكذا على علاقة الأفكار لأنها إما متزامنة أو متتالية.

نظرًا لأن معظم ملاحظات كانط الأكثر إثارة للاهتمام حول وعي ومعرفة الذات تتعلق بوعي الذات، فإن الوعي الذاتي الخاص بمفهوم التأمل عبر أفعال الإدراك، على الرغم من أن الوعي التجريبي للذات سيظهر مرة أخرى لفترة وجيزة من وقت لآخر.

2- القاعدة التمثيلية لوعي الذات وحالة الفرد

تتمثل الفرضية الثانية من فرضيات الوعي الذاتي في علم النفس في وجود القاعدة التمثيلية للوعي الذاتي وحالات الشخص، والتي تتضمن كيفية أداء الإدراك إلى الوعي بالنفس وحالات المرء من خلال الوعي بما نفعله ونقوم به سلوكيات إنسانية متنوعة، حيث إن الطريقة التي يصبح بها المرء مدركًا لفعل التمثيل ليس من خلال تلقي الحدس ولكن من خلال القيام بذلك كفعل واعٍ لذاته حتى بدون إحساس، هذا التمثيل هو فعل عفوي أي لا يمكن اعتباره منتميًا إلى الإحساس.

وبالمثل يمكننا أن ندرك أنفسنا كذات بمجرد القيام بأعمال التمثيل، حيث ان الإنسان الذي يعرف بقية الطبيعة فقط من خلال الحواس، يعرف نفسه أيضًا من خلال الإدراك الصافي، وهذا في الواقع في الأفعال والقرارات الداخلية التي لا يستطيع اعتبارها انطباعات للحواس.

عند النظر لشاشة معينة يبدو أن ادعاء كانط هو أن تمثيل الكلمات على الشاشة هو كل التجربة التي يحتاجها الفرد ليكون واعيًا ليس فقط بالكلمات والشاشة ولكن أيضًا بفعل رؤيتها ومن يراها، يمكن لتمثيل واحد القيام بجميع هذه الوظائف، ويطلق على فعل التمثيل الذي يمكن أن يجعل المرء واعيًا لموضوعه، ونفسه باعتباره موضوعه القاعدة التمثيلية للوعي لهذه العناصر.

الفرضية الرئيسية الثانية لكانط في الوعي الذاتي هي التي توفر معظم التمثيلات العادية الناتجة عن معظم أعمال التوليف العادية القاعدة التمثيلية لوعي الذات وحالات الفرد، حيث تعتبر هذه القاعدة التمثيلية هي الأساس ليس فقط للوعي بالحالات التمثيلية للفرد، بل إنه أيضًا أساس وعي الذات كموضوع لتلك الحالات مثل الشيء الذي يمتلكها ويفعلها.

على الرغم من أنه من الصعب معرفة ذلك على وجه اليقين، فمن المحتمل أن ينكر كانط أن وعي الذات بالمعنى الداخلي يمكن أن يجعل المرء يدرك نفسه كذات وبهذه الطريقة بالنسبة لكانط، فإن هذا التمييز بين وعي الفرد وحالاته من خلال القيام بأعمال التوليف والوعي للذات وحالات الفرد كأهداف لتمثيلات معينة له أهمية أساسية.

عندما يكون المرء واعيًا لنفسه وحالاته من خلال القيام بأعمال معرفية وإدراكية، يكون المرء واعيًا لنفسه على أنه عفوي وعقلاني وذاتي التشريع وحر باعتباره فاعلًا للأفعال، وليس مجرد وعاء سلبي للتمثيلات العقلية، حيث أن كل فرد موجود كذكاء واعي فقط لقدرته على التوليفة ونشاط الذات.

بالنسبة لكانط فإن التمثيلات العقلية التي تعمل كقاعدة تمثيلية لوعي الذات كذات هي عادة أكبر من أنها تعتبر فردية، أي أنها تحتوي على كائنات متعددة وغالبًا ما تكون تمثيلات متعددة لها مرتبطة ببعضها البعض فيما أسماه كانط التجربة العامة أو المشتركة.

عندما نتحدث عن تجارب مختلفة يمكننا أن نشير فقط إلى التصورات المختلفة للعقل والمعرفة، وكلها تنتمي إلى نفس التجربة العامة، هذه الوحدة التركيبية الشاملة للتصورات هي شكل من أشكال الخبرة، إنها ليست أقل من الوحدة التركيبية للمظاهر وفقًا للمفاهيم في تفسير الوعي الذاتي.

الوعي بالمعنى الداخلي في فرضيات الوعي الذاتي في علم النفس

لا الوعي بالذات من خلال القيام بالأفعال الإدراكية ولا الوعي التجريبي للذات كموضوع لتمثيلات عقلية معينة ينتج عنه معرفة الذات كما هو، تحت وطأة تعريض حقه في الثقة بالمعرفة باعتباره أحد بنود الثقة، فهو بالأحرى الاعتراض الوحيد الذي لا يمكن الرد عليه في فرضيات الوعي الذاتي في علم النفس، لنقده بأكمله إذا كان من الممكن إثبات بداهة أن جميع الكائنات المفكرة هي في حد ذاتها مواد بسيطة.

ينطبق الشيء نفسه على جميع الخصائص الأخرى للكائنات المفكرة؛ نظرًا لأن كانط ينظر أحيانًا إلى الاستمرارية، أي الاستمرارية الشخصية إلى ما بعد الوعي الذاتي كأساس للأخلاق، فقد تكون الأخلاق أيضًا في قاعدة معرضة للخطر، لذلك كان لدى كانط دوافع قوية للإصرار على أن المرء لا يعرف نفسه كما هو، ومع ذلك وفقًا لكانط يبدو أننا نعرف على الأقل بعض الأشياء عن أنفسنا، وبالتحديد كيف يجب أن نعمل، وسيكون من غير المعقول الحفاظ على عدم وعي المرء بذاته الحقيقية على الإطلاق.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: