ما هو التقييم العصبي النفسي؟

اقرأ في هذا المقال


يهتم علم النفس العصبي بالعلاقات بين الدماغ والسلوك، يُجري علماء النفس العصبي تقييمات لوصف التغيرات السلوكية والمعرفية الناتجة عن مرض أو إصابة الجهاز العصبي المركزي، مثل مرض باركنسون أو اضطراب حركي آخر، يركز بعض علماء النفس العصبي أيضاً على علاج هذه التغيرات السلوكية والعقلية والأعراض الأخرى أو التكيف معها.

التقييم العصبي النفسي:

مثلما يلعب القلب والرئتان دور حاسم في نقل الأكسجين إلى الأعضاء الداخلية الأخرى، فإنّ الدماغ هو اللاعب الرئيسي في الجهاز العصبي، عندما يصيب المرض القلب والرئتين تتعطل الآليات المعقدة التي تؤثر على توصيل الأكسجين، ممّا يؤدي إلى تلف أجهزة الأعضاء الأخرى، بالمثل عندما يصيب المرض الدماغ تبدأ الوظائف التي يسيطر عليها الجهاز العصبي المركزي عادة، بما في ذلك التفكير والعواطف والسلوك ، في الانهيار.

أظهرت الأبحاث الحديثة أنّ العديد من الاضطرابات النفسية، بما في ذلك القلق والاكتئاب والفصام واضطراب الوسواس القهري وبعض اضطرابات الشخصية، بالإضافة إلى الإعاقات المعرفية والسلوكية، قد تنجم عن اضطرابات في وظائف المخ، نتيجة لذلك اكتسبت تقنيات تقييم وظائف الدماغ من حيث صلتها بهذه المشاكل استخدام واسع في مجال الصحة العقلية.

هناك عدد من الطرق لقياس أداء الدماغ، تبحث تقنيات التصوير مثل التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) عن التشوهات الهيكلية في الدماغ، تم تصميم اختبارات مثل مخطط كهربية الدماغ (EEG) للبحث عن تشوهات في النشاط الكهربائي للدماغ، تقدم الاختبارات العصبية النفسية بديل آخر، في هذه الاختبارات يتم تقييم الدماغ من خلال تشغيله وقياس قدرات معينة مثل الذاكرة واللغة والقدرة الإدراكية وحل المشكلات والوظائف الحركية والحسية.

يمكن تعريف التقييم العصبي النفسي بأنه أحد أنواع التقييم الخاصة بعمل الدماغ، الذي يعطي بصورة غير مباشرة معلومات حاصة بسلامة دماغ الفرد من الناحية الهيكلية والوظيفية، يتضمن التقييم النفسي العصبي مقابلة وإجراء الاختبارات، الاختبارات عادة ما تكون اختبارات نوع الورق والقلم الرصاص، قد تكون بعض المهام عبارة عن تقارير ذاتية ممّا يعني أنّ المريض ينجزها بمساعدة فني، لكن غالبية الاختبارات تتطلب إدارة من قبل أخصائي علم النفس العصبي أو أخصائي نفسي مدرب وماهر.

تشمل الاختبارات النفسية العصبية ورقة وقلم رصاص وإجراءات ميكانيكية، هي غير مؤلمة وليست باضعة ولا تحمل سوى القليل من المخاطر إن وجدت، عادة ما تتضمن عمل مباشر وجهاً لوجه مع طبيبة نفسية أو موظفها، قد يستغرق الفحص النفسي العصبي الشامل من 6 إلى 8 ساعات ويتضمن مجموعة واسعة من الاختبارات والأنشطة، يمكن إجراء تقييم أكثر إيجاز وانتقائية اعتماداً على الحالة الفردية.

يتم إجراء الاختبارات العصبية النفسية من قبل علماء النفس وغيرهم من المتخصصين في الصحة العقلية الذين لديهم تدريب تعليمي وعملي محدد، لا يتم تدريب جميع علماء النفس على إجراء اختبارات نفسية عصبية، فقد يكون من المفيد التأكد من أنّ أخصائي التقييم مدرب بشكل صحيح لإعطاء وتفسير الاختبارات العصبية النفسية، أوضح مؤشر على التدريب المناسب هو شهادة البورد في علم النفس العصبي السريري، عند إجراء إحالة يجب الاتصال بالمتخصص للحصول على تعليمات محددة، عادة يتم تشجيع الفرد على تناول الأدوية المعتادة والحصول على ليلة سعيدة.

على عكس إجراءات التصوير بالرنين المغناطيسي أو مخطط كهربية الدماغ، التي تتبع بروتوكولات موحدة نسبياً، هناك مجموعة متنوعة من الأساليب للتقييم النفسي العصبي، يبدأ الفحص النفسي العصبي عادةً بمقابلة سريرية لتمكين الأخصائي النفسي من التعرّف بشكل أكبر على مشاكل العميل واستنباط أي علامات وأعراض لأمراض نفسية أو عصبية، بعد الانتهاء من المقابلة يبدأ الاختبار الرسمي ويقوم بعض علماء النفس العصبي بإجراء هذا الاختبار بأنفسهم.

بينما يستخدم آخرون فنيين متخصصين في علم النفس العصبي، كلا النهجين مناسبان؛ نظراً لأنّ عالم النفس هو المسؤول في النهاية عن تفسير نتائج الاختبار هذه، يستخدم بعض المهنيين نهجاً قياسياً للبطارية حيث يتم إعطاء نفس المجموعة من الاختبارات لجميع المرضى بغض النظر عن مشكلة العرض، أوضح مثال على هذا النهج هو بطارية هالستيدريتان العصبية النفسية، تتكون هذه البطارية من عدد من الاختبارات المعتمدة لوظائف المخ.

يستخدم المحترفون الآخرون بطارية مرنة من الاختبارات التي يتم اختيارها بناءً على مشكلة المريض المحددة، على سبيل المثال قد يحصل مريض مسن مصاب بمرض الزهايمر المشتبه به على مجموعة اختبارات مختلفة قليلاً عن مريض شاب بعد إصابة مغلقة في الرأس، في حين أنّ (Halstead-Reitan) هي مجموعة الاختبارات الثابتة الأكثر استخداماً، يستخدم معظم علماء النفس العصبي نسخة من نهج البطارية المرن.

بشكل عام من الجيد الاستفسار عن النهج العام لطبيب النفس وكيف سيتم استخدام الاختبارات في اتخاذ قرارات التشخيص، على الرغم من أنّ محتوى التقييمات النفسية العصبية الفردية قد يختلف، فإنّ التقييم يشتمل عادةً على مقاييس الأداء الفكري وبعض التقييم للأداء العاطفي الشخصي، بالإضافة إلى ذلك يتم تقييم العديد من مجالات القدرة المعرفية.

مجالات القدرة المعرفية:

يمكن أن تكون الاختبارات العصبية النفسية مفيدة جداً في تحديد نقاط القوة والضعف المعرفية والسلوكية، كذلك في تشخيص حالات طبية معينة، إذا كانت النتائج غير طبيعية فهذا لا يعني بالضرورة أنّ الشخص يعاني من ضعف إدراكي. يمكن للحالات العاطفية المختلفة مثل الاكتئاب والقلق والارتباك والبلادة العقلية، أن تضعف أداء الاختبار العصبي النفسي، لهذا السبب يأخذ أخصائي علم النفس العصبي في الاعتبار جميع التفسيرات المعقولة للملف الشخصي في تفسير النتائج في معظم الحالات.

  • الذاكرة: سيُطلب من العميل تعلم وتذكر المعلومات الجديدة، القصص القصيرة وقوائم الكلمات والتصاميم الهندسية والوجوه واستعادتها لاحقاً، يمكن أيضاً تقييم القدرة على تذكُّر المعلومات التي تمّ تعلمها في الماضي.
  • اللغة: يمكن تقييم القدرة على تسمية الأشياء وفهم واتباع التوجيهات والتحدث والقراءة والكتابة والتكرار بطرق مختلفة.
  • المكاني والإدراك: القدرة على تحليل التصاميم المرئية، تجميع الألغاز أو تقدير العلاقات المكانية يمكن قياسها باختبارات محددة.
  • الانتباه والتركيز: يمكن تقييم القدرة على الانتباه لفترات زمنية قصيرة أو طويلة باستخدام اختبارات الحساب الذهني أو الكتابة السريعة أو القدرات الأخرى، يمكن أيضاً تقييم القدرة على التركيز أثناء تشتيت الانتباه من خلال الاختبارات التي تتطلب واحد لأداء مهمتين في وقت واحد.
  • حل المشكلات: سيتم تقديم مشاكل واقعية أو مجردة لحلها، كيف يتم تحليل هذه المشاكل وحلها يمكن تقييمها.
  • القدرات الحركية والحسية: قد يُطلب من المرء أداء بعض المهام التي يتم فيها تقييم التنسيق الحركي الدقيق أو الاستجابة بسرعة للمدخلات الحسية، تحتوي العديد من الفحوصات العصبية النفسية أيضاً على تدابير مصمّمة لضمان أنّ المريض يبذل قصارى جهده في أداء المهام.

المصدر: أسس بناء الاختبارات والمقاييس النفسية والتربوية، سوسن شاكر مجيدالاختبارات النفسية، سوسن شاكر مجيدالاختبارات النفسية، د.فيصل عباسالاختبارات النفسية العصبية، سعيد بن سعد زهران


شارك المقالة: