مبادئ الزواج والأسرة في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


الزواج ضرورة طبيعية لكل إنسان، الأسرة هي التي من خلالها يمكن للمرء أن يجد الأمن وراحة البال، فالإنسان غير المتزوج يشبه طائرًا بلا عش، الزواج بمثابة مأوى لمن يشعر بالضياع من صعوبة الحياة، الزواج يمكن المرء أن يجد شريكًا في الحياة يشاركه الفرح والحزن، من خلال الزواج يستمر إنجاب الجنس البشري، فالأطفال هم نتاج الزواج، وهم من العوامل المهمة في استقرار أسس الأسرة وكذلك مصدر فرح حقيقي لوالديهم.

مبادئ الزواج والأسرة المسلمة

لقد تم التركيز بشكل كبير في القرآن الكريم والأحاديث على الزواج وإنجاب الأطفال، قال الله تعالى في القرآن الكريم: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “، سورة الروم،21.

غالبًا ما يعاني الذين يمتنعون أنفسهم  عن الزواج من اضطرابات جسدية ونفسية، هذه الاضطرابات وبعض المشاكل الاجتماعية هي نتيجة مباشرة لامتناع الشباب عن الزواج، إن أعظم مكسب للرجل هو المرأة المخلصة التي إذا رأته تسعد به وتحمي ملكه وشرفها في غيابه، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ”، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

من فوائد الزواج هي الرفقة والتكاثر، فإن الغرض الحقيقي من الزواج بالنسبة للجنس البشري هو من نوع مختلف، لا يُقصد من الجنس البشري أن يدخل هذا العالم فقط ليأكل ويشرب وينام ويبحث عن اللذة، ثم يموت ويهلك.

منزلة الرجل والمرأة  أعلى من مثل هذه الأعمال، يهدف البشر إلى تدريب أنفسهم وأرواحهم من خلال اكتساب المعرفة والقيام بالأعمال الصالحة والتصرف بناءً على الأخلاق الحميدة، يجب على الإنسان أن يسير في الصراط المستقيم ليقترب من الله تعالى، إن الجنس البشري مخلوق قادر على تطهير روحه، وبتجنب السيئات وممارسة السلوك الحسن يصل إلى مستوى من المكانة الرفيعة التي لا تستطيع أحد بلوغها، الإنسان مخلوق مكلف، لقد جاء إلى هذه الدنيا بهدى الأنبياء، ليؤمن له سعادته في الدنيا والآخرة؛ حتى يتمكن من أن يعيش حياة سلمية في هذا العالم.

لذلك يجب البحث عن الغرض من الزواج الروحي، وينبغي أن يكون الهدف من زواج المسلم تجنب السيئات وتطهير النفس من الذنوب، أن يكون سبباً من أسباب القرب من الله تعالى، يتولى الشريك المناسب والجيّد دورًا مهمًا، عندما يكون مؤمنًا، من خلال الزواج، الأسرة، فإن علاقتهما الزوجان وارتباطهما الشديد ببعضهما سيفيدهما في تقوية حبهما المتبادل، بالنسبة لهذين الزوجين، لن تكون هناك أي تهديدات خطيرة بالانحراف السلوكي أو الأفعال غير المشروعة، ركز نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وجميع علماء الأئمة بشكل كبير على مؤسسة الزواج.

يلعب الزوج المخلص والملتزم والمتناغم دورًا مهمًا في التمتع بحياة محترمة وصادقة، بل إن وجود مثل هذا الشريك عامل مهم عند الرغبة في اجتناب السيئات، ويتيح الالتزام بالعبادات الواجبة، الزوجان المؤمنان لن يواجها أي عقبة في تحقيق الأهداف الدينية فحسب، بل سيكونان مصدر تشجيع لبعضهما البعض.

يمكن لأي زوج ملتزم وتقي أن يكسب رزقه بطريقة شرعيًة، ومراعاة جميع النواحي الدينية، وإخراج الصدقات الشرعية وتجنب الإسراف، والإنفاق على الأعمال الخيرية حتى دون رضا زوجته، الإنسان الملتزم يدعو دائمًا شريكه إلى الخير، تمامًا كما يغري الفاسد شريكه بالفساد، ومن المعقول إذن أن نصح الرجال والنساء الراغبين في الزواج في الإسلام بأن يعتبروا التقوى والأخلاق الحميدة لشركائهم في المستقبل شرطًا أساسياً.

مهمة الزوجة هي إعالة الزوج والعناية به، إنها ليست مهمة سهلة، قد تجد هؤلاء النساء، اللائي يجهلن هذه الميزة لدورهن، صعوبة في أداء المهمة، إنها وظيفة للمرأة التي تدرك أن الوظيفة تتطلب درجة من الحكمة والأناقة والبراعة، لكي تكون المرأة زوجة ناجحة، يجب أن تكسب قلب زوجها وتكون مصدر راحة له.

وينبغي أن تشجع الزوجة زوجها على الحسنات وترشدة بالبتعاد عن السيئات، كما يجب عليها توفير التدابير المناسبة للحفاظ على صحته ورفاهيته، وتتجه نتائج جهودها نحو جعل الرجل زوجًا طيبًا ومحترمًا يكون وصيًا على أسرته، وأبًا صالحًا يلتمس منه الأبناء التوجيه والاحترام، وهب الله تعالى العليم المرأة قوة غير عادية، الازدهار والسعادة وكذلك بؤس وحزن الأسرة بين يديها.

يمكن للمرأة أن تحول المنزل إلى جنة نبيلة أو جحيم مشتعل، يمكنها أن تقود زوجها إلى ذروة النجاح أو الإحباط من سوء الحظ، والمرأة ذات الصفات التي منحها الله تعالى لها؛ والتي تدرك دورها كزوجة، يمكنها أن ترفع زوجها إلى رجل محترم حتى لو كان أدنى الرجال.

مبدأ العطف في الزواج

يتطلع الرجل نحو زوجته ليجد الصداقة والحب، وهو مطلب من كل البشر، إنه يكافح بجد لكسب لقمة العيش وراحة الأسرة، إنه يشارك كل مصاعب الحياة، وبما أن الشريك الحقيقي يهتم بسعادته أكثر من أي شخص أخر، يجب التعبير للزوج عن التقدير وحبها له فهو بالتالي سيحبها الحب علاقة ثنائية الاتجاه توحد القلوب.

إذا كان الحب متبادلاً، يقوى الأساس الزوجي ويتم تجنب مخاطر الانفصال، يجب أن لا تفكر الزوجة  بأن زوجها وقع في حبها من النظرة الأولى؛ لأن هذا الحب لا يدوم، الحب الدائم يكون من خلال اللطف والمودة الدائمة على شكل صداقة حميمة للغاية.

إذا كانت الزوجة تحب زوجها وتتمتع بصداقة جيدة معه، فسيكون سعيدة ومستعدة للسعي والتضحية بنفسها من أجل رفاهيته، والرجل يستمتع بحب زوجته ونادرًا ما يعاني من اعتلال صحته أو يعاني من مشاكل نفسية، وإذا حرم الرجل من علاقة دافئة وودية مع زوجته؛ فقد يصاب بالإحباط وقد يتجنب منزله، قد ينتهي به الأمر إلى قضاء وقت طويل خارج منزله بحثًا عن الأصدقاء والاهتمام.

الشكاوي والتظلمات في الحياة الزوجية

لا يوجد من ليس لديه مشاكل وتظلمات فيما يتعلق بالحياة اليومية، كل شخص يحب أن يكون لديه شخص عطوف يثق به ويستمع لمشاكله، لكن النقطة التي يجب تذكرها هي أن هناك زمان ومكان لكل شيء، يجب على المرء أن يدرك الوقت المناسب للشكوى، بعض النساء الجاهلات والأنانيات لا يدركن أن أزواجهن متعبون للغاية ومضغوطون بعد يوم طويل من العمل، بدلاً من الانتظار لمدة ساعة أو ساعتين حتى يستعيد معنوياته، يبدئن في مهاجمته بمجموعة من الشكاوي.

ترجع معظم حالات الطلاق إلى الطبيعة المتعارضة للرجل والزوجة، تشير إحصائيات الطلاق بشكل قاطع إلى أن الموقف المتوافق والقيم الأخلاقية والميل لم يكن موجودًا لدى الزوجين، يعود السبب الرئيسي للخلافات والمشاكل العائلية إلى الطبيعة غير المتوافقة للمبادئ والقيم الأخلاقية للزوجين.

يمكن حل معظم الخلافات الأسرية بلطف ورحمة وروح طيبة، إذا كان الزوج قاسياً، إذا خرج لتناول العشاء بمفرده، أو كان مسيئاً، أو يهدر كل ثروته، أو يتحدث عن الطلاق والانفصال أو عدد من أسباب الخلاف الأسري، فهناك طريقة واحدة فقط لحلها. الطريق هو أن تكون الزوجة لطيفةً ومحبوبةً نتائج ممارسة مثل هذا السلوك فعالةً في تعديل سلوك الزوج.

إن النساء الجاهلات والأنانيات في الغالب هن اللائي يخضعن للإسراف والتنافس. تجبر هؤلاء النساء أزواجهن على تحمل الديون ويصابون بالإرهاق والاشمئزاز في محاولة تلبية المطالب غير المناسبة لزوجاتهم. في بعض الأحيان، يكون الحل الوحيد لهذه المشاكل بالنسبة للرجال هو طلب الطلاق أو حتى الانتحار.

النساء اللواتي لم يدركن الهدف الحقيقي للزواج ومعناه، وبدلاً من ذلك يعتبرن ذلك من منظور العبودية حيث يتم اكتساب الزوج لتلبية رغباتهم الطفولية واحتياجاتهم المادية، يريدون زوجاً يخدمهم كالعبد ولن يعترض على أسلوب الإنفاق المادي، هؤلاء النساء في بعض الأحيان يذهبن إلى أبعد من ذلك؛ إنهم يجعلون أزواجهن ينفقون أكثر من مواردهم مما قد يؤدي إلى الإفلاس والسجن وغير ذلك من العواقب الكارثية.

إن أعباء الحياة تثقل كاهل الرجال؛ لأنهم مسؤولون عن إعالة أسرهم، في سبيل الوفاء بهذه المسؤولية، يجب على رب الأسرة أن يواجه العديد من المشاكل والعقبات خارج المنزل، قد تكون بعض هذه المشاكل هي ضغوط العمل، ومتاعب المرور والتنقل من المكتب إلى المنزل، والمخاوف بشأن القضايا الاقتصادية والسياسية، والتعاطف والاهتمام بالأصدقاء والزملاء، وضغوط محاولة تحسين المعيشة لظروف عائلته، إن مقدار الانشغالات والضغوط التي يتعرض لها الرجل المسؤول ضخمة ومتعددة الأوجه، فلا عجب أن متوسط ​​عمر الرجل أقل من عمر المرأة.

المصدر: التعامل الأسري وفق الهدي النبوي، حنان قرقوتي، 2013المجتمع والأسرة في الإسلام،محمد طاهر الجوابي،2020أخلاقيات التعامل الأسري في السيرة النبوية، عبد الله بن ناصر السدحانالإرشاد الأسري، عبد العزيز، 2011


شارك المقالة: