مسلمات النظرة العلمية للسلوك الإنساني في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعتمد دراسة السلوك الإنساني على المنهج العلمي بنفس الطريقة التي تعتمد عليها مجالات البحث النفسي الأخرى، يطرح باحثو السلوك الإنساني البشري نظريات ثم يصممون تجارب لاختبار تلك النظريات تجريبياً، حيث إن المنهج العلمي هو بالتأكيد حجر الأساس لكيفية دراسة الناس في العالم الأكاديمي للسلوك الإنساني البشري، يمكن أن تتخذ الأساليب العلمية أشكالًا عديدة ويمكنها استجواب العديد من جوانب السلوك الإنساني البشري.

مسلمات النظرة العلمية للسلوك الإنساني في علم النفس

يدرس علماء النفس السلوك الإنساني البشري من خلال العديد من المجالات المختلفة في العلوم النفسية والاجتماعية، يرى علماء النفس إن علم السلوك الإنساني بدأ كرد فعل لعمل سيغموند فرويد، ففي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان فرويد يعمل مع السلوك الإنساني بطريقته الفريدة، مع التركيز على الدافع اللاواعي، كانت وجهة نظر فرويد أن سلوكنا النهائي كان مجرد علامة على الدوافع الإنسانية اللاواعية التي تدفعه، كرد فعل على ذلك طور علم النفس الأكاديمي في أوائل القرن العشرين ما نسميه مسلمات السلوكية.

كل هذا التحليل النفسي النظري هو مجرد أنه يجب أن ننظر في ما هو ما يمكننا قياسه وإثبات صحته بالفعل، إذن ما الذي يمكننا إثباته أكاديميًا وعلميًا؟ يمكننا مراقبة السلوك الإنساني ويمكننا التحكم في بعض العوامل الأساسية التي تقود هذا السلوك الإنساني، على سبيل المثال استخدام الثواب أو العقوبة، لقد قام علم النفس بتبسيط الأمر برمته لجعله موضوعيًا وتجريبيًا وعلميًا في السلوك الإنساني وقد امتد ذلك إلى العلاج لأن الناس لم يكتشفوا فقط كيفية فهم السلوك الإنساني ولكن تشكيل السلوك الإنساني فعليًا لتغيير السلوك فعليًا.

تعتبر بعض الجهود لتطبيق نتائج البحث النفسي في السلوك الإنساني التي قوبلت برد فعل عنيف من الأوساط الأكاديمية أحد التطبيقات العملية الناجحة الأولى لعلم النفس في أوائل القرن العشرين كانت الأعمال التجارية الكبيرة تقول والتي تعتبر مجال أكاديمي حول كيفية التحكم في سلوك الناس، فلقد أصبح نوعًا من ظاهرة داخلية داخل المجال أن نتساءل عما إذا كان ينبغي لنا بالفعل الخروج من الأوساط العلمية واستخدام هذه المعلومات في العالم الحقيقي وتطبيقها في السلوك الإنساني  بشكل عام.

أهم مسلمات النظرة العلمية للسلوك الإنساني في علم النفس

تتمثل أهم مسلمات النظرة العلمية للسلوك الإنساني في علم النفس من خلال ما يلي:

1- السلوكية أصل السلوك الإنساني

عندما نتساءل إذا كان السلوك الإنساني مرادف للسلوكية فنجد أن علماء النفس السلوكيين يجيبون بنعم، فإذا كنا نركز بشكل خاص على السلوك نفسه، بعيدًا عن العوامل المعرفية أو العاطفية الكامنة، فإن السلوكية هي أصل ذلك، على مستوى آخر إذا فكرنا في مصطلح السلوك الإنساني في الصورة الأوسع، فنحن بحاجة حقًا إلى مراعاة العوامل الأخرى مثل الدوافع الأساسية، والعوامل المعرفية، والعوامل العاطفية.

لذلك عادةً إذا كان شخص محدد يتحدث إلى طبيب نفساني ووضح أنه ينظر إلى السلوك الإنساني، فمن المحتمل أن يفكر معظمهم تلقائيًا في مجموعة من العوامل المختلفة التي تؤدي إلى أي سلوك معين.

2- قياس الأصول غير الملموسة

يمكن دراسة السلوك الإنساني علمياً لكن طرق القيام بذلك تختلف كثيرا اعتماداً على ما إذا كان تحقق في السلوكيات أو الكيفية والهواة وراءهم، ولكن حتى لو كانت إجابة سؤالنا الأولي هل يمكن دراسة السلوك الإنساني علميًا، نعم فهذا لا يعني أنه يمكن دراسته بسهولة، حيث يوضح علماء النفس أن السلوك هو جزء من علم النفس وهو الأسهل في التشغيل والدراسة علميًا.

لكن يوجد الإدراك والشعور الأسهل، ويوجد الإدراك والشعور الصعب للغاية، ولا يعتبر من المستحيل العثور على طرق إبداعية ومبتكرة لقياس هذه المفاهيم، مع أنه يشكل تحديًا كبيرًا للأشخاص المهتمين بإجراء بحث في السلوك الإنساني.

تم التوصل إلى العديد من النتائج في السلوكية من خلال دراسة حيوانات أخرى مثل الفئران، ولن يكون من غير العدل أن نتساءل كيف يمكن لمراقبة السلوك غير البشري أن ينير السلوك البشري، وفقًا لعلم النفس يمكن في الواقع افتراض أن معظم استجابات الثدييات الأساسية شائعة عبر الأنواع، لكن العثور على الدوافع غير المرئية وراء السلوكيات التي يمكن ملاحظتها يتحدى الباحثين لتصميم اختبارات شديدة التعقيد، غالبًا ما تكون استبيانات تُعطى لأعداد كبيرة من الأشخاص على مدى فترات طويلة من الزمن.

كثير منا على دراية باختبارات الشخصية في قياس الأصول غير الملموسة للسلوك الإنساني التي تضعنا في فئات، المفكرين أو التعبيرات والتقنيين أو المؤيدين والمراقبين، فقد يكون لهذه الاختبارات بعض القيمة في مساعدتنا على التفكير في أساليب التفكير الخاصة بنا، لكن بعض علماء النفس يتجنبون أي تأييد شامل لهذه الأدوات، تمر اختبارات علم النفس الجيدة حقًا عبر سنوات وسنوات من التطوير والبحث والضبط الدقيق.

3- الذكاء وكيف يمكننا استخدامه

يستشهد علماء النفس بالذكاء كمثال على ظاهرة داخلية محيرة بشكل خاص لمحاولة قياسها في السلوك الإنساني، حيث يخضع الذكاء لظاهرة التفعيل المتمثلة في أهمية وحقيقة وجود الذكاء وهل يحتاج للتعديل وهل يحتاج للقياس؟ وهذا ما نسميه بالتفعيل أي أخذ مفهوم وتحويله إلى شيء يمكن قياسه، لذلك قام علماء النفس بتطوير هذه الاختبارات الورقية والقلم الرصاص التي يقوم بها الأشخاص مع الأمل أن تلامس هذا المفهوم الأساسي للسلوك الإنساني.

يخضع اختبار معدل الذكاء أيضًا لظاهرة أخرى تُلاحظ في علم النفس تسمى التمهيدي، عندما يتم إعطاء بعض الاقتراحات للأشخاص قبل الاختبار فمن المرجح أن تعكس نتائج اختباراتهم الاقتراحات، حيث يشير علماء النفس إلى دراسات تظهر أنه إذا تم إخبار المتقدمين لاختبارات الذكاء مسبقًا أنه من غير المحتمل أن يسجلوا درجات عالية، فسيحصلون في الواقع على درجات أقل من الأشخاص الذين لم يتم إخبارهم بذلك.

4- الجانب السلبي للبيانات

نظرًا لصعوبة تصميم تجارب السلوك الإنساني، يحذر بعض علماء النفس من أن السعي وراء القابلية للقياس يمكن أن يخاطر بتوجيه جهود البحث نحو مسارات أقل سلامة، حيث قد تظهر دراسة نتائج ملموسة ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن النتائج ذات مغزى.

مثال الدراسة أجريت على الفئران التي كانت تتضور جوعاً لعدة أيام ثم قدمت الطعام على الجانب الآخر من الأرضية المكهربة، يمكن أن تنتج الدراسة بشكل أنيق مجموعات بيانات تقارن مستويات الجهد التي كانت الفئران على استعداد لتحملها بناءً على عدد أيام الجوع، لكن من الواضح إذا كان دافع الجوع موجود فسيكون أكثر تحفيزًا للحصول على الطعام وهذا أساسي جدًا للقيام بالسلوك الإنساني.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: