مشكلة التوجه النكوصي في الإرشاد النفسي

اقرأ في هذا المقال


من الطبيعي أن يقوم الفرد بكثير من التصرفات السلوكية والبوح بالمعتقدات الفكرية بصورة مختلفة تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، ولكن في كثير من الأحيان نجد أحد أفراد المجتمع قد تراجع وتنازل عن المرحلة العمرية التي يعيشها، ليعود إلى مرحلة عمرية سابقة من حيث القيام ببعض السلوكيات التي يرى أنها كانت إيجابية في السابق وتجلب له الكثير من الإيجاب، وهنا يأتي دور علم الإرشاد النفسي لإثبات مدى خطورة النكوص الفكري والسلوكي وما يترتّب عليه من تداعيات خطيرة على الشخصية تعمل على تأخرها وتأخر نموها بصورة طبيعية، حيث يقوم المرشد النفسي باتخاذ عدد من الإجراءات التي من شأنها المساعدة على التخلّص من هذه المشكلة النفسية الخطيرة.

متى يحدث التوجه النكوصي لدى المسترشدين

1. الحصول على شيء ما أو لفت الانتباه

عادةً ما يقوم صغار العمر بالبكاء عندما يرغبون في الحصول على أمر ما لا يستطيعون الحصول عليه أو يرفضون الأهل منحه لهم بسهولة، ولكن في مرحلة عمرية ما ينتقل هؤلاء الصغار من مرحلة البكاء إلى مرحلة العزلة وربّما الغضب، وكلن عندما يعتقدون بأن الغضب مثلاً لا يجدي نفعاً من أجل حصولهم على ما يرغبون يقومون باللجوء إلى البكاء ويتراجعون مرحلة عمرية كاملة في سبيل الحصول على ما يرغبون الحصول عليه، أو قد يقومون بالعزلة وقضم الأظافر أو الارتجاف كوسيلة يظهرون من خلالها للآخرين مدى رغبتهم في الحصول على هذا الشيء ولكن يتنازلون عن المرحلة العمرية التي هم فيها.

2. الشعور بالأمان من خلال استذكار الماضي

في بعض الحالات التي يقع من خلالها المسترشد في مشكلة نفسية لا يستطيع التعايش معها، يبدأ وقتها باستذكار الماضي أو مراحل الطفولة والحنين إليها في إشارة منه إلى التراجع الزمني إلى مراحل لا تتناسب مع واقعه الحالي، وهذا الشعور يأتي كرغبة في التنازل عن الواقع واستذكار الماضي الجميل الذي كان يشعره بالأمان والهدوء.

حيث يقوم بعض البالغين مثلاً بقضم أصابع يدهم عندما يشعرون بالتوتر كدلالة على الشعور بالراحة في تلك المرحلة عند القيام بهذا الأمر، أو قيام موظفة ما بالبكاء عندما تشعر بأنّ مديرها في العمل غاضب منها في انتكاص صريح للمرحلة العمرية التي تعيشها بحثاً عن التعبير عن هذه المشاعر بصورة أخرى.

3. الشعور بالإحباط

عندما يشعر المسترشد بأنه محبط فمن الطبيعي أن يقوم ببعض التصرفات ذات التوجه النكوصي التي لا تتوافق مع المرحلة العمرية التي هو فيها، فبعض كبار العمر يقومون على صبغ شعر رأسهم في محاولة منهم استذكار الماضي الجميل ورغبة منهم في الحصول على علاقة عاطفية أو ارتباطية جديدة، وتحصل هذه النكسات السلوكية مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض ذهنية وهي استجابة صريحة للإحباط.

لماذا يحدث التوجه النكوصي

يحدث التوجه النكوصي لدى المسترشدين عندما يشعرون بأنهم غير قادرين على إثبات ذاتهم أو إثبات وجهات نظرهم بصورة صحيحة، فيضطرون إلى التنازل الزمني عن المرحلة الزمنية التي يعيشون فيها ويهربون بصورة حقيقية نحو الماضي الذي ساعدهم كثيراً في الحصول على عدد من الامتيازات التي لا يستطيعون الحصول عليها في حياتهم الحالية، وهذا الامر من شأنه ان يزيد من التزاجعات الفكرية والنفسية لدى المسترشد ورغبته الدائمة في الابتعاد عن الواقع وبالتالي عدم القدرة على فهم ما يدور حوله من أحداث كونهم لا يرغب في أن يكون جزءاً منها خوفاً من الفشل المجتمعي أو البدء بلوم الذات من جديد.

يحدث التوجه النكوصي لدى الأفراد عندما يبدأون بالشعور بأنهم غير قادرين على تحقيق المتطلبات الفكرة والنفسية الحالية وغير قادرين على النجاح بصورة صحيحة، فيبدأون بعمل أشياء غير متوقعة وهي من الأمور التي تزيد من الاضطرابات النفسية لديهم وتجعلهم عرضة إلى السخرية والانتقاد المجتمعي بصورة كبيرة، وخاصة إن كانوا من فئة الشباب أو كبار العمر.

ولكن عادة ما يحدث التوجه النكوصي مع الأشخاص صغار العمر الذين لا يملكون القرة على إثبات وجهات نظرهم أو لا يستطيعون الحصول على متطلباتهم في مرحلة عمرية ما فيبدأون بالبكاء أو الهرب من المنزل كإشارة إلى الرغبة في الحصول على هذا الشيء، علماً أنّهم قد قاموا بهذا الأمر لأنهم يعتقدون بأنه كان يجدي نفعاً في مرحلة عمرية ما في الماضي.

المصدر: أساسيات الإرشاد النفسي والتربوي، عبدالله أبو زعيزع، 2009. الإرشاد النفسي لأسر الأطفال غير العاديين، دكتور مصطفى حسن أحمد، 1996. الإرشاد النفسي عبر مراحل العمر، الأستاذ محمد ملحم، 2015. الإرشاد النفسي للصغار والكبار، عبد الرقيب أحمد البحيري.


شارك المقالة: