مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي:

يشير مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي بشكل عام إلى فكرة أن الناس ينزعجون عندما يتم تهديد حريتهم أو القضاء عليها، لدرجة أنهم يحاولون إعادة تأكيد حريتهم المفقودة، حيث ترتبط النظرية بفكرة أن البشر لديهم الدافع لامتلاك والحفاظ على أكبر عدد ممكن من الخيارات والقرارات، وعندما يتم تقييد خيارات الناس فإنهم يعانون من عواقب عاطفية مكروهة.

مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي تشبه إلى حد بعيد فكرة الشخص العادي عن علم النفس العكسي حيث يميل البشر إلى فعل عكس ما يُطلب منهم، مثل أن يأمر شخص أو مصدر خارجي بفعل شيء ما يعني أن شخصًا ما يحاول الحد من حريته، حيث يشير التفاعل أيضًا إلى فكرة أن الناس سيريدون شيئًا أكثر إذا قيل لهم إنهم لا يستطيعون الحصول عليه، نتيجة لذلك قد يتصرف البشر بطريقة تعارض المقاومة المقدمة لحريتهم.

خلفية وتاريخ مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي:

تم اقتراح نظرية التفاعل النفسي لأول مرة من قبل عالم النفس الاجتماعي جاك بريهم في عام (1966)، حيث لا تزال نظرية التفاعل واحدة من النظريات النفسية الأساسية، التي قد صمدت لعقود من الاختبارات النفسية ويمكن تطبيقها على العديد من جوانب السلوك الإنساني البشري.

تعتبر نظرية التفاعل مهمة لأنها تسلط الضوء على حاجة الناس للسيطرة، وحرية التصرف والاختيار، وكذلك رغبة الناس في الحفاظ على أكبر عدد ممكن من الخيارات، في الواقع تم ابتكار النظرية خلال عقد من الزمن عندما كان الناس يدافعون باستمرار عن حرية الاختيار والعمل ويتجمعون حولها، حيث لاحظ بريهم أن البشر يتفاعلون بقوة مع وجود خيارات في الاستبعاد بفعل القوى الخارجية، ويصبحون مستاءين للغاية ويتخذون إجراءات للحفاظ على أو استعادة الخيارات المفقودة.

لاحظ العديد من علماء النفس أن البشر لديهم نفور قوي جدًا من الخسارة، سواء في الخيارات أو القرارات، ففي الأساس يقدر البشر الحرية بشكل كبير، أي إنهم يحبون امتلاك الخيارات لدرجة أنهم سيتكبدون تكاليف على أنفسهم فقط للحفاظ على الخيارات، حتى لو لم تكن الخيارات التي يبقونها مفتوحة بهذه الأهمية أو المربحة.

تسلط نظرية التفاعل الضوء على حقيقة بسيطة ولكنها مهمة والتي تتمثل في أن الناس يقدرون حريتهم عندما تتعرض حرية السلوك الإنساني والاختيار للتهديد، سينخرط الناس في سلوك إنساني واضح ومتحمس، مصمم لاتخاذ القرارات والخطوات التي من شأنها إعادة تأكيد تلك الحرية واستعادتها.

يمكن توضيح مثال دقيق من خلال إحدى الدراسات الأصلية حول التفاعل في البحث النفسي، حيث طُلب من المشاركين تقييم سلسلة من السجلات ثم سرد الثلاثة الأكثر رغبًا فيها، الأهم من ذلك تم وعد المشاركين بأنه يمكنهم الاحتفاظ بأحد السجلات، بعد ترتيب أفضل ثلاثة اختيارات وقرارات متوفرة، تم إخبار المشاركين أن خيارهم الثالث غير متاح، وجد الباحثين أنه عندما طُلب من المشاركين تقييم السجلات مرة أخرى، فإن الخيار الذي لم يعد متاحًا سيُصنف على أنه أكثر جاذبية مما كان عليه في الأصل؛ ببساطة لأن الخيار لم يعد متاحًا فقد قدره الناس بالفعل أكثر.

عواقب مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي:

عندما يتفاعل الناس ينفعلون، أي أنهم يصبحون مستائين أو مكتئبين أو غاضبين أو مشحونين عاطفياً، فعلى مدى عقود تمكن الباحثين من تحديد ثلاث طرق رئيسية يوجه بها الناس هذه الإثارة، حيث تُعرف هذه بالعواقب الرئيسية للتفاعل النفسي في علم النفس الاجتماعي، والتي يمكن توضيحها من خلال ما يلي:

1- الجاذبية:

يصبح الشيء أو الفعل أو الحرية أكثر جاذبية بعد القضاء عليه أو التهديد به، أي أن الرغبة في هذا السلوك أو الكائن ستزداد، كما رأينا في المثال السابق، تنطبق هذه النتيجة أيضًا على أشياء مثل الأشخاص والسلوكيات وليس الأشياء فقط، على سبيل المثال المراهقين الذين أخبرهم آباؤهم أنهم لا يستطيعون حضور حفلة في عطلة نهاية الأسبوع يريدون الذهاب إلى تلك الحفلة أكثر من قبل أن يقيد آباؤهم سلوك المراهقين، حتى لو لم يكن لدى المراهقين في الأصل نية لحضور الحفلة، فبمجرد إخبارهم بأنهم لا يستطيعون ذلك سيرغبون في الذهاب إلى الحفلة أكثر من ذي قبل.

2- الانخراط السلوكي:

سينخرط الناس في محاولات سلوكية لإعادة تأكيد الحرية المهددة أو الملغاة، بمعنى أن الشخص سيحاول استعادة حريته أو خياراته، وفقًا لنظرية التفاعل عندما يمنع الآباء المراهقين من حضور الحفلة، ينخرط المراهقين في سلوكيات يعتقدون أنها ستزيد من فرصهم في استعادة خياراتهم.

على سبيل المثال قد يبدأون في الجدال مع والديهم حول الفوائد الناتجة عن حضور الحفلة مثل القبول الاجتماعي، والتكاليف التي ستنتج مثل الاستبعاد الاجتماعي، كونه الوحيد في الفصل الذي لا يحضر لحضور الحفلة، وبالتالي سيحاول المراهقين استعادة القدرة على حضور الحفلة.

غالبًا ما ينخرط الأشخاص في نفس السلوك الذي تم تهديده أو القضاء عليه، وبالتالي إذا لم يتمكن المراهقين من إقناع والديهم بالسماح لهم بالرحيل، فقد يذهبون على أي حال إما عن طريق التسلل خارج المنزل أو التظاهر بفعل شيء آخر، مثل الذهاب إلى منزل صديق محترم.

3- السلوك المعادي:

قد تدفع التفاعل الناس إلى الشعور أو التصرف بعدوانية تجاه الشخص الذي يحاول تقييد حريتهم من خلال إظهار السلوك المعادي، مثل الأفكار العدوانية التي تنتج عن فرد قد حكم عليه بتصرفات لم يقم بها مما توجب عليه أن يكون تحت نوع من العقاب.

التأثيرات على درجة مفهوم التفاعل في علم النفس الاجتماعي:

حجم التفاعل ليس هو نفسه تمامًا لكل شخص ولا لكل حالة، بل يعتمد على عدة عوامل رئيسية تتمثل في تحدد أهمية الإجراء أو الاختيار درجة التفاعل مع الخسارة، وهذا يعني أنه عندما يكون هناك شيء مهم جدًا لشخص ما في خطر، فمن المحتمل أن يواجه هذا الشخص تفاعلًا أقوى أي زيادة الإثارة ومحاولة متزايدة للاستعادة، على سبيل المثال من المحتمل أن يقدّر الطلاب الراغبين في التسجيل في دورة ما التسجيل فيها أكثر إذا كان مطلوبًا للتخرج منها إذا كان مجرد مادة اختيارية.

وبالتالي إذا كان مطلوبًا التخرج ولم يتمكنوا من التسجيل فيها؛ لأن الدورة ممتلئة فسوف يتفاعلون بقوة أكبر مما لو كانوا يريدون أن يأخذوها ببساطة على أنها اختيارية، وعلاوةً على ذلك إذا لم يتم استبعاد خيار أو سلوك، ولكن تم التهديد بسحبها فقط، فإن الحجم المتصور للتهديد أي إذا كان هناك تهديد فقط سيحدد قوة رد الفعل الذي يمر به الشخص، إذا كان التهديد قويًا بشكل صارخ، فسيختبر الشخص تفاعلًا نفسيًا أقوى ردًا على التهديد.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: