قضايا المفاهيم العلمية في عملية التعليم

اقرأ في هذا المقال


ما هي المفاهيم العلمية؟

يقصد بالمفاهيم العلمية: بأنها تمثيلات عقلية منهجية للعالم الطبيعي، ولها مكانة ودور مركزي في العلوم، قد تتوافق مع كيانات يمكن ملاحظتها، مثل أشكال طبيعية وتضاريس كالجبال وغيرها، إلى كيانات غير مرئية مثل الذرّة أو الجين، أو يمكن أن تكون مرتبطة بعمليات مثل التمثيل الضوئي أو التكيف نتيجة لذلك، يجب أن يتضمن أي نوع من التحدث حول مفاهيم العلمية ويجب أن يكون معناها واضحًا، ومع ذلك لا ينبغي أن يؤخذ هذا على أنه بديهي لا في تعليم العلوم ولا في العلوم نفسها.

ما هي القضايا المتعلقة بالمفاهيم العلمية؟

من الضروري أن ينظر معلمو العلوم بعناية في هذه القضايا ويشرحونها للطلاب ويمتنعوا عن التسليم بأن معنى المفاهيم واضح، وأن الغموض والتناقضات والتنوع في معنى المفاهيم ممكنة دائمًا.

على الرغم من أنه من الضروري أن تكون لدينا لغة مشتركة من أجل التواصل، وعلى الرغم من أنه من غير الممكن إجراء تحليل مفاهيمي في كل مرة يتحدث فيها المعلم عن المفاهيم فمن الضروري مع ذلك أن يكون على دراية بأوجه الغموض والتناقضات ذات الصلة  والاختلاف، وينبغي العمل على إعادة النظر بعناية في معنى المفاهيم في تعليم العلوم، من أجل ضمان فهم عميق لها.

ويمكن حدوث بعض الغموض في المفاهيم العلمية، وذلك بسبب السمات المتأصلة في المفاهيم نفسها، حيث أن هناك ثلاث قضايا على الأقل يجب وضعها في الاعتبار، وتتمثل هذه في أن معنى مصطلحات معينة في اللغة العامية يختلف عن المفاهيم العلمية المعنية، وأن العديد من المفاهيم العلمية عبارة عن استعارات أو تتعلق بها، وأن نفس المفهوم العلمي يمكن أن يكون له معان مختلفة في سياقات علمية مختلفة.

المسألة الأولى تتعلق بالمعنى العام للكلمات: يشير مصطلح التكيف بالمعنى اليومي للمصطلح إلى تعديل شيء ما، من أجل أن يناسب شيئًا آخر، في معظم حالات الاستخدام العامية للمصطلح يتعلق التكيف بعملية تغيير واعية تحدث من أجل أن يصبح الشيء مناسبًا لظروف أو استخدامات محددة.

تختلف هذه الفكرة تمامًا عن المفهوم العلمي للتكيف، والذي يشير إلى عملية تغيير غير واعية يتكيف من خلالها السكان وليس الأفراد، لأن الأفراد الذين لديهم سمة معينة تمنح ميزة في بيئة معينة تفوق عدد الأفراد الذين لا يمتلكونها، وتوصف هذه السمات المفيدة أيضًا بأنها تكيفات، لذلك لكي يفهم الطلاب المفهوم العلمي للتكيف.

لا يحتاج المعلمون فقط إلى شرح المعنى العلمي بوضوح الذي لا علاقة له بالنوايا، ولكن أيضًا مقارنته بالمفهوم العامي المتعلق بالقصد، وخلاف ذلك يمكن للطلاب توسيع المعنى العام للمصطلح، الذي من المحتمل أن يكونوا على دراية به، لاستخدامه العلمي ويعتقدون أن التكيف هو عملية مقصودة.

المسألة الثانية تتعلق باستخدام الاستعارات: الاستعارات شائعة جدًا في العلم لأنه من أجل تمثيل أو شرح شيء لا نفهمه تمامًا، غالبًا ما يكون من الأسهل الإشارة إلى شيء آخر يعتبر له خصائص مماثلة، على سبيل المثال يشير علماء بيولوجيا الخلية إلى إشارات البروتينات وإلى بروتينات، والمستقبلات لوصف تفاعلاتها الكيميائية التي تحدث تغييرات في حالة الخلية، في حين أن البروتينين يتفاعلان كيميائيًا ببساطة، يتم وصفهما على أنهما إشارات و مستقبلات، لأن نتيجة هذا التفاعل هي تغيير  أو سلسلة من التغييرات داخل الخلية.

وبناء على ذلك يصف العلماء البروتين الذي يصنع الفرق في إحداث هذه التغييرات بأنه بروتين مؤشر، كما لو أن هذا البروتين ينقل إشارة لبدء هذه التغييرات، ويصفون أيضًا البروتين الآخر بأنه مُستقبل لأنه يبدو كما لو أنه يتلقى الإشارة المنقولة بواسطة البروتين الآخر، وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو واضحًا ومباشرًا، فقد تكون هناك مشاكل في الفهم.

قد يعتقد الطلاب على سبيل المثال أن هذه البروتينات لديها هدف لأداء دورها بطريقة واعية، ومع ذلك ليس فقط هذه البروتينات ليس لديها أي نوايا ولكن أيضًا تفاعلاتها والتغييرات اللاحقة تعتمد على عدة جزيئات أخرى من حولها، تكمن المشكلة هنا في أن المرء قد يركز كثيرًا على تفاعل مستقبل الإشارة وسوء فهم.

إن السياق الخلوي الأوسع الذي تحدث فيه التفاعلات الكيميائية بين هذين البروتينين واستقبال الإشارة هو شيء يدركه البشر ويستخدمونه لوصف العملية، ولكن ليس شيئًا يحدث بالفعل.

المسألة الأخيرة تتعلق بمعنى مفهوم معين في مختلف التخصصات الفرعية:

على سبيل المثال، قد يركز علماء الوراثة السكانية على ترددات آليلات معينة في مجموعات سكانية معينة، ويشيرون إلى الجينات المعنية كعوامل تؤثر أو مرتبطة ببعض السمات المظهرية، في المقابل قد يشير علماء الأحياء الجزيئية إلى هذه الجينات نفسها تمامًا مثل أجزاء الحمض النووي التي تقود المعلومات لإنتاج جزيء بروتين في RNA.

إن سبب اهتمامهم بهذه العمليات الجزيئية أو غيرها من العمليات الجزيئية ذات الصلة، لأن المراجع في هذه التعريفات قد تتداخل ولكن ليس من الضروري أن تتداخل فقد يحدث سوء تفاهم، يمكن أن يرتبط العامل الذي يؤثر على سمة ما بجين، ولكن يمكن أيضًا أن يكون مرتبطًا بتسلسل خارج الجينات.

وبالتالي قد لا يشير مفهوم الجين لعلماء الأحياء الجزيئية وعلماء الوراثة السكانية إلى نفس الكيان، لذلك من المهم توضيح ما يشير إليه المرء بالضبط؛ لأن العلماء المختلفين قد يفكرون في معاني مختلفة لنفس المفهوم، يجب توضيح هذه المعاني المختلفة إذا كنا نهدف إلى الفهم المفاهيمي.

المصدر: طرق التدريس العامة تخطيطها وتطبيقاتها التربوية، وليد أحمد جابر، ط 2005-1425.استراتيجيات التدريس الحديثة، د إيمان محمد سحتوت، د زينب عباس جعفر.تحليل المحتوى في المناهج والكتب الدراسية، د ناصر أحمد الخوالدة.نظريات المناهج التربوية، د على أحمد مدكور.


شارك المقالة: