لمذا نقاوم التغيير حسب تفسير علم النفس

اقرأ في هذا المقال


نحن ندرك أن التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة، ومع ذلك نريد أن نتغير ونبقى على حالنا في نفس الوقت، أو نفعل نفس الأشياء، يولد هذا الانقسام مقاومة غالبًا على مستوى اللاوعي، حيث أن معظمنا لا يفهم حاجته للتغير، وفي بعض الظروف قد لا يكون لدينا واضحًا تمامًا أنه من الضروري التغيير، خاصة إذا شعرنا بالأمان والراحة نسبيًا في منطقة الراحة الخاصة بنا، إذا اعتقدنا أن الأشياء التي قمنا بها لسنوات عديدة ستستمر في العمل ولا توجد أسباب للتغيير فنحن نعارض أي تحول.

مقاومة التغيير في علم النفس

مفهوم مقاومة التغيير في علم النفس معروف جيدًا لكن مقاومة التغيير الشخصي هي فكرة أقل شيوعًا، على الرغم من أنها لا تقل أهمية، ففي علم النفس يشير مفهوم مقاومة التغيير إلى الأشخاص الذين يعانون من قلق عاطفي ناجم عن احتمال حدوث تحول أو تغيير يحدث، خلال السنوات الأولى لعلم النفس تم تحليل مقاومة التغيير الفردي ببساطة على أنها مشكلة تحفيزية، لذلك كان يعتقد أن القضاء على هذه المقاومة يكفي لإقناع الأشخاص لتحفيز أنفسهم.

نحن نعلم الآن أنه عندما يقاوم شخص ما التغيير فهناك العديد من المجالات الإشكالية المتعلقة بسمات الشخصية أو قصص الحياة أو الوضع الحالي، من هذا المنظور فإن مقاومة التغيير الشخصي هي فرصة رائعة للنظر بداخلنا، ففي الواقع يمكننا أن نشعر بالحافز للتغيير، ولكن إذا كان هناك شيء يبقينا مثل الخوف، فلن يكون الدافع كافياً للتغلب على المقاومة، هذا هو السبب في أن التغيير هو دائمًا فرصة لاكتشاف الذات.

مراحل مقاومة التغيير في علم النفس

اقترح كوبلر روس دورة عاطفية يتبعها الناس في حالات معينة، والتي تنطبق في مقاومة التغيير في علم النفس، حيث تتمثل من خلال ما يلي:

مرحلة الصدمة

تعتبر مرحلة الصدمة بمثابة حالة الشلل أو العائق الأولي عندما نعرض أنفسنا لأول مرة لمنظور التغيير، في هذه الحالة لا نتفاعل عادةً حتى يعتقد الآخرين أننا قبلنا التغيير عن طيب خاطر، لكن ما يحدث في الواقع هو أن نظامنا العاطفي تجمد عقلنا والعقلاني لم يعالج بعد التغيير وما يعنيه، إلى الحد الذي نأخذه يمكننا تجربة أزمة قلق أو ردود فعل جسدية أخرى.

المرحلة السلبية

في المرحلة السلبية ننكر التغيير وهذا يعني إغلاق أعيننا أمام الواقع وأي دليل على أن التحول ضروري أو يحدث، وفي العادة نستمر في حياتنا وكأن شيئًا لم يحدث مع الادعاء الساذج بأن الحاجة إلى التغيير تختفي؛ هذا لأننا من خلال استيعاب روتين اليومي نستعيد الشعور بالسيطرة.

مرحلة الغضب

تتمثل مرحلة الغضب عندما لا نتمكن من إنكار التغيير فإن الشيء الأكثر شيوعًا هو الرد بالغضب والإحباط والغضب، في هذه المرحلة تظهر كل المشاعر المكبوتة في المراحل السابقة، وفي هذه المرحلة نسأل أنفسنا أيضًا لماذا يحدث هذا لي فقط؟

مرحلة التفاوض

تعتبر مرحلة التفاوض مرحلة سنحاول فيها إيجاد مخرج، على الرغم من أنها عادة ما تكون غير مجدية لأننا ما زلنا نكافح من أجل التغيير، في هذه المرحلة من مرحلة التفاوض لم نقبل التغيير بعد لكننا نحاول إيجاد طريقة لتجنبه.

مرحلة الاكتئاب

يتم في مرحلة الاكتئاب أن نقبل أخيرًا أن التغيير أمر لا مفر منه، لكننا لا نقبل ذلك ويمكننا أن نشعر بالاكتئاب أو الغضب.

مرحلة الاختبار

تعتبر مرحلة الاختبار هي مرحلة تختفي فيها مقاومة التغيير أخيرًا لأننا ندرك أنه يتعين علينا الرد، ثم نبدأ في البحث عن حلول واقعية ونماذج جديدة للتعامل مع الواقع، في هذه المرحلة نبدأ تجارب صغيرة تقربنا من التغيير وتسمح لنا بمراقبته من منظور جديد.

مرحلة القبول

تعتبر مرحلة القبول هي المرحلة الأخيرة التي نعود فيها لإيجاد التوازن الذي فقد مع التغيير، فقد نجد وننفذ نماذج جديدة للسلوك الإنساني التكيفي تساعدنا على إعادة بناء هويتنا في ظروف جديدة.

عوامل مقاومة التغيير في علم النفس

تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في الخوف من المجهول، حيث أن الخوف مما لا نعرفه وعدم اليقين هو أحد الأسباب الرئيسية لمقاومة التغيير، كقاعدة عامة نقفز إلى المجهول فقط إذا اعتقدنا أن ما ينتظرنا يستحق ذلك، ولكن إذا لم نكن متأكدين مما سنجده، فسيكون من الصعب جدًا علينا التخلي عن موقفنا حيث نشعر بالأمان وكل شيء تحت السيطرة نسبيًا.

تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في قلة الخبرة والخوف من الفشل، إنه عامل مقاومة للتغيير لا يعترف به سوى قلة من الناس ولكنه أساس هذا الخوف، حيث أنه عندما نعتقد أننا لا نمتلك المهارات أو القدرات أو نقاط القوة اللازمة للتعامل مع التحول فإننا غالبًا لا نتعرف عليه لكننا نتفاعل بمقاومة التحول.

تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في التعلق بالعادات، فإذا قمنا بأشياء بطريقة ما لفترة طويلة فسيكون من الصعب للغاية تغيير هذه النماذج، إنها ليست مجرد عادات سلوك ولكنها أيضًا طرق للتواصل أو التفكير أو الشعور، هذا يرجع من بين أمور أخرى إلى حقيقة أنه يوجد في دماغنا بالفعل طرق سريعة عصبية تعمل من خلالها هذه العادات بسرعة، لذا يتطلب التغيير أن نبني طرقًا جديدة ويميل دماغنا عادةً إلى تطبيق قانون الحد الأدنى من الجهد.

تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في الفرض فعندما ندرك أن التغيير مفروض من قبل شخص ما وأنه لا يحق لنا التحدث، يكون رد الفعل الأول عادة هو الرفض، ومعظم الناس لا يحبون التغييرات المفروضة، لذلك إذا لم تتم استشارتهم فإن الرغبة في التغيير ستكون ضئيلة، وتتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في الإرهاق والتشبع، ففي كثير من الحالات ترجع مقاومة التغيير إلى حقيقة أنه تم تجاوز مستوى تحمل التغيير، أي أن الشخص قد خضع للعديد من التحولات التي طورت رفضًا لها بسبب الإرهاق والتشبع.

تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في التنافر المعرفي، ففي بعض الحالات يكون التغيير نقطة فاصلة مع بعض معتقداتنا أو آرائنا مما يخلق تنافرًا معرفيًا لا نرغب في افتراضه، وتتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في ضعف الدافع حيث يتطلب كل تغيير دائمًا تعبئة موارد معينة لذلك إذا لم يكن لدينا الدافع الكافي أو إذا لم يكن هذا دافعًا جوهريًا فسنقاوم هذا التحول.

تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في الوقت الخطأ، ففي كثير من الحالات تحدث مقاومة التغيير بسبب حقيقة أن التغيير يأتي في لحظة سلبية في الحياة، قد يكون ذلك الشخص يمر بموقف صعب أو لديه مشاريع أخرى وليس مستعدًا لمواجهة تغيير آخر، تتمثل عوامل مقاومة التغيير في علم النفس في الاستعداد الشخصي للتغيير وهناك شخصيات أكثر استعدادًا للتغيير بينما يرتبط الآخرين بما يعرفونه، الشخصيات العصابية ذات موضع التحكم الداخلي وقلة تحمل الغموض أكثر مقاومة للتغيير.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: