نظرية المعرفة الفضيلة لماريا منتسوري

اقرأ في هذا المقال


توضح الدراسات كيف يمكن لفكر ماريا منتسوري أن يُثري نظرية المعرفة الفضيلة المعاصرة بعد نظرة عامة موجزة عن نظرتها المعرفية التجريبية المهتمة بإطار العمل، ويتم مناقشة أربع فضائل فكرية تمثيلية وهي: حِدّة الحواس والبراعة الجسدية والحب الفكري والتواضع الفكري.

نظرية المعرفة الفضيلة لماريا منتسوري

طوال الوقت أظهرت ماريا منتسوري كيف يعمل نظام منتسوري على سدّ الفجوة بين المقاربات الموثوقة والمسؤولة عن الفضائل، وكيف تقدّم معالجاتها الخاصة للفضائل بدائل مميزة ومقنعة للحسابات المعاصرة، وهكذا  على سبيل المثال تؤكد على أن حدة الحس هي فضيلة التي يمكن للمرء أن يكون مسؤولاً.

وتسلط الضوء على الطبيعة المجسدة للإدراك من خلال التركيز على البراعة الجسدية، وتفسر الحب الفكري على إنه طريقة لمحبة العالم بدلاً من كونها الحب الذي يأخذ المعرفة كموضوع لها، وتقدم حسابًا بديلاً للفكر والتواضع للتأكيدات المعاصرة على الأبعاد الشخصية لهذه الفضيلة.

وتوضح هذه الدراسات كيف يمكن لفكر ماريا منتسوري أن يثري الفضيلة المعاصرة لنظرية المعرفة على الرغم من أن منتسوري درست الفلسفة تحت إشراف بعض الرواد وفلاسفة زمانها، وشاركت بنشاط مع فكر الفلاسفة مثل دي نيتشه والسير جيمس.

فهي لا تُعرف عمومًا بالفيلسوفة مع تركيز حياتها على الأطفال والإصلاح التربوي والعدالة الاجتماعية؛ وقد تبدو مساعيها الفكرية بعيدة بشكل خاص من هموم نظرية المعرفة الفضيلة المعاصرة، وفي الواقع فإنها لا تُبدي اهتمامًا كبيرًا بالمشكلات المعرفية القياسية مثل الشك أو التحديد الدقيق للمعرفة.

ومع ذلك في كل من أصولها التربوية ومناقشاتها حول تاريخ العلم، تناقش منتسوري باستمرار طبيعة وغرس الفهم، والتطور في السنوات الأخيرة من نظرية المعرفة الفضيلة، والتي تسعى إلى خدمة المجتمعات الفكرية إلى حد بعيد ما وراء حدود نظرية المعرفة المعاصرة وتعميق الإنسانية، وتفتح نظرية المعرفة مساحة للتفكير في منتسوري.

وباعتبارها عالمة المعرفة في تقليد الفضيلة فهذا الاتجاه الموجه نحو التعليم بقوة الكثير من نظرية المعرفة الفضيلة الحديثة يفتح الباب على نطاق أوسع للرؤى المُستقاة من أحد كبار التربويين في القرن العشرين، وتعتبر رؤية منتسوري على أنها عالمة معرفة فضيلة أمرًا سهلاً بشكل خاص لعدة أسباب، وتعتبر نظريتها المعرفية جزءًا من اهتمامها التربوي بتربية الأطفال ليكونوا ممتازين بالعوامل المعرفية.

كما أنها تضع المعرفة وتحقيق الحقيقة في النطاق الأوسع لإطار كليات البشر المعرفية وميولهم وفضائلهم، ولها نهج المعرف وحتى أكثر من الفهم، ويتوافق مع جوهر الفضيلة بالالتزام المعرفي لتحديد التركيز الأساسي للتقييم المعرفي في الوكلاء والمجتمعات الفكرية، والسمات المكونة لشخصية إدراكهم.

كما أنها توضح بالتفصيل العديد من الفضائل المعرفية المركزية، بما في ذلك ما يسمى بفضائل الشخصية مثل التواضع والصبر بالإضافة إلى فضائل الكلية مثل حِدّة الحس أو الخيال الإبداعي، ومُتّسقة مع منهجية مشتركة التي تفضل مزيج من التحليل التجريدي والشظايا السردية.

وتشرح وتدافع عن أهمية مختلف الفضائل بشكل عام والمصطلحات الفلسفية ومع إشارة محددة إلى أمثلة مهمة، لا سيما من تاريخ العلم وحياة الأطفال، ولا تتوقع منتسوري فقط نظرية المعرفة الفضيلة المعاصرة، فهي تصنع التحركات الفلسفية التي يمكن أن تساهم فيها.

وربما الأهم من ذلك هي التفاصيل والمبادئ التربوية والمواد الملموسة لزراعة التميز المعرفي، وهي أيضاً تضع نظرية المعرفة الفضيلة في سياق المناهج التجريبية المهتمة والتي تدعمها حسابات الفضيلة الفكرية بشكل عام ومختلف الفضائل الخاصة.

وتركز هذه الدراسات بشكل ضيق على توصيفات منتسوري للفضائل الفردية، مما يوضح مدى اهتمامها لتفاصيل عن نمو الأطفال وإطارها المعرفي الشامل الذي يمنحها التميز وروايات معقولة عن مختلف الفضائل المعرفية، وقبل تطوير هذه الحسابات الخاصة لابد من شرح بإيجاز نظريتها المعرفية الشاملة.

نظرية منتسوري المهتمة بالتجربة

هناك الملايين من العناصر من النظام الخارجي موجودة في الحواس وهي ليست أبدًا بشكل صحيح تدخل في التجربة، لماذا؟ لأنهم لا يهتمون به، بينما تهدف هذه الدراسة إلى وضع نظرية المعرفة الكاملة لمنتسوري داخل التجربة، وهناك ثلاث سمات مهمة لإطارها المعرفي وخلفية لمناقشاتها حول فضائل معينة:

أولاً، منتسوري هو النظام الذي يهتم بالتجربة عن طريق الحواس بما في ذلك الحس الداخلي، وعلى أنها أساس الكائن الفكري بأكمله، بحيث لا يمكن أن تكون هنا أفكارًا ولا خيالًا، ولا أي بناء فكري، وإذا كانت لا تفترض نشاطًا للحواس كما هو الحال مع التجريبيين مثل السير هيوم.

وإن العمل الأساسي للتفكير يتم إجراؤه بواسطة الخيال، ويحكمه جميع الأفكار؛ وعمليات التجريد والاستدلال متجذرة بشكل أساسي في توسع الخيال بدلاً من بعض أعضاء هيئة التدريس المنفصلة للعقل.

ثانياً، تعتمد الحواس والخيال على الاهتمامات المختلفة في الأشياء وتحكمها الدراسة في العالم، ولا يتم كل شيء ولكن فقط بعض الأشياء التي تناسبها.

وتحدد الاهتمامات كلاً من التصورات الحسية الأساسية، مثل تلك المحفزات التي سوف تروق للحواس عبثًا، إذا كان هناك نقص في التعاون الداخلي للانتباه والجمعيات والأفكار اللاحقة التي يتم إجرائها على أساس تلك الأحاسيس.

ثالثًا، ترى منتسوري كل نشاط معرفي في سياق التنمية التي يعززها التمرين، حتى أبسط المعارف لدى البشر كالقدرات والحواس وتتطور فقط من خلال الأنشطة الموجهة وفقًا لمصالح الإنسان.

وتؤثر سمات نظرية المعرفة لمنتسوري على مفهومها للفضائل المعرفية، على سبيل المثال فإن علماء المعرفة المعاصرين للفضيلة هم عمومًا إما مؤمنون بالفضيلة، والتركيز على الكليات المعرفية الأساسية التي تؤدي ممارستها الموثوقة إلى المعرفة أو مسؤولي الفضيلة، الذين يؤكدون على سمات الشخصية التي يعرفها العارفون ويمكن تحميلها المسؤولية.

وتشمل الفضائل الموثوقية المعيارية الصفات المكتسبة التي تساعد على الحقيقة والسمات الفطرية المفترضة مثل حِدّة الحس الأساسية والرؤية والذاكرة، ويؤكد المستجيبون على فضائل مثل الانفتاح والفكر والشجاعة وحب المعرفة والتواضع الفكري ونحو ذلك، وعلى نحو متزايد المعلقين الذين يرون موثوقية الفضيلة كافية بشكل خاص للمعرفة المنخفضة الدرجة مثل المعرفة الحسية والمسؤولية الأساسية الأكثر ملاءمة للمعرفة عالية الدرجة مثل التقدم العلمي.

وإن فضائل منتسوري الفكرية هي فطريًا قدرات تنموية ممكنة تم تطويره وتحديده من خلال نشاط فكري مهتم، حيث يأتي الشخص أو يميل إلى المجيء للانخراط فكريًا بالواقع بامتياز، وتشير نظرية منتسوري المهتمة بالتجربة إلى أن المركزية لأي نظرية معرفية لفضيلة منتسوري ستكون وصفًا لها التفوق الحسي، كما هو الحال بالنسبة لفضيلة المعتمدين، ولكن بما يتفق مع نظرية المعرفة الفضيلة لمنتسوري المهتمة بالتجربة التي ترفض أي إدراك مستقل تمامًا عن الإرادة، فهي ترى كل الفضائل المعرفية.

المصدر: الأفكار الأساسية لنظرية مونتيسوري التعليمية، مقتطفات من تعاليم وكتابات ماريا مونتيسوري، ماريا مونتيسوري، مكتبة دار الكلمة، 2017طريقة مونتيسوري المتقدمة، ماريا منتسوري، مكتبة دار الكلمة 2003مونتيسوري من البداية، الطفل في البيت من الميلاد حتى سن الثالثة، مكتبة دار الكلمة، 2006أنشطة منتسوري للأطفال، منجود علي مهدي، 2006


شارك المقالة: