قلعة جبل الملح في اليمن

اقرأ في هذا المقال


يقع جبل الملح على بعد حوالي (13كم) من مدينة اللْحية الساحلية، ويتم والوصول إليه بواسطة الطريق الاسفلتي الرابط بين مدينتي الزُهرة واللُحية، وهذا الجبل في الأصل مجموعة من الهضاب الصخرية الممتدة بمساحة تقدر ب (1كم) تقريباً، وتقع وسط مساحة شاسعة مستوية من أراضي وادي مور، وكانت لجبل الملح أهمية كبيرة لدى العثمانيين أثناء حكمهم الثاني في اليمن؛ بسبب وجود مناجم الملح الصخري التي كانت تمثل أحد أهم إيرادات منطقة تهامة اليمن، ونظراً للأهمية المذكورة قام العثمانيون بتحصين المواقع المطلة على تلك المناجم ودعمها بحاميات عسكرية من أجل حمايتها وكذا حماية طريق قوافل البضائع والجنود العثمانيين أثناء تنقلهم في منطقة وادي مُور والطريق الذي يربط بين مدينتي الزهرة واللّحية.

مواد البناء وأسلوبه في قلعة جبل الملح

المواد التي استخدمت في بناء قلاع جبل الملح هي نفسها التي أنشئت بها قلعة الزيلعي بمدينة الأحية، وذلك لأن الشريط الساحلي الممتد من منطقة ميدي إلى اللُحية يحمل الخصائص الطبيعية المكونة لجيولوجية منطقة جبل الملح نفسه، أما عن أسلوب البناء المتبع في بناء قلعتي جبل الملح فقد جاء مشابهاً للأسلوب المتبع في بناء قلعة الزيعلي باللُحية والمعتمد بشكل رئيسي على الحجارة الرملية ذات اللون المائل إلى الأصفر وغير المشذبة بشكل نهائي، حيث وضعت على شكل صفوف في وجهي الجدار ثم ملئ الجزء الأوسط بالحجارة الصغيرة والجير مع استخدام الطين الجبسي كمادة لاصقة بين صفوف البناء.

وقد ساعد منشئي هاتين القلعتين وجود طبقات الغرين والطين والجبس في جبل الملح نفسه وفي الأراضي المحيطة بها، والتي استخدمت في كساء الجدران الخارجية والداخلية للقلعتين، وقد تعرضت طبقة الكساء المذكورة للتشقق وبعض منها سقطت بفعل الرياح ويرجع السبب في ذلك إلى ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة في منطقة تهامة خلال النهار وتحولها في الليل إلى هواء بارد لاسيما، وأن القلعتين تقعا على سفح هضبتين جبليتين، وهذا التفاوت الكبير في معدلات الحرارة والرطوبة خلال اليوم الواحد بالإضافة إلى مرور فترة زمنية كبيرة لم تتم فيها عملية ترميم للقلعتين أدى إلى تعرض طبقة الكساء إلى التساقط.

القلعة الغربية في جبل الملح

تقع القلعة الغربية على سفح إحدى هضاب جبل الملح التي يطلق عليها محلياً اسم (مبروك)، وتبعد عن القلعة الجنوبية الموجودة في جبل الملح نفسه بحوالي (800م) ترتفع عن سطح الوادي بنحو (100م) تقريباً، وتحيط بالقلعة من الجهات: الغربية والشمالية والجنوبية ثلاثة أبراج دفاعية بواقع برج في كل جهة تشكل نسقاً دفاعياً أولياً للقلعة، والهدف من بنائها هو رصد حركة مهاجمي القلعة من الجهات المذكورة قبل وصولهم إليها ومراقبتهم.

تتألف القلعة الغربية بجبل الملح من مساحة مستطيلة متعددة الأضلاع؛ يبلغ أقصى امتداد لمساحتها من الشرق إلى الغرب نحو (32م) ومن الشمال إلى الجنوب نحو (15.60م)، وتضم القلعة فناءً واسعاً وحجرتين يلتصق بهما سلم صاعد وساحة للمدافع وثلاثة مراقب وصهريج لحفظ الماء وتخزينه، والوحدات المعمارية والدفاعية المذكورة تشبه مثيلاتها في القلعة الجنوبية الشرقية في جبل الملح نفسه؛ سواءً من حيث وظائفها أو تقنية بنائها وهذا يبين لنا أن كلتي القلعتين أنشئتا في فترة زمنية واحدة.

يتم الصعود إلى القلعة الغربية بجبل الملح عبر طريق صاعد شق في الجانب الجنوبي من هضبة الجبل نفسه، وقد قام المعماريون ببناء جدران في الأماكن المنخفضة من سفح الجبل وذلك من أجل الحصول على مستوى واحد لنهايات واجهات القلعة حتى تصبح أكثر جمالية، ونتيجة لذلك فرض الموقع الطبوغرافي لسفح هذه الهضبة وجود واجهتين كبيرتين للقلعة هما الشمالية والجنوبية، حيث تمتد كل واحدة منهما بمسافة (32م)، وواجهتين صغيرتين هما الشرقية والغربية، ويبلغ امتداد الأولى نحو (13.80م) والثانية نحو (15.60م)، ويدعم جدران القلعة من الخارج جدار ساند مشطوف من أعلاه يبلغ سمكه (70سم).

أما الواجهة الشرقية ترتفع  عن سطح أرضية القلعة بحوالي (7م) وهي تضم الجدار الشرقي لكتلة البوابة الذي يتخلله مدخل بسيط معقود يبلغ اتساعه نحو (1.80م) وارتفاعه (2.90م)، وفي الجهة الجنوبية من الجدار نفسه فتحت ثلاث نوافذ في المرقب الجنوبي الشرقي كما يتخلل هذه الواجهة أيضا العديد من فتحات إطلاق نيران البنادق (مزاغل).

أما الواجهة الشمالية تتألف من الجدار الخارجي لدركاة البوابة التي تضم نافذتين واسعتين يليها من الجهة الغربية سور الفناء يمتد بمسافة (31.30م) ويبلغ متوسط ارتفاعه نحو (3م)، كما تتخلله العديد من فتحاف الرماية.

المصدر: موسوعة العمارة الإسلامية في مصر/تأليف الدكتور محمد حمزة إسماعيل حداد/الطبعة الأولىدراسات في العمارة العثمانية/تأليف الدكتور عبد الله عطية عبد الحافظ/الطبعة الأولىالعمارة الإسلامية في أوروبا العثمانية/تأليف الدكتور محمد حمزة إسماعيل حداد/2002 ميلاديعمارة المساجد العثمانية/ تأليف زين عابدين/الطبعة الأولى


شارك المقالة: