ما هو التتابع الصخري؟

اقرأ في هذا المقال


التتابع الصخري:

ويقصد بذلك تتابع الطبقات الصخرية في الموقع الواحد. وينطبق ذلك بشكل خاص على الصُخور الرسوبية. ويمكن دراسة التتابع الصخري لأيَّة منطقة من خلال الأعمدة الجيولوجية أو مقاطعها الجيولوجية. ويكتسب التتابع الصخري أهميته الجيومورفولوجية من خلال ما يلي:

  • تنوع وتعدد الطبقات الصخرية المتتالية: توضع الطبقات الصخرية (الرسوبية) فوق بعضها بفعل تكرار عمليات الترسيب في ظروف مناخية مختلفة. ويمكن أن تمثل كل طبقة صخرية الظروف المناخية التي سادت أثناء وضعها، التي تتراوح ما بين المناخ الرطب أو المناخ الجاف.
    وتنعكس اَثار التغيرات المُناخية في تنوع وتعدد الطبقات الصخرية؛ بحيث يضاف طبقة صخرية مميزة في الظروف المناخية المتشابهة. فعندما سادت ظروف مناخية رطبة، مثلاً في عصر الكريستاسي الأعلى، غَمر بحر تيش مساحات قارية واسعة وكَوَّنت توضعاته الرسوبية طبقة من الصخر الجيري في الأردن تعود إلى هذا العصر.
    ويمكن الربط بين عدد طبقات الصخر الجيري وحالات تقدّم بحر تيثس، عبر العصور الجيولوجية المتعاقبة. وينطبق الشيء نفسه على تكوينات الصخر الرملي الملوّن، الذي يرتبط تكوّنه بانتشار ظروف الجفاف. وتراجع بحر تيثس في عدة عصور جيولوجية مثل الكمبري والأردوفيشي والترياسي. ويمكن أن تضاف إلى هذه الطبقات الصخرية المرتبطة بتغيرات مناخية قديمة طبقات صخرية انتقالية، تمثل أسطحها العليا مخلفات عمليات تجوية وحتّ أو ترسيب مختلفة.
  • اختلاف سُمك الطبقات الصخرية: يختلف سُمك الطبقات الصخرية المتعاقبة، حيث يمكن أن يرتبط ذلك بطول الزمن الذي استمرت فيه عمليات الترسيب، أو تعرضت خلاله لعمليات الحت. ومع الأخذ بعين الاعتبار تأثير التنوع الصخري، فإن استمرار عمليات الترسيب لفترة 90 مليون سنة (أمد العصر الكمبرى)، لا شك يساهم في تكوين طبقة صخرية أكثر سُمكاً؛ ممّا يمكن أن ينتج عنها خلال فترة 35 مليون سنة (أمد العصر الترياسي). وينطبق الشيء نفسه على باقي العُصور الجيولوجية التي تختلف في أطوالها، ما لم تكن أي من هذه التكوينات قد تعرّضت لعمليات حت عبر الزمن.
    كذلك فإن طبيعة بيئة الترسيب تساهم في تحديد الطبقات الصخرية، فيما إذا كانت حوضية أو منخفضة أو مستوية أو كانت مائية أو قارية. وأن تجمّع الرواسب في بيئات منخفضة أو حوضية وعميقة نسبياً (كالبحيرات أو القيعان الصحراوية)، يمكن أن يساهم في زيادة سُمك الطبقات الصخرية، فيما يعمل اتساع وامتداد بيئة الترسيب فوق مساحات واسعة قليلة التضرس، على تناقص هذا السُُّك، كما هو الحال بالنسبة للصُخور القارية التي تم ترسيبها أساساً بفعل الرياح.
  • وجود أسطح تطبق: يرتبط تطبق الصُخور الرسوبية بوجود أسطح التطبق التي تفصل ما بين الطبقات الصخرية المختلفة. ويمكن أن تشكّل هذه الأسطح بيئة التقاء المياه المتسربة عبر الصخُور مجمعة عندها نتاج الطبقات الصخرية، التي تعلوها وتلك التي تقع أسفل منها؛ ممّا يؤدي في النهاية إلى اتساع أسطح التطبق وذلك على حساب سُمك الطبقات الصخرية المتعاقبة.
  • ميل الطبقات الصخرية: يمكن أن تختلف الطبقات الصخرية في ميلها من حيث الدرجة والاتجاه، فقد تمتد بشكل أفقي أو أحادي الميل أو ثنائية منتظمة الميل أو تمتد بشكل موازي أو غير منتظم، مُشكّلة إمّا أراضٍ مستوية أو مقعَّرة أو محدَّبة تمتد بمساحات مختلفة. ويعتمد ذلك على طبيعة وشدة الاضطرابات التكتونية التي تعرَّضت لها المنطقة.
  • تقطع الطبقات الصخرية التتابعة: يعكس التقطع الرأسي أو الإزاحة الرأسية للتكوينات الصخرية المتتابعة نشاط حركات صدعية رأسية متفاوتة؛ ممّا يؤدي إلى اضطراب تتابع هذه التكوينات الصخرية وتباين في معدل العمليات الجيومورفولوجية، التي تتعرّض لها التكوينات الصخرية المتجاورة؛ بسبب اختلاف صلابتها أو لِما ينتج عن ذلك من آثار مناخية.
    فالارتفاع النسبي للتكوينات الصخرية الضعيفة يزيد من قابليتها للتجوية والحت، كما تتعرّض لعمليات الهدم والإزالة بشكل مُتسارع كاشفة صخور تحتية أكثر مقاومة، تقع إلى جوار صُخور أقل مقاومة لهذه العمليات. ويمكن توضيح ذلك ممّا أدى إليه الوضع في وادي زرقاء ماعين بالأردن، حيث ارتفعت طبقات الصخر الرملي في الضفة الشمالية للوادي الحاملة للمياه الجوفية المعدنية الحارة، بما فوقها من صخور جيرية ضعيفة، في حين بقيت الضفة الجنوبية مستقرّة في منسوبها وغطَّتها قشرة بازلتية صلبة نسبياً وعزلت ما تحتها من صخور جيرية ورملية عن عوامل الهدم.
    ولقد انتهى التطور الجيومورفولوجي لهذا الوادي بِحَتّ الطبقات الجيرية وانكشاف الصُخور الرملية الحاملة للمياه الجوفية في الضفة الشمالية، في حين حافظت الضفة الجنوبية على صخورها ومنسوبها.
  • تباين طبيعة وحجم التشققات والمفاصل الصخرية: حيث تختلف الطبقات الصخرية في طبيعة وحجم الشتققات والمفاصل الصخرية، فبعضها يمتدد بشكل عشوائي بينما يتبع البعض الآخر أنماطاً هندسية.

المصدر: حسن أبو العينين/أصول الجيومورفولوجيا/1966.إبراهيم الخلايلة/الأشكال الأرضية البازلتية/1995.حسن سلامة/التحليل الجيومورفولوجي/1980.


شارك المقالة: